في وقت من الأوقات كنت أعتبر الممثلة الأمريكية جينفير لورانس ممثلتي المفضلة، خاصة في ذلك الوقت المتعلق بسلسلة أفلام The Hunger Games حيث تخوض شخصيات منكوبة حربا دامية داخل غابة معزولة من أجل البقاء على قيد الحياة، في نفس الوقت يشاهدهم الأثرياء ويستمتعون بالعرض الذي يقدمونه. لربما ثنائية الحرب والمشاهدة هي المحتوى الشائع في هذا العصر داخل هذا العالم المجنون.
تقول جينيفير في أحد خطاباتها التحفيزية أمام أنظار المشاهير والصحفيين: "ليس من السهل الخروج والحديث عن الأمر، ليس من السهل أن تواجه الانتقادات من جميع النواحي، و لكن في حقيقة الأمر لقد تم منحي شهرة ومكانة مرموقة إذا لم أستعملها بالشاكلة الصحيحة فأنا لا أستحقها إذا.
لقد أقسمت ألا أكون صامتة على ما يحدث عندما يعاني البشر من الألم والمهانة، يجب علينا دائماً أن نتخذ الجانب الصحيح لأن الحياد يدعم الظالم وليس الضحية، الصمت يشجع الجلاد على تعذيب ضحيته ولهذا يجب علينا التدخل عندما تكون كرامة الإنسان على المحك، سواء كان رجلا أو امرأة يعانون الاضطهاد بسبب أعراقهم وأديانهم أو حتى مواقفهم السياسية، يجب علينا أن نجعل ذلك مركز الحديث وألا نسكت حوله".
صفق الجمهور ل"جينيفير" وتأثروا بكلماتها القوية والصادقة ونالت استحسان العامة والإعلام وكل من سمع خطابها آنذاك في سنة 2017.
السخيف في كل هذا أن ذلك الخطاب لم تعمل به هذه الممثلة في ظل الأوضاع الصعبة في غزة التي جعلت من كرامة الإنسان وأحقيته في العيش مهدورة وأضحى بلا قيمة.
لم تكلف "جينيفير" نفسها أن تعمل بخطابها التحفيزي ولو لمرة واحدة في حياتها، لأن ما تفوهت به يغاير تماماً معدنها الحقيقي، هي ليست بمناضلة من أجل حقوق الإنسان ولا تهتم حتى بمثل هذه الترهات في عصر التنكر، حيث تصدير كلمات واهية لا علاقة لها بحقيقتها.
حينما يتعلق الأمر بالسمعة والشهرة والمال يفقد الإنسان جميع مبادئه "هذا إذا كان يملكها أساسا"!
الأمر الذي يجعلني أتساءل لماذا يجب علي أن أصنع من هذه الحمقاء ممثلتي المفضلة؟ لأنها متحدثة جيدة وفاشلة عملياً؟ لأن مكانتها أهم بكثير من أرواح البشر؟ أو لأن العروض التسويقية أغلى من عرض العيش على البسيطة بكرامة ومبادئ؟! كل هذه التساؤلات لا تهم بقدر ما يهم ألا ينساق الإنسان وراء خدع المشاهير الذين يدعون المثالية ولا يعملون بها، بالأحرى لا يجب على الإنسان أن يتخذ من إنسان آخر مصدر إلهام واقتداء به، خصوصا إذا كان ذلك الإنسان بدون مبادئ.
مرت سبع سنوات أو أكثر على الخطابات التافهة والادعاءات الزائفة، مرت سنين عدة ولا يزال البشر عبيداً لإله الدولة الملحدة، ويستمر الزمن حيث تنقسم الحياة إلى عالمين متوازيين: الأول يعيشه السفهاء، والثاني يموت فيه البؤساء.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.