معجزة الليغا.. كيف قاد شقيق غوارديولا فريق جيرونا الصاعد نحو تحدي الكبار في إسبانيا؟

عربي بوست
تم النشر: 2024/04/09 الساعة 08:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/04/09 الساعة 08:37 بتوقيت غرينتش
توني فيلا لاعب نادي جيرونا - shutterstock

رغم أن عمره يقترب من 100 عام، فإن جيرونا لم يُعرف بوهجه الكبير إلا منذ قرابة 6 سنوات تقريباً، وذلك حين صعد إلى دوري الدرجة الأولى الإسباني الليغا.

لم يكن فريق جيرونا بحاجة إلى تعريف نفسه، حيث استطاع من الموسم الأول له، وسط وحوش الليغا، أن يُثبت بشكل واضح أنه من الفرق التي لا تُريد العودة إلى الدرجات الدُّنيا كما كان الحال في السابق.

بعد 6 سنوات ذاق فيها جيرونا الهبوط إلى الدرجات الأدنى بالفعل، ثم الصعود من جديد إلى بطولة الدوري الإسباني الليغا؛ يُمكننا القول، وللمرة الأولى، إن فريق جيرونا استطاع أن يُغير الكثير من القناعات.

الفريق الذي تأسس في عام 1930م عاد إلى بطولة الدوري الإسباني الليغا بطموح لا يليق بفريق مُستحدث على مثل هذه المنافسات، في بطولة كان يتواجد فيها النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي في صفوف برشلونة، وكريستيانو رونالدو في صفوف ريال مدريد، وأنطوان غريزمان في صفوف أتلتيكو مدريد، والكثير من الأسماء التي قد لا يتسع الوقت لذِكرها.

لم يهَب فريق جيرونا أحداً، هذه حقيقة لا يُمكن التغافل عنها، رغم افتقاره لنفس الموارد والإمكانيات التي كانت لدى الجميع، واستطاع في أول موسم له في الليغا أن يُنهيه في المركز العاشر، بعد أن انتصر في حضوره الأول، على حساب نادي ريال مدريد في كتالونيا، وهي من المفاجآت التي كانت غريبة في ذلك الموسم!

ولم يتوقف هذا الطُّغيان الكتالوني إلا بانتصار إضافي على ريال مدريد، لكن هذه المرة كان الانتصار في السانتياغو بيرنابيو، ملعب ريال مدريد وليس جيرونا، وكان جيرونا من بين الفرق القليلة التي أذاقت ريال مدريد الهزيمة برباعية، خلال الموسم الماضي.

ويبدو أن فريق جيرونا قد قرر أن يُضايق كبار الليغا، حين أقصى فريق أتلتيكو مدريد من بطولة كأس ملك إسبانيا موسم 2018-2019، بالتعادل ذهاباً وإياباً معه بنتيجة 4-4.

قد يكون برشلونة هو أقل فريق من بين كبار الليغا الذين قهروا أو قللوا من حماس جيرونا المُبالغ فيه أمام الكبار، لكن هذا الأمر لن ينفي أبداً أن جيرونا قد حقق انتصاره الأول في تاريخه أمام نادي برشلونة، خلال بطولة الليغا الحالية في الدور الأول برباعية، داخل ملعب المونتجويك الخاص ببرشلونة.

معجزة الليغا.. كيف قاد شقيق غوارديولا فريق جيرونا الصاعد نحو تحدي الكبار في إسبانيا؟
لاعبو فريق جيرونا بهدف في مباراة الدوري الإسباني – shutterstock

فريق جيرونا الذي يتحدى العمالقة

قد تظن في بادئ الأمر أن فريق جيرونا يمتلك وصفة سحرية، أو ربما هي الصدف العديدة، أو أنه الحظ الذي السيئ الذي يباغت بعض الأندية الكبيرة في بعض المباريات، لكن في الحقيقة، ورغم خضوعه للاستحواذ والاستثمار، فإن جيرونا أبداً لم يكن من الفرق التي استفادت من الأموال في ظل احتكار الأموال لهذه اللعبة.

ينتمي فريق جيرونا إلى صرح كبير في عالم كرة القدم، هو مجموعة "سيتي جروب" وهي المجموعة التي تقع تحت إمرة مؤسسة أبوظبي الإماراتية للاستثمار الرياضي.

نعم، فريق جيرونا ينتمي لنفس المؤسسة التي ينتمي إليها فريق مانشستر سيتي، وليسا هُما فحسب، بل تمتلك المجموعة ما يُقارب 10 أندية كاملة على مستوى العالم كله، وهي مؤسسة تبحث طوال الوقت عن الكثير من التطوير والاستثمار، ومثلما تمتلك أسهماً كثيرة في مانشستر سيتي في إنجلترا، فهي تمتلك أيضاً أسهماً كثيرة في جيرونا الإسباني، مثلما تمتلك في أندية في الهند واليابان وأيضاً في المكسيك.

وكان جيرونا من بين الأندية التي قررت من خلالها المؤسسة أن تذهب بشكل واضح نحو ضخ الدماء فيها، وإنعاش النادي الكتالوني الذي يُعتبر عريقاً في مساحته، لكنه ليس بنفس العراقة ولا الأهمية في إسبانيا ذاتها.

