ثمة تساؤلات باتت تشغل الجميع وتُطرح بقوة في الأوساط الفلسطينية وخارجها، وفي خطوة بالغة الخطورة بعد القرارات العقابية الجائرة والظالمة التي قامت بها المديرة العامة في لبنان، الألمانية دوروثي كلاوس، على خلفية تنظيم حملة تبرعات لإغاثة أهالي قطاع غزة، وتضميد جراح المكلومين جرّاء ما يتعرضون له من ظلم وحصار وإجرام الاحتلال الإسرائيلي البغيض بحقّهم الذي وصل به الحدّ إلى تجويعه حتّى الموت، وتهمة الانتماء الوطني، وقد شملت الحملة مكاتب مدراء المخيمات والمراكز الصحية والمدارس.
حسب المعلومات، فقد تلقى رئيس قطاع المعلمين في اتحاد موظفي الأونروا، مدير ثانوية دير ياسين في مخيم البص في منطقة صور المربي الأستاذ فتح شريف بريداً صادراً من المفوض العام لوكالة الأونروا، فيليب لازاريني، يقضي بتوقيفه عن العمل لمدة ثلاثة أشهر دون راتب، وإخضاعه للتحقيق على خلفية ادّعاءات بأنّه يمارس أعمالاً حزبيّة وأنشطة سياسية، والطلب إليه تسليم كل ما يخص وكالة الأونروا بعهدته ومنعه من دخول منشآتها، وكذلك تلقي نائب رئيس اتحاد العاملين في وكالة الأونروا مدير مخيّم البص، رائف أحمد، بريداً مماثلاً من المديرة العامة في لبنان دوروثي كلاوس، تبلغه فيه بخصم شهر من مرتبه وتأخير علاوته شهرين بسبب مشاركته في نشاط عام منذ خمس سنوات، يدعو إلى توفير حق العمل للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
في خطوة بالغة الخطورة، أثارت هذه الإجراءات الظالمة ضجة كبيرة في الأوساط السياسية الفلسطينية والتربوية تحديداً، حيث تُعتبر مثل هذه القرارات العقابية امتداداً للهجمة الشرسة التي تتعرض لها وكالة الأونروا من خلال الحصار المالي الذي تمارسه الإدارة الأمريكية و"إسرائيل"، بهدف محاولة إنهاء عمل وكالة الأونروا في إطار خطة متدحرجة لتصفية القضية الفلسطينية وشطب حق العودة، إضافة إلى إثارة حالة امتعاض من أداء دوروثي كلاوس وزياراتها السياسية الخارجة عن إطار عملها.
لا شك أن هذه الإجراءات المُجحفة كانت متسرّعة وغير مسؤولة، وتعدّ بمثابة خنجر في خاصرة اللاجئين الفلسطينيين بشكل عام، والموظفين بشكل خاص، وهي حرب على الفكرة والنهج، والهدف منها القضاء على كينونة اللاجئ وحقه في العودة من بوابة الانتماء والتأييد للحق الفلسطيني، وهي مشروع لسلخ الموظفين في وكالة الأونروا عن قضيتهم ووطنهم وتأتي تماشياً مع مشاريع الدول المعادية لقضية الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.
بالتأكيد، هذه الاجراءات لن تُثني الموظفين عن دورهم النقابي والنضالي بالدفاع عن قضاياهم وقضايا شعبهم، وهي مرفوضة بالمطلق لأنها تساهم بتسلل المشاريع المشبوهة التي تريد الانتقاص من حق الموظفين من أبناء الشعب الفلسطيني بالدعم والتأييد وجلب النصرة للقضية الفلسطينية، والوقوف بوجه العدوان الهمجي على قطاع غزة والجرائم بحق المدنيين العزل، ولن ترهب أبناء الشعب الفلسطيني طالما يتحدثون في قضاياهم المشروعة وحقوقهم المُعترف فيها بالأمم المتحدة وبكل شرعة حقوق الانسان.
ختاماً.. لابدّ من طرح عدة تساؤلات، وهي: لمصلحة من سيتم تفعيل ملف المحاسبة على الانتماء الفكري والسياسي في هذا الوقت؟ ولمصلحة من ممارسة هذا الإرهاب المستجدّ على اتجاهات فكرية وسياسية محددة تحت ذريعة دعم الدول المانحة؟ وماذا تخبئ إدارة وكالة الأونروا للاجئين الفلسطينيين، وللموظفين، ولماذا في هذا التوقيت؟
ومن هو المُحرّض على ذلك؟
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.