في أولمبياد طوكيو 2020، الذي أُقيم في عام 2021، تواجَه المنتخب المصري الأولمبي مع المنتخب الأرجنتيني، في مباراة ضمن إطار المجموعات في تلك المسابقة.
لكن الغريب، هو انتشار صورة للاعب رقم 10 في صفوف المنتخب الأرجنتيني، والذي تشابه مع النجم الأرجنتيني للمنتخب الأول ليونيل ميسي، في الملامح والشكل، وحتى في الرقم على القميص!
لم يكن أليكسس ماك أليستير صاحب شهرة واسعة منذ سنتين أو ثلاث سنوات، اللاعب الذي كان على ذمة برايتون ألبيون الإنجليزي في ذلك الوقت، لكنه كان يخرج دائماً للإعارة لعدم الحاجة إليه، وتحديداً إلى الدوري الأرجنتيني.
لعب أليكسس ماك أليستير ببلاده، في أرجنتينيوس جونيور وكذلك في صفوف فريق بوكا جونيورز، وظهر مؤخراً في صفوف برايتون ألبيون الإنجليزي، لعب بقميص برايتون 98 مباراة سجل خلالها 16 هدفاً.
هذه الإحصائية لم تكن مهمة على الإطلاق، قبل انطلاق بطولة كأس العالم "قطر 2022″؛ الأرجنتين التي تتجه إلى حلمها الأكبر بطموح أكبر من كل السنوات الماضية.
بعد أن ظفرت، أخيراً، بلقب كوبا أمريكا بعد غياب 28 عاماً عن الألقاب كافة، وبعد أن أصبحت التوقعات طاغية على المنتخب الذي أثبت إمكانية اعتلاء منصات التتويج والظفر بإحداها.
قبل البطولة، يُصاب الوسط النشط والأنشط بالنسبة للمدرب ليونيل سكالوني؛ جيوفاني لوسيلسو، وتبقى الأرجنتين في حيرة من أمرها، بعد خسارة ضلع من ثلاثة أضلع مهمة في خط وسط اعتمدت عليه اعتماداً كلياً في كوبا أمريكا 2021 بالبرازيل: جيوفاني لوسيلسو، ليوناردو باريديس، رودريجو دي باول!
كانت فكرة انضمام أليكسس ماك أليستير إلى هذه الكتيبة فكرة جديدة على الأذهان والأسماع، ولم يكن من السهل تصديق أن أليكسس ماك أليستير، الذي يبرع في الدوري الإنجليزي، تحت قيادة المدرب الإيطالي روبيرتو دي زيربي؛ سيُقدم ما يُمكن من خلاله تعويض غياب لوسيلسو.
لم يكن منتخب الأرجنتين يفتقد جيوفاني لو سيلسو فحسب، بل حتى إلى الحماسة والروح، شيئان افتقدهما المنتخب الأرجنتيني الذي وصل إلى ملعب لوسيل بثقة مفرطة، وسقط أمام الأخضر السعودي في افتتاحية المنافسات.
وكان على المدرب ليونيل سكالوني أن يُغير من آرائه وأفكاره، واكتشف أن العناصر الشابة قد تكون هي الحل الأمثل لتطبيق هذا الأمر، وأن العناصر التي اجتاحت قوام المنتخب لا بد من أن تُجرّب في ميدان اللعب!
أليكسس ماك أليستير رجل الظل الذي أصبح من أبطال كأس العالم
بحضور إنزو فيرنانديز، وجوليان ألفاريز، إضافة إلى أليكسس ماك أليستير، اتجهت الأرجنتين بشكل فعلي إلى الظفر بست نقاط كاملة، في الجولة الثانية أمام المكسيك، ثم الثالثة أمام بولندا.
وكان لأليكسس ماك أليستير حظ من هذه الغنيمة؛ إذ سجل الأشقر هدف التقدم في مباراة بولندا، بعد أن أهدر شبيهه، أو قدوته بمعنى أصح، ليونيل ميسي، ركلة الجزاء التي تحصل عليها قرب انتهاء الشوط الأول، وحصد أليكسس ماك أليستير جائزة رجل المباراة عقب نهايتها، في تكريم له على ما فعله خلالها.
كان الفوز على بولندا بمثابة صحوة وفرصة، ولم يعُد من السهل التخلي عن أليكسس ماك أليستير، الذي بدا كأنه ميسي الجديد، لكن في خط الوسط، كأن من شبهوه بميسي لم يُخطئوا فعلاً!
حيث تقلد ألكيسس ماك أليستير مهام ميسي؛ وأصبح لاعب الوسط الذي يُقدم مساعدات دفاعية، إضافة إلى مساندة خط الهجوم، والركض لمسافات كبيرة بطول الملعب وعرضه، ومنح ميسي حرية التنقل بين الخطوط بأريحية شديدة لم يعهدها من قبل.
بخطوات ثابتة، اتجهت الأرجنتين للمباراة النهائية في لوسيل، الملعب نفسه الذي خسرت فيه الافتتاح، لكن هذه المرة كان الأمر مختلفاً تماماً، حيث كانت تمتلك ماك أليستير، الذي ضايق الفرنسيين كما لم يُضايقوا من قبل.
مرر ماك أليستير، ثم تحرك في المساحة التي تكونت من تقدم الدفاع الفرنسي لمراقبة ميسي.
