كان يكره لقب “العراب” ولم أردّ على رسالته الأخيرة حتى الآن.. حينما اعتبرني أحمد خالد توفيق صديقته

عربي بوست
تم النشر: 2024/04/03 الساعة 09:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/04/03 الساعة 09:46 بتوقيت غرينتش

بعد ستة أعوام على رحيل الكاتب والروائي أحمد خالد توفيق ما زالت ذكراه تعيش بيننا، تُنير دروب القراءة والكتابة لجيل كامل نشأ على أعماله، في الثاني من أبريل من كل عام نتذكر معاً تلك اللحظة الفارقة، التي فقدنا فيها ليس فقط كاتباً، بل صديقاً ومعلماً، وأيقونة ثقافية عربية لا تُنسى.

أحمد خالد توفيق، الذي اعتبرني يوماً ما صديقته، أو كما كان يقول مبتسماً “أنتم شلتي”، عندما تحين ذكرى وفاته كل عام يتجدد الحزن، والفقد كذلك للأب والأخ والصديق والأستاذ الذي لم نظن يوماً أنه سيرحل سريعاً هكذا، ولكن للقدر أحكام أخرى.

كان صوتاً يعبر عنّا

كان يكره لقب “العراب” لما يحمله من واقع تنظيمي عصابي، وفضّل أن يكون “الأب الروحي” لجيلٍ كامل. لم يكن فقط مؤلفاً لروايات تحبس الأنفاس وتأخذ القراء في رحلات عبر الزمان والمكان، بل كان صوتاً يحمل بين طياته الحكمة، والنقد الاجتماعي، والفكاهة التي تخفف من وطأة الحياة اليومية.

في السنوات التي تلت رحيله أصبحت أعماله مرجعاً ثقافياً يعود إليه الشباب والكبار على حد سواء. روايات مثل “يوتوبيا” و”ما وراء الطبيعة” لا تزال تباع في الأسواق وتُقرأ على الشواطئ وفي الحدائق، وتُناقش في النوادي الأدبية والمنتديات الإلكترونية.

الصديق المتواضع الذي لا يشعر كم هو مميز

لم يقتصر تأثير أحمد خالد توفيق على الجانب الأدبي فحسب، بل كان له دور بارز في تشكيل وعي جيل بأكمله تجاه العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية، عبر كتاباته ومقالاته، تناول قضايا معقدة بأسلوبه الخاص، مزجاً بين الجدية والسخرية، ما جعله صوتاً مميزاً في الثقافة العربية.

ولعل ما يُذكر عن أحمد خالد توفيق في كل ذكرى لرحيله ليس فقط ما قدمه من أعمال أدبية، بل شخصيته الفريدة التي جمعت بين العلم والأدب، وبين الجدية والفكاهة، وفوق كل ذلك التواضع، كان رحمه الله بمثابة الصديق الذي لا تفتر عزيمته ولا تهدأ روحه الطموحة، ومع ذلك كان يحمل في طيات شخصيته تواضعاً جماً يفوق الوصف، لم يكن يرى في نفسه تلك العظمة التي نراها نحن فيه، كان دائماً ما يعتبر نفسه واحداً منا، يشاركنا همومنا وأفراحنا، يتعاطى معنا بمنتهى البساطة والصدق، بلا حواجز أو تكلف.

أحمد خالد توفيق

الجبلاية مقرنا في المعرض

منذ سنوات تواجد منتدى أدبي اسمه “شبكة روايات التفاعلية” لمناقشة روايات مصرية للجيب، التي ينتمي لها أدب أحمد خالد توفيق، كنا مجموعة من الشباب المتحمس جداً لكاتبهم، والذي لم يخذلنا أبداً، بل تحول لصديق مقرب شخصياً لنا، ففي معرض الكتاب يقف معنا فيما اصطلحنا على أن نسميه “الجبلاية” وهي مساحة فارغة مليئة بالرمال تقع أمام صالات المعرض، وبها سور حجري كأنه هضبة قصيرة نجلس عليها بالساعات، ليقف معنا هناك لنقيم لقاء على “الواقف”.

حتى عندما نَظَّمتُ في المعرض ندوات له في القاعات المجهزة لم ننس أبداً بعد نهاية الندوة أن نتوجه “للجبلاية” لنتحدث قليلاً، دون أن يشعر أو يُشعرنا للحظة بأنه يتنازل أو يفعل أمراً غريباً، بل كان يقوم بذلك ببساطة وأريحية مبهرة.

