على عجلة من أمره، وبسبب ما سيفعله بعد انتهاء التدريبات؛ اعتاد ماتيو فلاميني الذهاب للتدريبات ببدلة رسمية!
لم يكن ماتيو فلاميني مشابهاً لبقية الزملاء في أي شيء، ربما كان لاعباً في نفس الفريق معهم، لكنه ليس مثلهم بأي حال من الأحوال، الرجل الذي فكر في مساحة أبعد من كرة القدم أثناء لعبه للعبة نفسها.
لعب ماتيو فلاميني في صفوف نادي أرسنال الإنجليزي، وانتقل إلى صفوف ميلان الإيطالي، وبدأ في مارسيليا، واختتم مسيرته في صفوف نادي خيتافي الإسباني، ورغم ذلك، لم يكن يُركز تركيزه الكامل فحسب على رياضة كرة القدم.
في شبابه، وأثناء ممارسة رياضة كرة القدم، قرر ماتيو فلاميني أن يخوض واحدة من أصعب الرهانات في مسيرته؛ أن يؤسس شركة بالشراكة مع صديق عمره، وأن يُقررا معاً الإبحار في هذه المعركة الصعبة.
اشتهر ماتيو فلاميني كلاعب كرة قدم، لكنه دخل عالم ريادة الأعمال بشركة فريدة من نوعها؛ شركة تُناطح الشركات الكُبرى في العالم كله في المواد الكيميائية!
أحب فلاميني مجال الكيمياء الحيوية، وارتبط به ارتباطاً وثيقاً؛ هذا ما دفعه إلى البحث وراء إمكانية الحصول على فرصة تنافسية داخله، وكان عليه أن يضع جزءاً كبيراً للغاية من ثروته، من لعبة كرة القدم، في رهانه التجاري المستحدث.
في الوقت الذي كان فيه ماتيو فلاميني يتقاضى راتباً شهرياً يُقدر بحوالي 150 ألف يورو، كان النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، والنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، يحصدان أضعاف ما يحصده.
تفوق على رونالدو وميسي.. هكذا جنى ماتيو فلاميني ثروة تقدر بالمليارات
لكنها العقلية نفسها؛ العقلية التي بحث فيها فلاميني عن الذهاب بعيداً عن بقية من زاملهم ووقف بجوارهم في ميدان كرة القدم. وبالفعل، استعان على قضاء حاجته بالكتمان، حيث قرر ماتيو فلاميني ألا يُفصح بشكل رسمي عن تأسيس شركته، وأن ينتظر حتى تصل الشركة إلى حيز النجاح الحقيقي لا الدعائي.
وبدأ الرحلة القياسية تقريباً في عام 2013، وهي المدة التي كان فيها على بعد 6 سنوات فحسب من اعتزال لعبة كرة القدم بشكل تام، لكن فلاميني خطط لما هو أبعد، وفكر في خطوة ما بعد الاعتزال أثناء لعب كرة القدم.
وبسرعة البرق، تحولت شركته، إلى الشركة الرائدة في تصنيع وإنتاج حمض الليفولينيك؛ وهو الحمض الذي يُستخدم كمادة بديلة عن النفط والبترول في تصنيع بعض المواد.
والهدف من تأسيس الشركة، لم يكن ربحياً فحسب، فبكل تأكيد كل إنسان يبحث عن مكاسبه المادية؛ وإنما رغبة ماتيو فلاميني وشريكه كانت في تغيير العالم ومناخه للأبد!
نعم، قررا معاً أن يذهبا نحو البحث عن مصادر طاقة متجددة، وأن يظل البحث مستمراً حتى يستقر عند التخلي تماماً عن البترول والنفط بشكل دائم.
أصبحت شركة جي في للبتروكيميائيات؛ الشركة الأولى في مجالها حول العالم، والتي لم يتحدث ماتيو فلاميني بشكل واضح عن قيمتها الفعلية في السوق، وأنكر أنها تصل إلى المبالغ التي يتحدث عنها الناس.
لكن التقارير تُشير إلى أن الشركة تُقدر بحوالي 10-20 مليار جنيه إسترليني؛ وهو الرقم الذي يبدو منطقياً بالنسبة لشركة استحوذت على مجال من أهم المجالات في كوكب الأرض، في وقتنا الحالي.
