الهروب إلى الأمام.. لماذا يستمر العديد من القادة الغربيين في دعم إسرائيل؟

عربي بوست
تم النشر: 2024/04/10 الساعة 16:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/04/10 الساعة 16:03 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير خارجية أمريكا/رويترز

في مسار متذبذب بين السرعة والبطء، تسير منطقة الشرق الأوسط منذ عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، نحو تحولات دراماتيكية قد تصل إلى نشوب حرب إقليمية، وفي أشد توقعاتها خطورة، إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة.

الاحتلال الإسرائيلي، جنبا إلى جنب مع حلفائه الذين منحوه دعماً غير محدود لحرب الإبادة الجماعية التي شنها على غزة، يجد نفسه، بعد مرور سبعة أشهر على الحرب، في ورطة لم تكن في الحسبان؛ فآلياته العسكرية والاستخباراتية وحتى الإعلامية لم تُحقق أهدافها. بدلاً من ذلك، كشفت المقاومة الفلسطينية عن مدى صلابتها واستمرارها في كسب دعم شعبي وسياسي متزايد لقضيتها العادلة على مستوى العالم، ما يُعمق من عزلة تل أبيب وحلفائها عالمياً.

في مواجهة هذا الطريق المسدود، اتجه الداعمون الغربيون لإسرائيل، وبشكل خاص، نحو التصعيد ضد عدة أطراف بالمنطقة؛ في محاولة لـ"الفرار إلى الأمام". يأملون أن يسهم هذا التوجه في تغيير قواعد ومعادلات المواجهة، وتوسيع نطاقها، وضمان مشاركة عسكرية مباشرة من جانب القوى الغربية الحليفة في عدة جبهات، ويرون في هذا السبيل فرصة لتعزيز احتمالات الانتصار، الذي يبقى، حتى بعد نصف عام من القتال، هدفاً بعيد المنال.

لكن الجديد اليوم، أنه ضمن صفوف هؤلاء الساعين لتوسيع نطاق الحرب، يوجد من يتنبأ بأن هذه المغامرة ستبوء بالفشل، محذرين من إمكانية تكبد خسائر فادحة فيها. إذ تأتي تجربة الحرب بأفغانستان في الذاكرة الحية كدليل على موقفهم، كما يذكر الصحفي والمحلل السياسي البريطاني، ديفيد هيرست، في مقال له: "بعد مرور ستة أشهر، فإن الهيكل الذي سمح للقوات الإسرائيلية بارتكاب أعمال قتل وتدمير واسعة النطاق في غزة، يبدو الآن مُهدداً بالانهيار".

هذا التحليل يسلط الضوء على الوضع المتأزم في الشرق الأوسط لإسرائيل وداعميها، مؤكداً تعقيدات الحرب اليوم  والتحديات الإقليمية والعالمية التي تواجه الغرب فيها.

فالزعماء الغربيون الذين قدموا المجازر بوصفها جزءاً من حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، يدركون أنهم في مأزق شديدٍ اليوم، فكل الحجج التي استخدموها لمواصلة هذه المذبحة تنهار بين أيديهم، بداية من الزعم بأن هذه المذبحة في غزة حرب عادلة، وأنه يجب السماح للاحتلال الإسرائيلي بـ"إنهاء المهمة"، وأن التدابير المتخذة متناسبة، وحتى إن الإجراءات القانونية في محكمة العدل الدولية يمكن تجاهلها، بينما يمكن للمملكة المتحدة والولايات المتحدة أن تلقيا اللوم وتغضبا قليلاً ببعض التصريحات على رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وفي الوقت ذاته تواصل دعمه بالسلاح لإبادة الفلسطينيين أمام مرئ ومسمع من العالم.

و الغريب في الأمر أنه كلما حاول الغرب التملص من مسؤوليته عن الحرب وغسل يده من دماء الفلسطينيين يدين نفسه أكثر، فعلى سبيل الثال الاستنكار الغربي الأخير لاغتيال إسرائيل سبعة من موظفي الإغاثة في منظمة المطبخ المركزي العالمي، يبدو ضئيلاً مقارنة بِصَمتهم المطبق تجاه المذابح التي جرت على مدار ستة أشهر في غزة، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 33 ألف فلسطيني. هذه المجازر لم تكن فحسب، دليلاً جديداً على وحشية إسرائيل، بل تشير أيضاً إلى العنصرية المتأصلة في الغرب. أما عن طرف المقاومة ورغم التواطؤ العالمي ضدها، فما زالت أعقل وتدير حرب التحرير باتزان وباسلة ليس لهما نظير.

إن حرب غزة تغير المنطقة، وليست مبالغة أنها تغير الكثير في العالم، فمع تواطؤ الغرب مع إسرائيل أصبحت ديناميكيات الحرب تندمج  ضمن سياق صراع عالمي أوسع، متمثلاً في الحرب التي بدأت في 24 فبراير/شباط 2022 بشرق أوروبا. لذلك يرى الغرب، المشاركون بشكل مباشر أو غير مباشر في الصراع بين أوكرانيا وروسيا، يرون أنَّ فشل إسرائيل في إخضاع حركة المقاومة الفلسطينية بغزة سيمثل ضربة موجعة لهم، مما قد يهد هيمنتهم ويعيد تشكيل النظام العالمي الذي ساد منذ تسعينيات القرن الماضي وقواعده.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عمر نجيب
كاتب ومحلل سياسي مغربي
تحميل المزيد