قلقه من الموت صغيراً تحقق

كان يخفي بداخله قلقاً عميقاً من الموت صغيراً، خاصةً بعد أن مر بوعكة صحية شديدة أدت إلى توقف قلبه للحظات، ما زاد من حدة هذا القلق وجعله أكثر وضوحاً في تفكيره وحديثه.

 هذه التجربة القاسية رسخت في ذهنه فكرة أنه قد يرحل في سن مبكرة، تماماً كما حدث مع أخته الكبيرة، وهو الهاجس الذي ظل يطارده كثيراً، وكان يشغل جزءاً من تفكيره، وللأسف فقد تحقق بالفعل.

مع ذلك استمر في مشاركتنا حياته، وأفكاره، ومخاوفه أحياناً بكل شفافية وصدق، إن رحيله المبكر كان صدمة، فقد فقدنا ليس فقط كاتباً عظيماً بل صديقاً حقيقياً وملهماً استثنائياً، تاركاً وراءه إرثاً من الكلمات والذكريات التي ستظل تعيش معنا، تذكيراً بأن العظمة الحقيقية تكمن في القدرة على التأثير في حياة الآخرين وترك بصمة إنسانية لا تنسى.

الصديق الذي لم أُرسل له ردَّ رسالته الأخيرة مطلقاً

عند تأمل علاقتي الشخصية بأحمد خالد توفيق أجد نفسي أتنقل بين ذكريات لا تُنسى، لحظات شكلت جزءاً لا يتجزأ من رحلتي الشخصية والمهنية، علاقتي به لم تقتصر على كونه مجرد كاتب أعشق أعماله، بل تعدتها إلى مرشد روحي وملهم حقيقي في حياتي. 

كان د. أحمد ليس فقط بمثابة الأب الروحي الذي علمني كيف أقرأ بين السطور وأنظر للعالم من منظور مختلف، بل كان أيضاً صديقاً عزيزاً يشاركني تفاصيل كثيرة في العالم، والأدب والحياة.

كل رسالة تبادلتها معه، كل نقاش أو جدال حول موضوع من المواضيع التي تطرق إليها في كتاباته، كانت تضيف إلى روحي وعقلي الكثير، كان يتقن فن الحوار والنقاش بطريقة تجعلك تعيد التفكير في قناعاتك دون أن تشعر بأي إهانة أو تقليل من شأن آرائك.

ولكن تبقى تلك الرسالة الإلكترونية الأخيرة التي تلقيتها منه والتي كان ينتظر رأيي في روايته الأخيرة شآبيب، والتي لم أجب عنها وقتها انتظاراً أن أنتهي من الرواية، والواقع أنني لم أُجب عليها حتى الآن، هذه الرسالة كلما تذكرتها وفتحتها لأقرئها لا تزال تؤرقني، تذكير دائم بأن الوقت لا ينتظر أحداً، وأن علينا أن نقدر اللحظات التي نشاركها مع من نحترمهم ونحبهم ونقدرهم.

أتذكر بحزن عميق ذلك المساء الذي علمت فيه برحيله، حيث شعرت بأن جزءاً من عالمي قد انهار. كانت لحظة فارقة فقدت فيها ليس فقط الكاتب الذي أثرى عقلي وروحي بأعماله، بل فقدت الصديق الذي كان موجوداً دائماً ليستمع وينصح ويهتم، لقد كان فقدانه خسارةً لا تعوض، ليس لي وحدي، بل لكل من عرفه عن قرب أو من بعيد.

اليوم، وبعد مرور ست سنوات على رحيله ما زلت أجد نفسي أعود إلى كتبه ومقالاته كلما احتجت إلى الإلهام أو العزاء، إن ذكراه تعيش فينا، ليس فقط من خلال ما كتب، بل من خلال تأثيره العميق في حياتنا، ترك أحمد خالد توفيق إرثاً يتجاوز الكلمات والصفحات، إرثاً من الحب والمعرفة والإنسانية، الذي سيظل ينير دروبنا ويوجه خطانا في هذه الحياة.

