يُظهر حضور اللاعبين المسلمين في الدوريات الكبرى الأوروبية خلال شهر رمضان المبارك حالة تحدٍّ فريدة، حيث يجمع بين التزامات دينية ومتطلبات المنافسات الرياضية. في هذا الشهر الفضيل، تزداد الصعوبات للاعبي كرة القدم الذين يشاركون في التدريبات اليومية والمباريات القوية والسفر المتكرر، ما يضعهم في موقف يحتاج إلى تحكم وصبر كبيرين.
ومع ذلك، تظهر قصص اللاعبين المحترفين في هذا الشهر المبارك أمثلة حية على الإصرار والإيمان، حيث يواجهون التحديات بروح الصبر والتفاني. الصيام في رمضان لا يعتبر عائقاً لهم، بل يُعتبر فرصة لتعزيز قيم الصبر والتفاني والتقوية الروحانية. ورغم الجدول الكثيف للتدريبات والمباريات، يسعى العديد من اللاعبين المسلمين للتوازن بين الأداء الرياضي المتميز والالتزام بالتزاماتهم الدينية.
تُظهر قصص النجاح للاعبين المسلمين البارزين في الدوريات الكبرى، مثل محمد صلاح ورياض محرز وساديو ماني وأشرف حكيمي، كيف يمكن للإيمان والرياضة أن تتجانسا.
حيث يعتبرون أنفسهم نماذج يُحتذى بها للشباب الذين يسعون لتحقيق النجاح في الرياضة دون التخلي عن قيمهم الدينية.
إلى جانب ذلك، يجد اللاعبون المسلمون أنفسهم في مواقف تحتاج إلى توازن دقيق، خاصة فيما يتعلق بمسألة كسر الصيام في أثناء المباريات، في حين تسعى العديد من الأندية والمنتخبات لتوفير ظروف مناسبة للاعبين المسلمين لأداء الفرائض الدينية، يظل هناك استثناء واحد في هذا السياق، وهو رفض الاتحاد الفرنسي لكرة القدم منح اللاعبين فرصة لكسر الصيام في أثناء المباريات، ما أثار جدلاً واسعاً حول مدى احترام القيم الدينية في الرياضة.
وفي الوقت الذي يرفض فيه العديد من اللاعبين المسلمين التخلي عن الصيام، يجد بعضهم أنفسهم مضطرين لاتخاذ هذا القرار من أجل استمرار مشاركتهم في المباريات والتدريبات مع فرقهم ومنتخباتهم.
هذا ما حدث مع العديد من النجوم الذين لعبوا في مختلف المنافسات مع الأندية الأوروبية، مثل ديمبا با وعمر كانوتيه، بالإضافة إلى بعض اللاعبين المجنسين في المنتخبات الأوروبية، الذين قد يجدون أنفسهم في مأزق بين الالتزام بالصيام والمشاركة في المباريات والتدريبات.
ومن اللافت للنظر أن العديد من اللاعبين المسلمين يرفضون التفاوض حول قضية الصيام، ويعتبرون الصيام جزءاً لا يتجزأ من عقيدتهم، ولا يترددون في التصريح بذلك.
تعود الأمثلة في هذا السياق إلى عدد من اللاعبين البارزين مثل جيليْ منتخب الجزائر في بطولتيْ كأس العالم 1982 و2014، وفرانك ريبيري مع منتخب فرنسا، ونور الدين نايبت في أثناء مدّة تألقه مع ديبورتيفو لاكورونيا الإسباني، وأحمد حسن في أثناء لعبه مع نادي بيشكتاش.
في رمضان، يبذل اللاعبون المسلمون جهوداً كبيرة للموازنة بين التزاماتهم الدينية ومتطلبات المنافسات الرياضية، وتسعى الأندية الكبرى في أوروبا إلى توفير الظروف الملائمة لهؤلاء اللاعبين خلال هذا الشهر الفضيل.
على سبيل المثال، سمح نادي برشلونة الإسباني للاعبه إيريك أبيدال بالصيام دون أي مشكلة، وفعل الأمر ذاته نادي ريال مدريد مع ثلاثة من لاعبيه الفرنسيين، بالإضافة إلى نادي إشبيلية الإسباني مع اللاعب عمر كانوتيه، ونادي يوفنتوس الإيطالي مع محمد سيسوكو، كما تم إيقاف مباراة ليفربول وتشيلسي السنة الماضية لكي يتاح للاعبين الصائمين الأفطار، لتعكس هذه الخطوات الإيجابية أهمية التفاهم الثقافي والديني في بيئة الرياضة الحديثة.
ومن بين اللاعبين المسلمين البارزين في الدوريات الكبرى حالياً، نجد أسماءً مثل سعيد بن رحمة، ومحمد صلاح، ومحمد النني، وسفيان مرابط في الدوري الإنجليزي، بالإضافة إلى أنور الغازي، ويوسف النصيري، وعبد الصمد الزلزولي، ومنير الحدادي، ونبيل الفقير في الدوري الإسباني. وفي الدوري الفرنسي، الذي يحتوي على أكبر عدد من اللاعبين المسلمين، هناك أيضاً لاعبون مميزون مثل وسام بن يد، وسفيان بوفال، وعز الدين الأوناحي، وأمين باسي، وأشرف حكيمي.
وختاماً، يظهر شهر رمضان المبارك كفرصة للاعبين المسلمين للمحافظة على قيمهم الدينية وتواصلهم مع عقيدتهم في ظل المنافسات الرياضية الشديدة، ما يؤكد على قدرتهم على التوفيق بين الأداء الرياضي المتميز والالتزام بتعاليم دينهم. كما تبرز قدرتهم على المساهمة في تغيير القوانين التي لا تراعي حقوق اللاعبين المحترفين المسلمين في القارة العجوز.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.