المقاطعة هي حركة طوعية عالمية فلسطينية تدعم القضية الفلسطينية بشكل سلمي، تهدف إلى إضعاف الكيان الإسرائيلي ومن يدعمه اقتصادياً وأكاديمياً وثقافياً وسياسياً، وهي من أكبر الأخطار الاستراتيجية المحدقة بالكيان.
منذ بداية الحرب على غزة حملة المقاطعة مستمرة بازدياد، ونشر المنتجات المقاطعة والرموز الثقافية وكل ما له علاقة بدعم إسرائيل آخذ بالازدياد والانتشار عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، وها نحن بعد ما يقارب 8 أشهر من الحرب هناك شركات عالمية كبرى داعمة للكيان صارت تعاني، وهذا دليل قوي على مدى قوة المقاطعة وأهميتها.
للأسف لا يزال هناك بعض المشككين في أثر المقاطعة وأهميتها، من الناحية الشرعية فقد أفتت مجموعة من العلماء المعاصرين بوجوب المقاطعة، فهي باب للمجاهدة بالمال، أضعف الإيمان لنشعر أننا نفعل شيئاً من أجلهم، إن مللت المقاطعة بعد كل تلك الشهور، فإن العدو الإسرائيلي لم يمل من قتل أشقائنا الغزيين وذبحهم وتقطيع أوصالهم وتهجيرهم من مكان لآخر، لم يمل من التنكيل بأطفالهم، وتشتيت شملهم، وتجويعهم وتعطيشهم، عندما تقبل على شراء شيء يدعم أو متابعة مشهور يدعمهم أو حتى لا يتحدث عنهم كمن أصابه الصمم والخرس، تذكر دمهم الذي يسفك بلا رحمة، والبيوت التي هدمها الكيان على رؤوس قاطنيها، الأم الثكلى التي تحمل جثث أطفالها، والأب الذي ما زال لا يصدق موت أبنائه، أطرافهم المقطوعة وجراحهم التي تنزف دون مُداوٍ، تذكر مع كل قرش تدفعه أنك تدفع ثمن المدفع والبارود الذي يدمي أجسادهم، والنار التي تحرق قلوبهم.
قاطع واحتسبه جهاداً في سبيل الله، إذا حرمت نفسك طوعاً من شيء تحبه وعندك البديل، فهم محرومون كرهاً ولا يوجد بديل، إن حجم الألم كبير، والمعاناة فظيعة، لقد مر عليهم ما لم يمر على إنسان من المر والقهر والعلقم، هم إخوتنا وإذا كنت تشعر بما يعانونه ستقاطع حتماً، كان الله في عونهم، لا ماء ولا غذاء ولا دواء، ولو كان بإمكان الاحتلال الغاشم قطع الهواء عنهم لفعل، دمره الله وقطع أوصاله.
أصوات أطفالهم والأمهات لا تفارق كل ذي ضمير، وماذا فعلوا ليعاقبوا بكل هذا الألم والوجع؟ يطالبون بحقوقهم الشرعية والإنسانية، لم يفعلوا شيئاً ليستحقوا كل هذا الظلم، المقاومة هي حقهم الطبيعي والمشروع ككل الشعوب الحرة.
الأدهى والأمر الصمت الدولي والنفاق العالمي، حسبي الله ونعم الوكيل، اللهم ثبتهم وسدد رميهم، إن لم تقاطع حتى هذه اللحظة فمتى ستقاطع؟ إنه أضعف الإيمان، وإن مللت المقاطعة فهم لم يملوا الصبر والشكوى إلى الله، فلا تكن ممن يشتكونك، وخذ الموضوع بحزم وجدية.
منذ بداية الحرب لم أشأ الكتابة عنها حتى تنتهي، لم أحسب أن تطول هكذا، وكنت أعتقد أنها ستمر بأيام ككل مرة، ولكن هذه المرة طالت وصعبت، ولا نعرف متى ستنتهي، لكن ما نعرفه أنها نكبة أخرى وعذاب لشعب لا يستحق إلا العيش بكرامة وحرية، من بيوتهم أخرجوهم ليعيشوا في خيمة أو أشلاء خيمة، لن أطلب من العالم الآثم أن يتحرك لاستئصال هذا الورم الخبيث والكيان الغاصب، فالعالم يتحرك حسب مصالحه، وليس حسب ما تقتضيه الإنسانية، ولكني أطلب من كل ذي ضمير حي، فعل ما بوسعه ليقدم شيئاً لهذا الشعب المنكوب، وأبسط ما نستطيع فعله هو المقاطعة، لا تمل فهم لا يملون، حتى بعد انتهاء الحرب وإن شاء الله نهايتها قريبة، مادام هذا الكيان موجوداً قاطع كل ما يغذيه ويزيد قوته، هذا اختبار لنا عسانا ننجح فيه.
هل مللت من المقاطعة؟!
كيف تدعو لهم بالنصر بكلتا يديك وبنفس تلك الأيدي تدفع من أموالك لتقهرهم وتساند عدوهم؟! لا تناقض نفسك ولا تكن ازدواجياً كهذا العالم مزدوج المعايير، قاطع وتذكر حجم ألمهم ومصيبتهم، وادعُ الله لهم كثيراً.. اللهم صبر أهل غزة وفرج همهم وداوِ مرضاهم واشفِ جرحاهم وارحم شهداءهم، اللهم فرجاً من عندك.
قاطع ولا تمل المقاطعة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.