لكن الاستثمار وحده لم يكن الدافع الحقيقي لإنجاح مشروع كهذا، حيث لم تكن مجموعة السيتي هي الوحيدة التي تحضر في مشهد صعود ونجاح فريق جيرونا.

بل كان لغوارديولا يد في ذلك، وقد تعتقد أن غوارديولا هو بيب غوارديولا، صانع أمجاد برشلونة والرجل الذي لا يجهله اثنان في هذه اللعبة؛ لكن على العكس تماماً، فغوارديولا الذي نعنيه ونقصده هو الشقيق الأصغر؛ بيري غوارديولا.

بيري لم يكن لاعباً من اللاعبين الذين يُمكن التغني بهم، كان لاعباً عادياً للغاية، وكان ينشط في الدرجات الدُّنيا في إسبانيا، يصغر بيب، شقيقه الأكبر، بحوالي 6 سنوات، لكن الشغف الذي يمتلكه في الإدارة لا يقل عن إبداع شقيقه الأكبر داخل المستطيل الأخضر.

تحوّل بيري غوارديولا بعد اعتزاله للعبة كرة القدم إلى رجل أعمال، وقرر أن يستثمر في شركات وكالة اللاعبين، حتى نال وكالة أعمال الأروغوياني لويس سواريز، تحت إمرة شركته الخاصة، والتي كان أحد أبرز أسمائها كذلك الأسطورة أندريس إنييستا.

بعد مدة قرر بيري غوارديولا أن يستغل علاقاته بالنجوم والمشاهير، ويتحول إلى رجل أعمال ذي سُلطة وسيادة، ويتشارك مع مجموعة السيتي في أسهم نادي جيرونا الإسباني.

فريق جيرونا، الذي كان على أعتاب مغادرة الليغا، وهو ما حدث فعلاً في الموسم الثاني له في المنافسات، وهبوطه بشكل رسمي من حيث جاء، حتى أتاه بيري غوارديولا، تحديداً في عام 2020.

كانت فكرة بيري أن يستثمر في النادي بشكل رسمي، وأن يتحول فيما بعد إلى رئيس مجلس الإدارة والرئيس الحقيقي للنادي الكتالوني، وهو ما تحقق له بالفعل، بعد أن تكلّلت مساعيه بتحقيق هذا المُراد.

من هنا فكَّر بيري غوارديولا بأن يُعيد جيرونا إلى الليغا من جديد، وهذا الأمر لن يتم إلا من خلال صفقات مميزة، وكشافة يضعون أعينهم في المكان الصحيح، وعلى اللاعب الأنسب لهذا الطموح، ولم يكن الأمر متوقفاً على جودة اللاعبين فحسب، حيث تمت إقالة مدرب الفريق حينها فرانشيسكو خافيير فاليشز، وكان ميتشل، الرجل الذي يقود النادي حالياً في مصاف الصدارة، هو الاختيار الذي اختارته إدارة بيري ليُعوض فرانشيسكو.

نجح جيرونا في تحقيق أبرز مقولة تُردد على لسان أنصاره "نحن عنيدون" كناية عن محاولاتهم الطويلة طوال تاريخهم في الصعود إلى الليغا، لكن في كل مرة كانت الظروف تحول دون هذا الحلم الكبير.

بعد أن تسلم ميتشل المهمة القيادية، وتقلد غوارديولا زمام الإدارة؛ عاد جيرونا إلى الليغا، ولم تكن عودته مجرد عودة عابرة، بل عودة مُخيفة، عودة استطاع من خلالها أن يتصدر بطولة الليغا الإسبانية موسم 2023-2024 لفترة، قبل أن يزاحمه ريال مدريد وبرشلونة على الوصول للقب.

ورغم أنه ما زال يحلم بالتواجد في مسابقة دوري أبطال أوروبا موسم 2024-2025، فإن حلم جيرونا المشروع لم يكن ليتم بمجرد الاستثمار الذي لا ينطبق كذلك على جيرونا، الفريق المتواضع الذي لم يُحاول استنزاف الفرق الكُبرى وإغراء نجومها بعقود خيالية، وإنما بحث عن مواهب عادية، ولاعبين ابتعدوا عن الواجهة، أمثال ديلي بليند، دمج الفكرتين معاً فخرج لنا جيرونا، الفريق الطموح الذي حقق في الموسم الحالي أكبر إنجاز في تاريخه، وهو الانتصار الساحق، برباعية على فريق تشافي هيرنانديز في قلب ملعبه.

يلعب جيرونا كُرة رائعة، ولا يهاب أحداً، يلعب كما لو كان من الكبار فعلاً، حتى وإن خسر فهو في نهاية المطاف لا يُراهَن عليه، لكن وبكل تأكيد ما فعله جيرونا من طموح، وما أكده من ثبات، يُبرهن للجميع كيف يُمكن للصغار أن يُثبتوا أن هذه اللعبة سيبقى الجانب المُضيء فيها مُستمراً.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عمر إبراهيم
كاتب في المجال الرياضي وكرة القدم
كاتب في المجال الرياضي وكرة القدم
تحميل المزيد