في عالمنا العربي الحديث عن الحب بين الزوجين وإظهاره علناً عيب، ويدخل ضمن التابوهات التي لا يجب الحديث بجرأة عنها، ولكن النجمة منى زكي كسرت هذا التابو في بودكاست بيج تايم مع عمرو أديب، حين تحدثت عن القُبلات المتبادلة بينها وبين زوجها النجم أحمد حلمي.
كل ما نشوف بعض ببوسه
تصدر حديث منى زكي الترند، وانقسم الجميع بين مؤيد ومعارض لما قالته، البعض اتهمها بالجرأة وعدم التوفيق في تصريحها، بينما آخرون رأوه تصريحاً مميزاً ويلقي الضوء على فكرة الأسرة المتحابة والمتماسكة.
"كل ما نشوف بعض ببوسه، حتى لو خارجين بنبوس بعض، ولما بنرجع، علشان نعلم أولادنا يعملوا كده".
لم تقلها منى ببجاحه أو جرأة، ولكن بضحكة خجول تعبر فيها ليس عن قبلات زوجية، بل قبلات ودودة يتبادلانها أمام الأبناء للترحاب بعودة أحدهما إلى المنزل أو لتوديع من يخرج منه، كي يتعلم الأبناء هذا الترابط وكيف يمكنهم التعبير عن مشاعرهم لأسرتهم.
والحقيقة أن كثيراً من الأسر في عالمنا العربي تفتقد هذا المنطق، تفتقد إظهار الحب بين الأب والأم، والذي يعلّم الأبناء قيمة الحب وينشئهم رجالاً ونساءً محبين لشريك حياتهم المستقبلي، كما يخلق ترابطاً وعاطفة حقيقية بين أفراد الأسرة الواحدة.
نامت على كتفه في المواصلات فتمت مهاجمتها بعنف
من يعود بالذاكرة عدة سنوات سيتذكر حادثة غريبة تصدرت السوشيال ميديا، وهو قيام زوجة بالنوم على كتف زوجها في الأتوبيس، حيث تمت مهاجمتهما ومحاولة الاعتداء عليهم، وانتقد الكثيرون فعلتهما معتبرين ما تم فعلاً فاضحاً، معللين ذلك بأن الآخرين لا يعرفون أنهما زوجان، وحتى إن كانا زوجين فليعبرا عن حبهما في منزلهما وليس على الملأ.
ورغم خروج الزوج للإعلام والتحدث عن كون زوجته كانت مريضة ومنهكة ونامت غير قاصدة، وهو أسندها خوفاً عليها وعطفاً على حالتها، ولكن ظلت الكثير من الآراء تهاجم موقفهما، وقلة من دافعت عن الحدث ورأته حباً ومودة ورحمة لا غبار عليها.
ضربها يوم العُرس.. جوزها وبيربيها
في المقابل كان هناك تريند آخر منذ أقل من عام عن الزوج الذي ضرب زوجته أمام الكوافير يوم عُرسهم، وكيف عندما حاول المارون في الطريق التدخل لمنعه من ضربها، كانوا يحجمون عندما يكتشفون أن من يضرب العروس هو زوجها، من منطلق أن هذا حقه أن يربيها، ولا بأس بالطبع إن حدث هذا على الملأ.
إذاً لا مشكلة في إظهار الزوجين مشاكلهم وأزماتهم أمام الجميع، لا مشكلة عندما تُضرب الزوجة في وسط الشارع، بينما الود والحنية، القبلة البريئة أو سندة الرأس فوق الكتف قد تخدش حياء المجتمع.
كيف يتعلم أولادنا رقة القلب؟
يقول الكاتب الأمريكي الشهير جاستن كولوسون المتخصص في الصحة النفسية للأسرة إن "الدراسات النفسية الحديثة أظهرت أن الأطفال الذين يعيشون في بيئة يسودها الحب والسعادة بين الوالدين، ويُظهر الوالدان حبهما بشكل صحي أمام الأطفال، يكون الأطفال أفضل في عدة جوانب من حياتهم، بما في ذلك الصحة العقلية والعاطفية والاجتماعية، فالوالدان اللذان يتبادلان الحب والدعم يقدمان نموذجاً إيجابياً يحفز الأطفال على تطوير علاقاتهم الشخصية والعاطفية بشكل أفضل.