ميسي بدوره قام بتمريرة رائعة فك ضغطاً كبيراً بها، جوليان ألفاريز هادئ، لم يتفلسف ومنح ماك أليستير الكرة فور أن وصلت إليه، في المساحة التي تحرك فيها.
ماك أليستير لم يرفع عينه ومهَّدها بطريقة سحرية للاعب يعرف أنه هناك، وعلى الجهة الأخرى من الملعب، كان أنخيل دي ماريا بالفعل بلا رقيب بعد تشتت الدفاع الفرنسي، وأنهى الهجمة بطريقة جعلتها لوحة فنية متكاملة.
وقاد ماك أليستير أفضل هجمة مرتدة في تاريخ نهائيات كأس العالم، وكان من بين الرجال الذين حملوا الكأس الغالية، والنجمة الثالثة، والبطولة التي بكت الأرجنتين شوقاً لحملها!
حين عاد أليكسس ماك أليستير إلى برايتون ألبيون، لم تكن العودة كما الذهاب؛ حيث كان الوصول يعني أن أول لاعب في تاريخ برايتون حملاً لبطولة كأس العالم قد وصل بالفعل، الرجل الذي وصل كبطل لشعبه، وكُرم منه، كُرم أيضاً من زملائه في برايتون ومن ناديه، الذي منحه شرفاً لم يكن يمتلكه في السابق، وأصبح بطلاً في الأراضي الإنجليزية، مثلما كان الحال في الأرجنتينية.
غادر أليكسس ماك أليستير برايتون، لكنه انتقل إلى خطوة أكبر، وفريق أعرق، كأن ظهوره في مونديال قطر 2022، كان بمثابة عدة قفزات قفزها في سُلم المجد، بمفرده، ودون أن يُفرض على أحد!
لقد وصل إلى ليفربول، بتوقعات رائعة أن يقود خط وسط ليفربول، بعد النجاح المُبهر الذي كان عليه، رفقة الأرجنتين، وكذلك برايتون، لكن في ليفربول اختلف الوضع كُلياً.
فأصبح أليكسس ماك أليستير معشوق الجماهير، وأصبح اسمه يُردد في مدرجات الأنفيلد، وخارجها، أصبح من العناصر التي لا يستطيع يورغن كلوب أن يتخلى عنها، ولا حتى جماهير ليفربول.
قال عنه يورغن كلوب، إن أليكسس ماك أليستير يُحَب من أول لقاء، وتشعر بخفة ظله وتتقبله بمجرد أن يتحدث إليك، وذُهل كلوب بالإمكانيات التي لم يعتقدها، حين رأى أليكسس ماك أليستير بشكل فعلي في تدريبات ليفربول، وقال إنه في كثيراً من الأحيان يفعل أشياء لا تُطلب منه، ويفعل ما سيُطلب منه قبل حتى أن يُطلب منه!
كل ما في مسيرة وحياة أليكسس ماك أليستير كان غريباً، حتى تلك التفاصيل التي تخص جذوره وأسرته؛ إذ لا يُمكن طمس الحقيقة التي لا يُحب ماك أليستير أبداً أن يذكرها.
تعود أصول عائلة ماك أليستير إلى جذور إسكتلندية وأيرلندية، حيث هاجر أسلافهم إلى أمريكا الجنوبية في حدود العام 1830، وربما هذا ما يفسر جينات أليستير الشقراء، التي لا تتشابه أبداً مع أبناء أمريكا الجنوبية الأصليين.
ليست جينات عائلة أليستير وحدها ما يعد غريباً عن القارة الجنوبية، بل حتى أسمائهم، فالاسم الإنجليزي الذي يحملونه لم يكن عادياً في محيطهم الذي لا تشيع فيه مثل هذه الأسماء.
ولم يكن ماك أليستير أول من لعب كرة قدم في عائلته، فكما تشارك الملاعب ماك أليستير مع الأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي، تزامل والده، كارلوس مع الأسطورة الراحلة دييغو أرماندو مارادونا.
بينما ينشط شقيقاه، فرانسيس وكيفين ماك أليستير، في الأرجنتين وكذلك المكسيك في لعبة كرة القدم، وكان لشقيقه كيفن ماك أليستير نصيب الأسد من مُعضلة الاسم الإنجليزي؛ حيث ظنت جماهير بوكا جونيورز أن كيفن، وقت انضمامه إلى البوكا، هو الطفل الذي ظهر في سلسلة أفلام Home Alone بسبب تشابه الاسم!
ورغم كل هذه المعاناة، لم يتمالك أليكسس ماك أليستير نفسه، في أول لقاء جمعه بالقائد ليونيل ميسي، حيث قال إنه توتر وصار يرتجف، حتى طلب منه ميسي الهدوء وحاول أن يدمجه مع عناصر المنتخب.
فيما بعد، عرف ميسي أن أليكسس ماك أليستير يشعر بالحرج؛ بسبب مناداته بلوكو، وهو ما يعني الزنجبيل بالأرجنتينية، ثم طلب القائد ميسي من عناصر الفريق التوقف عن مضايقة زميلهم ومناداته بهذا الاسم، وهو ما قد كان.
وذكر أليكسس ماك أليستير مدى حبه وتعلقه بالنجم الأرجنتيني ليونيل ميسي؛ حيث قال إن ميسي، قبل النهائي التاريخي في استاد لوسيل، بين فرنسا والأرجنتين، كان قد ألقى خطاباً تحفيزياً، كان من الصعب بعد سماعه ألا يُقدم الفريق روحه من أجل جلب النجمة الثالثة للتانغو.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.