في هذه الأيام نتذكر أحمد خالد توفيق بكل ما قدمه من ميراث ثقافي غني، وبكل ما تركه من بصمة لا تُمحى في قلوبنا، نتذكر لهذا الرجل، الذي أضاء طريق القراءة للعديد منا، والذي رغم النقد والمعارضة التي واجهها استطاع أن يترك بصمة لا تُمحى في الأدب العربي، وفي قلوب قرائه، نستذكره ليس فقط ككاتب، بل كمعلم تعلمنا منه أن الكتابة ليست مجرد نقل المعلومات أو خلق العوالم الخيالية، بل هي أداة للتأثير، للتغيير، ولمس المشاعر.

أحمد خالد توفيق لم يكن يكتب ليُنسى

أحمد خالد توفيق لم يكن يكتب ليُنسى، بل ليُذكر، ليُقرأ، وليُناقش، في كل مرة نفتح فيها إحدى رواياته نجد شيئاً جديداً، درساً لم ننتبه إليه من قبل، أو موقفاً يبدو كأنه كُتب للحظة التي نعيشها الآن، وهذا هو سحر الأدب الحقيقي، القدرة على البقاء بذي صلة وتأثير عبر الزمان والمكان.

في هذه الذكرى السادسة لرحيله دعونا نتذكر أحمد خالد توفيق بكل الحب والامتنان، ونحن نحتفي بحياته وإرثه بقراءة كتبه، ومشاركة ما تعلمناه منها مع الآخرين، ففي كل مرة نتشارك فيها قصة من قصصه، أو نستشهد بعبارة من عباراته نُبقي ذكراه حيةً بيننا.

كان أحمد خالد توفيق يعلمنا دائماً أن القراءة ليست فراراً من الواقع، بل هي طريقة لفهمه وربما لتغييره، فلنكرم ذكراه بأن نعيش حياتنا بالطريقة التي تعلمناها من كتبه؛ بفضول لا ينتهي، وبإيمان بأن الكلمات لها القوة لتصنع الفرق.

رحل أحمد خالد توفيق لكن أعماله ستظل مصدر إلهام للأجيال الحالية والمقبلة، وسيرته بين أصدقائه ومحبيه ستظل باقية، وفي كل ذكرى لرحيله نظل مؤمنين بأن الأدب هو جسر يربط بين الأجيال، وأن الكلمات هي الشعلة التي تنير دروبنا في أحلك الأوقات.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

حينما اعتبرني أحمد خالد توفيق صديقته

كان يكره لقب “العراب” ولم أردّ على رسالته الأخيرة حتى الآن.. حينما اعتبرني أحمد خالد توفيق صديقته

عربي بوست
تم النشر: 2024/04/03 الساعة 09:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/04/03 الساعة 09:46 بتوقيت غرينتش

بعد ستة أعوام على رحيل الكاتب والروائي أحمد خالد توفيق ما زالت ذكراه تعيش بيننا، تُنير دروب القراءة والكتابة لجيل كامل نشأ على أعماله، في الثاني من أبريل من كل عام نتذكر معاً تلك اللحظة الفارقة، التي فقدنا فيها ليس فقط كاتباً، بل صديقاً ومعلماً، وأيقونة ثقافية عربية لا تُنسى.

أحمد خالد توفيق، الذي اعتبرني يوماً ما صديقته، أو كما كان يقول مبتسماً "أنتم شلتي"، عندما تحين ذكرى وفاته كل عام يتجدد الحزن، والفقد كذلك للأب والأخ والصديق والأستاذ الذي لم نظن يوماً أنه سيرحل سريعاً هكذا، ولكن للقدر أحكام أخرى.

كان صوتاً يعبر عنّا

كان يكره لقب "العراب" لما يحمله من واقع تنظيمي عصابي، وفضّل أن يكون "الأب الروحي" لجيلٍ كامل. لم يكن فقط مؤلفاً لروايات تحبس الأنفاس وتأخذ القراء في رحلات عبر الزمان والمكان، بل كان صوتاً يحمل بين طياته الحكمة، والنقد الاجتماعي، والفكاهة التي تخفف من وطأة الحياة اليومية.

في السنوات التي تلت رحيله أصبحت أعماله مرجعاً ثقافياً يعود إليه الشباب والكبار على حد سواء. روايات مثل "يوتوبيا" و"ما وراء الطبيعة" لا تزال تباع في الأسواق وتُقرأ على الشواطئ وفي الحدائق، وتُناقش في النوادي الأدبية والمنتديات الإلكترونية.

