على مدار تاريخ الكرة المصرية كان الفلسطينيون -كما يقول المصريون- "وش السعد" على أندية الكرة المصرية، فأينما حلوا حلت معهم البطولات والإنجازات والأفراح على قلوب المشجعين.
وجرت العادة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والرياضية وغيرها أنه حينما نذكر فلسطين فلا بد من ذكر دور مصر، فحب المصريين وارتباطهم بأرض الزيتون لا يقل عن حبهم لكل ذرة أرض مصرية.
وبعد أن عدنا لرؤية "الفدائيين" في قطبي الكرة المصرية مجدداً بعد تعاقد الأهلي مع المهاجم وسام بن علي، والزمالك مع المدافع ياسر حمد، فلا بد من تذكر أبرز البصمات التي تركوها على مدار سنوات طويلة في الدوري المصري.
مروان كنفاني
ليس مجرد تشابه أسماء، بالفعل هو شقيق الروائي المقاوم غسان كنفاني، الذي يعد أحد أشهر أدباء فلسطين ومقاوميها قبل اغتياله من الموساد.
وكما ترك غسان بصمة في تاريخ النضال والأدب، ترك شقيقه مروان "أخطبوط الأهلي" بصمة في جيلٍ تاريخي للنادي الأهلي في الستينيات، جيل من المستحيل تكراره مجدداً، حيث جاور صالح سليم ورفعت الفناجيلى وطه إسماعيل ومحمود الجوهري.
وكان أول موسم لمروان كنفاني في القلعة الحمراء هو الموسم التاريخي 60/61، حين حقق الأهلي كل البطولات التي نافس عليها، من دوري وكأس مصر وكأس الوحدة بين مصر وسوريا.
ويتذكر الجميع دوره الفذ في ذلك الموسم رغم وجود حارس الأهلي الطائر التاريخي عادل هيكل، والحارس الكبير عبد الجليل حميدة، ولكن كانت بينهم منافسة في الملعب وصداقة قوية في خارجه.
وكان لمروان دور مؤثر في بعض الأحداث الساخنة، خصوصاً في ديربي القاهرة الذي كان في أوج توهجه، منها مباراة القمة في موسم 66 حينما وقعت أحداث شغب في المباراة وتم إلغاؤها بسبب اعتراض لاعبي الأهلي على هدف سجله الزمالك، حيث أكد مروان لزملائه أن الكرة لم تتعدَّ الخط قبل أن تتحول المشاجرات خارج الملعب أيضاً بين الجماهير.
بينما في موسم 71 تسبب مروان في ركلة جزاء، وسجلها فاروق جعفر لصالح الزمالك، لتعترض جماهير الأهلي وتقتحم الملعب؛ ما تسبب في إلغاء المباراة. اتهمت حينها وسائل الإعلام مروان بإثارة الجماهير، وخضع مروان للتحقيق وتم إيقافه لمدة 6 أشهر.
مروان كنفاني، تميز أيضاً بكونه أول لاعب يحمل شارة قيادة نادي القرن دون أن يكون مصري الجنسية، من موسم 1969 حتى 1971، خصص حياته بعد الاعتزال للنضال من أجل القضية الفلسطينية، فكان من المقربين للرئيس ياسر عرفات، وعمل كمستشار له خلال سنوات عديدة.
مصطفى نجم
مصطفى نجم، نجم مدينة "غزة" الباسلة، هو أحد أساطير نادي الزمالك في التسعينيات. قبلها بدأ نجم مسيرته في الدوري المصري عن طريق بوابة "زعيم الثغر" الاتحاد السكندري في موسم 1987، واستمر في صفوف "سيد البلد" حتى موسم 1990، من ثم انتقاله للقلعة البيضاء التي ظل فيها لمدة 3 مواسم، نجح خلالها في الفوز بلقبين للدوري المصري في موسمي 1992 و1993، بالإضافة للقب دوري أبطال أفريقيا في الموسم نفسه.