وفي المقابل، عندما توجد الصراعات المستمرة والتوترات بين الوالدين، فإن ذلك ينعكس سلباً على الأطفال. فالأطفال الذين يشهدون خلافات مستمرة بين الوالدين قد يعانون من مشاكل في التعلم والتواصل الاجتماعي، ويظهر عندهم مستويات أقل في السعادة والرضا الشخصي".
منطق "منى" سليم إذاً.. "البوس" مفيد
لذا فالمدقق فيما شرحته منى زكي، عن كونها هي وحلمي تعوَّدا على تقبيل بعضهما كثيراً طوال اليوم، ليضربوا المثل والقدوة الناجحة لأبنائهما عن كيف يجب أن يكون شكل العلاقة الزوجية السليمة بين الزوجين، ويدربوا أبناءهم على الود والتعبير عن المشاعر بالفعل وعدم الخجل من فعل ذلك على الملأ، المدقق سيجده تصرفاً سليماً وصحياً.
هل التصريح في برنامج عام عيب؟!
يَطرح هذا السؤال الكثير من المعلقين على الخبر والفيديو عبر منصات السوشيال ميديا، والواقع أننا لو فكرنا قليلاً سنجد أن هذا التصريح في برنامج عام مفيد، فهو يلقي الضوء على العلاقة السوية بين زوجين محبين وبين أسرة مترابطة، بدلاً عن التصدير الدائم للنموذج الأسري المفكك.
شئنا أم أبينا فإن النجوم وأهل الفن يمثلون للكثيرين من الجمهور نموذجاً يحاولون تقليده، ونمط حياة يعتبرونه مختلفاً وراقياً ويسعون للتشبه به، ولكن للأسف الكثير من الحكايات الشخصية عن حياة النجوم تكون سلبية، تُظهر التفكك الأسري، وكثرة وسهولة الانفصال، وتشتت الأبناء، وكلها نماذج سلبية تُقدم للجمهور وكأنها هي الأساس والأمر السائد، فماذا عن حكاية مختلفة تُظهر قيماً إيجابية وناجحة؟!
حلمي ومنى.. واحدة من أطول زيجات الوسط الفني
22 عام زواج هي فترة طويلة للغاية بالنسبة لزواج النجوم في أي مكان في العالم بشكل عام، وبالنسبة للزيجات بين النجوم في الوطن العربي بشكل خاص.
فعندما نشاهد منى وهي تصف زوجها بأنه أفضل رجل في العالم، وعندما تتكلم عن دعمه لها، ودعم أبنائهما كذلك، وقتها ستمعن النظر في تصريحها السابق عن كيف أصبحت القبلات والتعبير عن الحب تَعَوُّداً وجزءاً من حياتهم، فقد بدأوا في البداية بإعطاء القدوة للأبناء عن قيمة الحب، ثم اعتادوا الأمر حتى لم يعد مجرد روتين لضرب المثل، بل مشاعر حقيقية من الود والحب جعلتهما الزوجين الأكثر استقراراً في الوسط الفني.
وبالتأكيد ليست مصادفة الربط بين تعبيرهما عن حبهما بهذا الشكل المميز وبين استقرار حياتهم الأسرية والعاطفية، فالثنائي تزوج عام 2002، وأنجب 3 أبناء، وعاش بصمت، فلا إشاعات لخلافات أو طلاق أو غيرها من الإشاعات الشبيهة.
اليوم تتحدث منى عن كون قلبها ما زال يدق بسرعة في صدرها عندما يعود حلمي للمنزل وكأنهما عروسان جديدان، هذا النموذج المحب النادر يحتاج أن يُعمم وأن يكون هو الأساس الذي ينظر له الجمهور، بأن الحياة الزوجية ثمينة ومقدرة، وأن تبادل الحب بين الزوجين مميز ومقبول، وأن الأبناء الذين يعيشون في بيئة محبة كهذه ينشأون نشأة صحية وسليمة، وأن التعبير عن الحب ليس عيباً، خاصة عندما يكون في إطاره السليم بين زوجين محبين بشكل مهذب.
ربما قد حان الوقت لتعريف العيب بشكل مختلف وغير تقليدي، وأن نعتبر الجفوة والعنف بين الأزواج عيب، ورؤية الأطفال لخلافات أبويهم عيب، والخروج على الملأ للشكوى والسباب بين نجوم كانوا أزواجاً يوماً ما؛ عيب.
بينما إظهار الحب والمودة لا علاقة له بالعيب، بل أمر مرغوب ربما نحتاج أن يُعمَّم قليلاً ليصبح هو الأساس المقبول اجتماعياً.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.