الصديق المتواضع الذي لا يشعر كم هو مميز

لم يقتصر تأثير أحمد خالد توفيق على الجانب الأدبي فحسب، بل كان له دور بارز في تشكيل وعي جيل بأكمله تجاه العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية، عبر كتاباته ومقالاته، تناول قضايا معقدة بأسلوبه الخاص، مزجاً بين الجدية والسخرية، ما جعله صوتاً مميزاً في الثقافة العربية.

ولعل ما يُذكر عن أحمد خالد توفيق في كل ذكرى لرحيله ليس فقط ما قدمه من أعمال أدبية، بل شخصيته الفريدة التي جمعت بين العلم والأدب، وبين الجدية والفكاهة، وفوق كل ذلك التواضع، كان رحمه الله بمثابة الصديق الذي لا تفتر عزيمته ولا تهدأ روحه الطموحة، ومع ذلك كان يحمل في طيات شخصيته تواضعاً جماً يفوق الوصف، لم يكن يرى في نفسه تلك العظمة التي نراها نحن فيه، كان دائماً ما يعتبر نفسه واحداً منا، يشاركنا همومنا وأفراحنا، يتعاطى معنا بمنتهى البساطة والصدق، بلا حواجز أو تكلف.

أحمد خالد توفيق

الجبلاية مقرنا في المعرض

منذ سنوات تواجد منتدى أدبي اسمه "شبكة روايات التفاعلية" لمناقشة روايات مصرية للجيب، التي ينتمي لها أدب أحمد خالد توفيق، كنا مجموعة من الشباب المتحمس جداً لكاتبهم، والذي لم يخذلنا أبداً، بل تحول لصديق مقرب شخصياً لنا، ففي معرض الكتاب يقف معنا فيما اصطلحنا على أن نسميه "الجبلاية" وهي مساحة فارغة مليئة بالرمال تقع أمام صالات المعرض، وبها سور حجري كأنه هضبة قصيرة نجلس عليها بالساعات، ليقف معنا هناك لنقيم لقاء على "الواقف".

حتى عندما نَظَّمتُ في المعرض ندوات له في القاعات المجهزة لم ننس أبداً بعد نهاية الندوة أن نتوجه "للجبلاية" لنتحدث قليلاً، دون أن يشعر أو يُشعرنا للحظة بأنه يتنازل أو يفعل أمراً غريباً، بل كان يقوم بذلك ببساطة وأريحية مبهرة.

قلقه من الموت صغيراً تحقق

كان يخفي بداخله قلقاً عميقاً من الموت صغيراً، خاصةً بعد أن مر بوعكة صحية شديدة أدت إلى توقف قلبه للحظات، ما زاد من حدة هذا القلق وجعله أكثر وضوحاً في تفكيره وحديثه.

 هذه التجربة القاسية رسخت في ذهنه فكرة أنه قد يرحل في سن مبكرة، تماماً كما حدث مع أخته الكبيرة، وهو الهاجس الذي ظل يطارده كثيراً، وكان يشغل جزءاً من تفكيره، وللأسف فقد تحقق بالفعل.

مع ذلك استمر في مشاركتنا حياته، وأفكاره، ومخاوفه أحياناً بكل شفافية وصدق، إن رحيله المبكر كان صدمة، فقد فقدنا ليس فقط كاتباً عظيماً بل صديقاً حقيقياً وملهماً استثنائياً، تاركاً وراءه إرثاً من الكلمات والذكريات التي ستظل تعيش معنا، تذكيراً بأن العظمة الحقيقية تكمن في القدرة على التأثير في حياة الآخرين وترك بصمة إنسانية لا تنسى.

الصديق الذي لم أُرسل له ردَّ رسالته الأخيرة مطلقاً

عند تأمل علاقتي الشخصية بأحمد خالد توفيق أجد نفسي أتنقل بين ذكريات لا تُنسى، لحظات شكلت جزءاً لا يتجزأ من رحلتي الشخصية والمهنية، علاقتي به لم تقتصر على كونه مجرد كاتب أعشق أعماله، بل تعدتها إلى مرشد روحي وملهم حقيقي في حياتي. 

كان د. أحمد ليس فقط بمثابة الأب الروحي الذي علمني كيف أقرأ بين السطور وأنظر للعالم من منظور مختلف، بل كان أيضاً صديقاً عزيزاً يشاركني تفاصيل كثيرة في العالم، والأدب والحياة.