وبما أن المستثمر لا بد أن يستثمر في شيء يعرفه؛ فإن ماتيو فلاميني قرر أن يُكرس حياته لمثل هذه المجازفات، المجازفات التي قال عنها إنه لا يتوقف عن العمل تقريباً إلا في وقت النوم فحسب، فيما عدا ذلك فإنك ستجده يعمل بلا توقف، وبلا اعتبار لساعات العمل.
يأكل فلاميني مرة واحدة فقط في اليوم، ويأكل الأكل النباتي، الذي يعتقد أنه الأفضل؛ لأنه يُوفر الكثير من الغاز، وكذلك للإسراف المبالغ فيه لاستهلاك الماء في معظم مطاعم العالم.
نشأ ماتيو فلاميني في بيئة ساحلية، قرب ميناء مارسيليا؛ واحد من أشهر الموانئ في العالم كله، وقال إن هذه النشأة جعلته يستشعر قيمة البيئة وأهميتها.
لم يكن انجذابه ناحية الكيمياء الحيوية مجرد محاولة لجذب الأنظار؛ وإنما كانت وسيلة تعبير عن نشأته التي جعلته يرى كيف تلوث العالم بفِعل البشر.
يعرف ماتيو فلاميني حقيقة ثابتة في هذا العالم: الوقود، بكافة أنواعه، وكذلك البلاستيك بكافة أشكاله؛ قد أضرا العالم بشكل واضح، وأثّرا بشكل مباشر على المحيطات والبحار.
وتبنى ماتيو فلاميني، عبر شركته الرائدة، فكرة تطوير العالم، والتي أطلق عليها مسمى: "أنا سأنقذ المحيط".
يرغب ماتيو فلاميني في أن يكون الرجل الذي يُنقذ العالم، حقيقة ومجازاً، ويسعى عبر شركته إلى أن يستحوذ على مؤسسات رياضة كرة القدم بالكامل، والتي يرى أنها قد تضررت هي الأخرى بسعي الاتحاد الدولي لكرة القدم لمنح رُعاة من دول عربية وأجنبية حق السيطرة على كل شيء فيها.
قال ماتيو فلاميني إن الاتحاد الأوروبي قد أفسد الرياضة العظيمة، وأصبح من الصعب أن تُلعب أية مباراة في هذه الرياضة في مناخ مثالي وصحي، اللاعبون يشعرون بأنهم مخنوقون طوال الوقت بفعل الغازات التي تطاردهم، يشربون من زجاجات بلاستيكية تضر صحتهم، ويذهبون ويجيئون في سيارات تُسبب لأجهزتهم من الأمراض ما يُحاولون تفاديه بتدريبها!
يبدو أن ماتيو فلاميني لن يكون رجلاً عادياً، حيث قال إن الخروج من مدرسته الثانوية في فرنسا، لم يكن أمراً عادياً، حيث يعرف جيداً تماماً أن الفرصة الحقيقية التي تمتع بها هي: التحدث بالإنجليزية، الفرنسية، بالإضافة إلى تأسيس شركة للكيمياء الحيوية.
يعتقد الناس، أن ماتيو فلاميني، بكل هذا الثراء وهذه الحنكة، سيدخل عما قريب في العمليات الاستثمارية الكُبرى في أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث تكفي ثروته لشراء أكثر من نادٍ في بطولة بحجم الدوري الإنجليزي!
لكن الرجل كان صادقاً، وقال إنه لم ولن ينسى أبداً البيئة التي خرج منها، وسيذهب، إن فعل، نحو شراء أسهم في أحب ناديين إلى قلبه منذ ممارسته لهذه اللعبة: أرسنال الإنجليزي، أو مارسيليا الفرنسي.
وفي أرسنال، يقول زملاؤه إنه الرئيس المُتوقع والمنتظر، ورجل الأعمال الذي وفّق بين جودته كلاعب لعب في صفوف أرسنال وميلان ومارسيليا وخيتافي، ورجل الأعمال الذي خلع ثياب اللعبة الشاقة، واتجه فوراً إلى المنصات الرسمية ليُصبح أحد أشهر وأنجح رجال الأعمال في مجال من الصعب النجاح فيه بسهولة!
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.