"لن يمنعنا أحد.. لا الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا أي هيئة أخرى من حقنا الأساسي في الدفاع عن النفس".
تزامناً مع الذكرى السادسة والسبعين للنكبة، اختار رئيس الكيان الإسرائيلي المحتل "نتنياهو"، أن يعلن تنكره لهيئة الأمم المتحدة بهذا التصريح، بعد عمر من التآلف والتوافق في التآمر المشترك على الشعب الفلسطيني، الذي غمر طوفان دمائه أروقة الهيئات الدولية، ويكاد قريباً أن يغرقها.
في صبيحة السابع من أكتوبر دقت طبول الحرب، لكنها بإيقاع غير مألوف ولا معروف، فالجوقة الفلسطينية عزفت هذه المرة على إيقاع الثورة العالمية، ضد نظام دولي صار جلياً للعالم أنه تحت وطأة قوى الصهيونية العالمية المستبدة.
وفي ظل الحديث عن الصهيونية والاستبداد والثورة والحرب والنظام الدولي، لابد أننا نتحدث عن شيء اسمه هيئة الأمم المتحدة.
بيت صناعة وإدارة الحروب والأزمات العالمية
حيث كانت البداية بالخطيئة يوم أنهيت الحرب العالمية الأولى باتفاق استسلام سمي زوراً باتفاق سلام كان قد وُلد من رحم الخراب والاغتصاب تحت مسمى "عصبة الأمم " التي بُنِيَ بيتها على شفى جرف هار فانهار بها وبالعالم في حرب كونية ثانية كانت هي الأبشع في تاريخ البشرية الحديث.
وعلى أنقاض الدمار الذي خلّفته الحرب العالمية الثانية أعاد المنتصرون الكرّة مرة أخرى، بإنشاء هيئة يزعمون أنها أكثر نضجاً وحكمة من سابقتها المنهارة، وأسموها هيئة الأمم المتحدة، ورفعوا لها شعارات مدينة أفلاطون الفاضلة.. "السلام والكرامة والمساواة على كوكب ينعم بالصحة".
ثم ألزموها بأنبل المهام متمثلة في صون السلم والأمن الدوليين وحماية حقوق الإنسان وإيصال الإغاثة الإنسانية وتعزيز التنمية المستدامة واحترام القانون الدولي.
وعلى النقيض تماماً من هذه المبادئ المثالية، انبرت هيئة الأمم المتحدة بمؤسساتها الخمس في مأسسة الإمبريالية الأمريكية وقوننة الهيمنة الغربية، وشرعنة الصهيونية العالمية، وسرعان ما أنجبت من رحمها الآثم، ذلك الطفل غير الشرعي، المسمى دولة إسرائيل .
حيث اتضح جلياً أن ميثاق الأمم المتحدة ومن خلفه كل المواثيق العالمية والدولية، أبرمت تحت سقف لا يجاوز موطئ الأقدام الصهيونية العابثة خراباً في العالم.
وبعد بلوغ هذه الهيئة الوالدة المولودة من رحم الصهيونية العالمية عقدها الثامن.
تفطن العالم للنبوءة الشهيرة في التراث اليهودي، فصحت شعوب العالم الحرة على حقائق صادمة وخبايا مدفونة، جرفها طوفان الأقصى وأخرجها للعالم أجمع في مشاهد وعي مخضبة بالدماء.
إنها الثورة العالمية التي لا تشبهها أي ثورة
هي ليست كتلك التي نادى بها ماركس لتغيير وضع المستضعفين تحت شعار ياعمال العالم اتحدوا، بل ثورة اليوم عالمية لإنقاذ الكينونة والهوية البشرية تحت شعار: يا أحرار العالم اتحدوا.
وإذا اعتبرنا مفهوم الثورة في العلوم السياسية هو التحول السريع والجوهري لكيان حاكم، باندفاع جماهيري يحركه الغضب وعدم الرضا أو التطلع إلى الأفضل.
فإن العالم اليوم تجاوز مرحلة الغضب بأميال سياسية، تبلورت لقناعات فكرية ومسارات أيديولوجية متمردة على متاهة إنسان ما بعد الحداثة المتحرر من آدميته.
وفي حين كانت قوى الصهيونية العالمية تعتقد أنها أتمت مهمتها بنجاح في هندسة إنسان ما بعد الحداثة من جيل زد (z)، وقيدته بلعبة القانون الدولي، تجيش لها طلاب هذا الجيل باسم ذات المواثيق والعهود والتشريعات التي بقيت على مدار أجيال تتعرض لإعادة التدوير والتحوير داخل أروقة هيئة الأمم المتحدة بلا رقيب ولا حسيب.
واشتعلت الحرب بين المشرع الأمريكي الرسمي المقيد بأغلال الصهيونية المهيمنة داخل الكونغرس، والمشرع الأمريكي الطالب الأخلاقي المتحرر من كل قيد داخل الجامعة.
وفوق كل القوى العالمية الإمبريالية والدول المهادنة والأخرى الرافضة، طغى طوفان الفكرة الأصيلة لميثاق الأمم المتحدة على السقف الذي سجنت فيه داخل قاعة هيئة الأمم المتحدة.
وعلى مشهد مندوب الاحتلال الإسرائيلي وهو يمزق ميثاق هيئة الأمم المتحدة مغتاظاً من الاعتراف بدولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
تتابع البشرية في دهشة وذهول المشهد الأخير لغرق فرعون القرن المسمى هيئة الأمم المتحدة.
ولحن الجوقة الفلسطينية يعزف لكل أحرار العالم على إيقاع الثورة العالمية.
تعالوا لنمشِ خلف جنازة الاحتلال الإسرائيلي المحمول في تابوت هيئة الأمم المتحدة على أكتاف أحرار العالم المستضعفين المضطهدين الثائريين.
ولتسمعوا صرختي في تأبينية تحت قبة البرلمان الجزائري أن يا معشر البرلمانيين والمشرعين في العالم احملوا دساتير دولكم على رؤوسكم، واجعلوا لوائح هيئة الأمم المتحدة تحت أقدامكم.
ويا أحرار العالم اتحدوا..
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.