كل رسالة تبادلتها معه، كل نقاش أو جدال حول موضوع من المواضيع التي تطرق إليها في كتاباته، كانت تضيف إلى روحي وعقلي الكثير، كان يتقن فن الحوار والنقاش بطريقة تجعلك تعيد التفكير في قناعاتك دون أن تشعر بأي إهانة أو تقليل من شأن آرائك.

ولكن تبقى تلك الرسالة الإلكترونية الأخيرة التي تلقيتها منه والتي كان ينتظر رأيي في روايته الأخيرة شآبيب، والتي لم أجب عنها وقتها انتظاراً أن أنتهي من الرواية، والواقع أنني لم أُجب عليها حتى الآن، هذه الرسالة كلما تذكرتها وفتحتها لأقرئها لا تزال تؤرقني، تذكير دائم بأن الوقت لا ينتظر أحداً، وأن علينا أن نقدر اللحظات التي نشاركها مع من نحترمهم ونحبهم ونقدرهم.

أتذكر بحزن عميق ذلك المساء الذي علمت فيه برحيله، حيث شعرت بأن جزءاً من عالمي قد انهار. كانت لحظة فارقة فقدت فيها ليس فقط الكاتب الذي أثرى عقلي وروحي بأعماله، بل فقدت الصديق الذي كان موجوداً دائماً ليستمع وينصح ويهتم، لقد كان فقدانه خسارةً لا تعوض، ليس لي وحدي، بل لكل من عرفه عن قرب أو من بعيد.

اليوم، وبعد مرور ست سنوات على رحيله ما زلت أجد نفسي أعود إلى كتبه ومقالاته كلما احتجت إلى الإلهام أو العزاء، إن ذكراه تعيش فينا، ليس فقط من خلال ما كتب، بل من خلال تأثيره العميق في حياتنا، ترك أحمد خالد توفيق إرثاً يتجاوز الكلمات والصفحات، إرثاً من الحب والمعرفة والإنسانية، الذي سيظل ينير دروبنا ويوجه خطانا في هذه الحياة.

في هذه الأيام نتذكر أحمد خالد توفيق بكل ما قدمه من ميراث ثقافي غني، وبكل ما تركه من بصمة لا تُمحى في قلوبنا، نتذكر لهذا الرجل، الذي أضاء طريق القراءة للعديد منا، والذي رغم النقد والمعارضة التي واجهها استطاع أن يترك بصمة لا تُمحى في الأدب العربي، وفي قلوب قرائه، نستذكره ليس فقط ككاتب، بل كمعلم تعلمنا منه أن الكتابة ليست مجرد نقل المعلومات أو خلق العوالم الخيالية، بل هي أداة للتأثير، للتغيير، ولمس المشاعر.

أحمد خالد توفيق لم يكن يكتب ليُنسى

أحمد خالد توفيق لم يكن يكتب ليُنسى، بل ليُذكر، ليُقرأ، وليُناقش، في كل مرة نفتح فيها إحدى رواياته نجد شيئاً جديداً، درساً لم ننتبه إليه من قبل، أو موقفاً يبدو كأنه كُتب للحظة التي نعيشها الآن، وهذا هو سحر الأدب الحقيقي، القدرة على البقاء بذي صلة وتأثير عبر الزمان والمكان.

في هذه الذكرى السادسة لرحيله دعونا نتذكر أحمد خالد توفيق بكل الحب والامتنان، ونحن نحتفي بحياته وإرثه بقراءة كتبه، ومشاركة ما تعلمناه منها مع الآخرين، ففي كل مرة نتشارك فيها قصة من قصصه، أو نستشهد بعبارة من عباراته نُبقي ذكراه حيةً بيننا.

كان أحمد خالد توفيق يعلمنا دائماً أن القراءة ليست فراراً من الواقع، بل هي طريقة لفهمه وربما لتغييره، فلنكرم ذكراه بأن نعيش حياتنا بالطريقة التي تعلمناها من كتبه؛ بفضول لا ينتهي، وبإيمان بأن الكلمات لها القوة لتصنع الفرق.

رحل أحمد خالد توفيق لكن أعماله ستظل مصدر إلهام للأجيال الحالية والمقبلة، وسيرته بين أصدقائه ومحبيه ستظل باقية، وفي كل ذكرى لرحيله نظل مؤمنين بأن الأدب هو جسر يربط بين الأجيال، وأن الكلمات هي الشعلة التي تنير دروبنا في أحلك الأوقات.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

دعاء حسين
كاتبة مصرية
كاتبة مصرية
تحميل المزيد