يعود قانون "فك الارتباط" إلى عام 2005، حين انسحب الاحتلال الإسرائيلي بشكل أحادي الجانب من قطاع غزة وأربع مستوطنات في الضفة الغربية. سياسياً، يستخدم مصطلح "فك الارتباط" للإشارة إلى تفكيك الوحدة الهيكلية بين كيانين أو أكثر، تمهيداً لانفصالهما.
على الرغم من دلالته السياسية، لا يعترف القانون بغزة أو الضفة كأراضٍ فلسطينية، بل يزعم أنها إسرائيلية. ومع ذلك، أعلن الاحتلال انسحابه من تلك الأراضي بهدف حماية المستوطنين مما وصف بالمخاطر الأمنية في ذلك الوقت.
وحالياً، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الأسبوع الماضي، إلغاء سريان قانون "فك الارتباط" بالكامل في شمال الضفة الغربية المحتلة، وجاءت خطوة غالانت التي وصفها بـ "التاريخية" بالتزامن مع إعلان النرويج وإسبانيا وإيرلندا، الأربعاء، الاعتراف "بدولة فلسطين".
يهدف هذا القرار بالمقام الأول إلى تطوير الاستيطان، كما أعلن الاستيطان، فمع إلغاء قانون "فك الارتباط" لم تعد المستوطنات مناطق عسكرية مغلقة وبات بإمكان المستوطنين العودة إليها دون الحصول على أمر عسكري، والذي كان يُطلب سابقا من قبل سلطات الاحتلال.
وهذا سيتيح العودة إلى مستوطنات "سانور" و"كاديم"، و "غانيم"، "وحومش"، التي تم إجلاء المستوطنين منها في عهد رئيس وزراء الاحتلال السابق أرييل شارون عام 2005.
يمكن قراءة هذا القرار وتوقيته كتحدٍ صارخ من الاحتلال الإسرائيلي للمجتمع الدولي بجميع مؤسساته وشعوبه، وإعلان واضح عن نسف أي اقتراحات لحل الدولتين التي بدأ بعض القادة الدوليين يروجون لها مؤخراً تحت ضغط الاحتجاجات والاعتصامات الطلابية التي تطالب بوقف الحرب واستعادة الحقوق الفلسطينية من فم الاحتلال الهمجي.
إضافة إلى ذلك، ربما يأتي القرار كمحاولة لاسترضاء اليمين المتطرف والمتظاهرين الإسرائيليين، الذين يطالبون بعودة الأسرى، ويرون أن بنيامين نتنياهو وقادة الاحتلال قد فشلوا في إعادة الأسرى أو تحقيق أي من الأهداف التي أعلنوا عنها في بداية الحرب.
يبدو أن هذه الخطوة تهدف إلى تأكيد وإظهار للعالم أن الاحتلال لن يتنازل عن عنجهيته ولا يهتم بقرارات المؤسسات الدولية وخصوصاً بعد قرارات محكمة العدل الدولية وقرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
إن تجاهل الاحتلال لأي محاولات دولية لوضع حد للإبادة الجماعية المستمرة في الأراضي المحتلة، لا يهدد الفلسطينيين وحدهم بل يهدد العالم أجمع عن طريق ضرب شرعية المؤسسات الدولية مما سيسمح بتداعيات ربما لا يأخذها العالم في الحسبان اليوم.
وبالعودة لتداعيات إلغاء فك الارتباط، سيسمح ذلك بإضافة مستوطنات جديدة شمال الضفة الغربية بدون أذونات عسكرية. وسيعمل على استهداف الاحتلال للمقاومة في الضفة الغربية إذ سيقطّع مدينة جنين لكانتونات صغيرة تمنع تمدد خلايا المقاومة،سعياً منه لقتل أي فرصة لقيام دولة فلسطينية ذات سيادة.
ويرى باحث في معهد للبحوث الأمنية، "يوحنان تسوريف"، "أن قرار إلغاء سريان قانون فك الارتباط بشمال الضفة الغربية، جاء بعد ضغوط من أحزاب يمينية إسرائيلية دعت إلى إعادة الأوضاع إلى ما قبل 2005 علماً أن السلطات الإسرائيلية منعت المستوطنين من دخول تلك المستوطنات في شمال الضفة الغربية، في إطار خطة أقرت الانسحاب من غزة ومن تلك المناطق عام 2005".
وبحسب تقديرات صحفية، هناك أكثر من 500 ألف مستوطن يهودي يعيشون حالياً في الضفة الغربية، وهي جزء من الأراضي التي احتلها الاحتلال الإسرائيلي في حرب عام 1967، بالإضافة إلى 200 ألف آخرين يعيشون في القدس الشرقية".
ورغم أنه لا يوجد أي إحصاءات رسمية توضح عدد المستوطنين المتوقع عودتهم إلى هذه المستوطنات بعد إلغاء فك الارتباط، إلا أنه يمكن القول إنها بداية لنوع جديد أعنف من الاستيطان الموجود بالفعل منذ عقود، لكنه يتطور في أشكال جديدة بهدف الاستئصال الكامل لأي وجود فلسطيني على الأراضي المحتلة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.