بالطبع، حين يذكر مصطفى نجم بالتأكيد ستتذكر جماهير الزمالك هدفه في الأهلي في شباك أحمد شوبير خلال مباراة القمة في موسم 92/93، الذي انتهى بفوز القلعة البيضاء بذلك الهدف، ليزداد عشق جماهير الأبيض للفدائي الغزاوي.
حيث تميز بانطلاقاته السريعة والتي جعلت البعض يعتبره من أسرع اللاعبين في تاريخ الدوري المصري.
ورغم رحيله في الموسم الثالث عن الزمالك بسبب أزمة في القيد، إلا أن علاقته بفريق ميت عقبة لم تنتهِ، إذ في عام 2000 توسط لسفر الزمالك إلى غزة لخوض المباراة الودية الشهيرة بها بعد توسطه بين الرئيس ياسر عرفات وكمال درويش رئيس الزمالك في ذلك الوقت، وتم تكريمه في مهرجان اعتزال.
بعدها شغل مصطفى نجم منصب مدير وزارة الشباب والرياضة الفلسطينية، ليكمل تمثيله للرياضة الغزية الفلسطينية، وللأسف خلال هذه الحرب الجارية استشهد عدد من أفراد عائلة مصطفى في مدينة غزة، حيث يستمر مسلسل استهداف الاحتلال لكل الرموز الفلسطينية الناجحة في كافة المجالات.
رمزي صالح واستمرار تألق اللاعبون الفلسطينيون في الدوري المصري
مرة أخرى كان الأهلي هو بوابة تألق اللاعبون الفلسطينيون في الدوري المصري، فكانت صفقة رمزي صالح لتعويض رحيل الحارس الأسطوري عصام الحضري لسيون السويسري موسم 2008، فشارك مناصفة مع أمير عبد الحميد في حماية عرين القلعة الحمراء.
خلال موسمين فقط، حقق رمزي إنجازاً لافتاً بفوزه بلقب الدوري المصري مرتين رفقة الأهلي، إضافة إلى تتويجه بلقب دوري أبطال أفريقيا. كما كان جزءاً من بعثة الأهلي التي شاركت في كأس العالم للأندية، والتي أُقيمت في اليابان.
بعدها رحل رمزي للمريخ السوداني، لكنه عاد إلى الدوري المصري مرة أخرى من بوابة نادي سموحة في موسم 2011، واستمر حتى عام 2013. إثر ذلك، انتقل رمزي للعب مع مصر المقاصة، ثم نادي الأسيوطي، قبل أن يختتم مسيرته الكروية في الدوري مع النادي المصري البورسعيدي.
وبعد اعتزاله ما زال رمزي يعمل في الكرة المصرية، حيث يشغل منصب المشرف على الكرة في نادي بروكسي في القسم الثاني للدوري المصري.
على الرغم من اعتزاله، لا يزال اسم رمزي صالح يحتل مكانة مميزة في ذاكرة عشاق كرة القدم المصرية، مخلفاً وراءه تاريخاً حافلاً مع أبرز الأندية المصرية، وبخاصة ذات القاعدة الجماهيرية العريضة.
يزداد يوماً بعد يوم عدد "الفدائيين" في الدوري المصري في الوقت الحالي، خاصة بعد قرار الاتحاد المصري لكرة القدم اعتبار اللاعبين الفلسطينيين غير أجانب وقيدهم كمصريين في قوائم الأندية، ومن أبرزهم محمود وادي ومحمد صالح وحامد حمدان.
واليوم، بعد ظهور وسام أبو علي مع الأهلي بشكل جيد وتسجيله لهدفين حتى الآن، تفاءلت الجماهير كثيراً في أن يكون وسام هو المهاجم الذي عانى الفريق من غيابه لسنوات عديدة.
فلن يكون أبو علي الأخير كما لم يكن الأول، فلا بد أن تقدم مصر دائماً عوناً للكرة الفلسطينية، وأن تكون بوابة للمواهب التي دائماً ما تتعرض للاستهداف على يد الاحتلال الإسرائيلي الذي يدرك جيداً أن أي فلسطيني ناجح في أي مجال هو تهديد حقيقي لوجود الاحتلال واستمراره.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.