“اقتلوهم في أرحام أمهاتهم”.. هكذا تأسست إسرائيل على فكرة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين

عربي بوست
تم النشر: 2024/05/25 الساعة 11:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/05/25 الساعة 11:39 بتوقيت غرينتش
علم دولة الاحتلال الإسرائيلي/shutterstock

تم إنشاء إسرائيل بدعم غربي قبل ستة وسبعين عاماً، واعتمدت منذ البداية على روايات ومقولات زائفة لاحتلال فلسطين، واستخدمت القوة العسكرية وارتكاب المجازر لتهجير أهلها الآمنين وترويعهم، ومن ثم انتهجت إسرائيل سياسات ممنهجة لتهويد الزمان والمكان، وبهذا قامت إسرائيل على فكرة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.

الأمم المتحدة والإبادة الجماعية

أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قرارها 96 (د – 1) المؤرخ في الحادي عشر من كانون الأول/ديسمبر عام 1946 أن الإبادة الجماعية جريمة بمقتضى القانون الدولي، تتعارض مع روح الأمم المتحدة وأهدافها ويدينها العالم المتمدن، وتضمن القرار تسع عشرة مادة قانونية، والإبادة الجماعية هي التدمير المتعمد والمنهجي لمجموعة من الناس بسبب عرقهم أو جنسيتهم أو دينهم أو أصلهم. وتعتبر المادة الأولى الأهم، حيث صادقت عليها الأطراف المتعاقدة بما فيها إسرائيل التي باتت طرفاً في عام 1950، حيث أكدت أن ارتكاب الإبادة الجماعية في أيام السلم أو أثناء الحرب، هي جريمة مكتملة الأركان بمقتضى القانون الدولي، وتتعهد بمنعها والمعاقبة عليها.

والسؤال المطروح: هل ارتكبت إسرائيل عمليات إبادة جماعية؟ لم تكن عمليات الإبادة الجماعية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة وليدة اللحظة الراهنة، بل أسس لها بناة إسرائيل الأوائل، حيث قال بن غوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل: "إن الوضع في فلسطين سيسوى بالقوة العسكرية"، لتكون دالة وإشارة وانطلاقاً لارتكاب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني.

تداعيات الإبادة الجماعية

ارتكبت المنظمات الصهيونية المسلحة الهاغانا والأرغون وغيرها عشرات المجازر بحق المدن والقرى الفلسطينية، الأمر الذي أدى إلى طرد 850 ألف فلسطيني إلى خارج وطنهم فلسطين خلال عامي 1948 و1949، ليصبح عددهم الآن عام 2024 نحو سبعة ملايين لاجئ فلسطيني، واحتل الجيش الصهيوني الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة في يونيو/حزيران 1967، وتم طرد 450 ألف فلسطيني ليصبحوا نازحين ويصل عددهم الآن إلى نحو مليوني فلسطيني؛ وبطبيعة الحال قتلت العصابات الصهيونية والجيش الإسرائيلي خلال العامين المذكورين الآلاف من الفلسطينيين العزل والآمنين في بيوتهم.

ولم تتوقف سياسات إسرائيل عند الحد المذكور، بل قامت بعمليات اغتيالات منظمة للعديد من سفراء فلسطين ومثقفيها في الخارج وحتى لعرب وأجانب مناصرين للحق الفلسطيني. ولم تنتهِ فصول الاغتيالات التي تقوم بها الأذرع الأمنية لإسرائيل، حيث استخدمت الإرهاب والمجازر كأدوات لإبادة الفلسطينيين وتدمير ممتلكاتهم جنباً إلى جنب مع عمليات اعتقال مزيد من الفلسطينيين، حيث وصل عدد الأسرى الفلسطينيين منذ عام 1965 إلى مليون فلسطيني واستشهد المئات منهم تحت التعذيب في السجون والزنازين الإسرائيلية.

استمرار عمليات الإبادة

في الوقت الذي يقوم فيه الجيش الاسرائيلي منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي في ارتكاب أفظع المجازر بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، والتي ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى وتحت الأنقاض، لم يتوقف قادة سياسيون وعسكريون وحاخامات إسرائيليون عن تصريحات تدعو إلى قتل وإبادة الفلسطينيين وتدمير منازلهم وتهجيرهم، لتكتمل أركان الإبادة الجماعية للفلسطينيين على مدار الساعة. وفي هذا السياق دعا الحاخام اليهودي الإسرائيلي الأكبر لمدينة صفد في الجليل الفلسطيني المحتل شموئيل إلياهو إلى "أن قتل الفلسطينيين والانتقام منهم هو فريضة دينية تدعو إليها التوراة"، واصفاً الفلسطينيين بالوحوش البشرية" وأبعد من ذلك ثمة دعوات من قبل حاخامات يهود إسرائيليين آخرين إلى قتل الفلسطينيين في أرحام أمهاتهم، وفي الاتجاه نفسه أشار وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير مراراً إلى دعمه لفكرة إعادة توطين الفلسطينيين من قطاع غزة في الخارج، معلناً أن الحرب تمثل "فرصة للتركيز على تشجيع هجرة سكان غزة".

الدعوة للإبادة

أما وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو فأكد في تصريحات عديدة بضرورة ضرب غزة بالنووي، مؤكداً بذلك أن إسرائيل تمتلك خياراً نووياً وقنابل نووية، اعتبر الرئيس الإسرائيلي، إسحق هرتسوغ الذي لا يتمتع بسلطات تنفيذية أن المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة ضالعون في الحرب، وقال: "هناك أمة كاملة تتحمل المسؤولية"، في إشارة إلى مدنيي القطاع، مضيفاً: "ليس صحيحاً أن المدنيين غير ضالعين في الأمر"، في إشارة إلى عدم الوقوف ضد صد من ارتكب عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي ضد المستعمرات ومعسكرات الجيش الإسرائيلي المحصنة في غلاف غزة، والتي كشفت هشاشة التجمع الاستعماري الإسرائيلي على كافة المستويات الأمنية والعسكرية والسيبرانية؛ ومحاولة لإعادة هيبة الجيش الإسرائيلي؛ وصف وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت منذ بداية العدوان الإسرائيلي أهالي قطاع غزة بالحيوانات البشرية وداعياً في الوقت ذاته إلى فرض حصار اقتصادي كامل ليطال كافة مناحي الحياة في قطاع غزة: التعليم والصحة والغذاء والماء والدواء وسيارات الإسعاف والدفاع المدني، وتقوم إسرائيل بذلك عبر استخدام كافة صنوف أسلحتها، ليسقط الآلاف من سكان قطاع غزة بين شهيد وجريح وتحت الأنقاض، جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وبين تصريحات القادة الإسرائيليين التي تؤكد على القتل والتهجير واستخدام إرهاب الدولة المنظم إزاء الشعب الفلسطيني داخل فلسطين التاريخية وفي المهاجر؛ تكتمل الصورة لجهة اعتبار إسرائيل دولة أبارتايد ارتكبت عملية إبادة جماعية مكتملة الأركان إزاء الشعب الفلسطيني ويجب معاقبتها في المحاكم الدولية ذات الصلة.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

نبيل السهلي
كاتب فلسطيني مقيم في هولندا
كاتب فلسطيني مقيم في هولندا
تحميل المزيد