كان تشابي ألونسو أنيقاً في كل شيء؛ في مظهره وهيئته وكذلك في أسلوب لعبه، نجح تشابي عندما كان لاعباً في 3 مدارس مختلفة: المدرسة الإنجليزية في نادي ليفربول، والمدرسة الإسبانية في فريق ريال مدريد، بالإضافة للمدرسة الألمانية في صفوف نادي بايرن ميونخ.
ما ميز تشابي ألونسو طوال الوقت؛ هي رغبته المستمرة في رؤية وتتبع ما يفعله أي مدرب يقع تحت إمرته، وهو أمر جعل اللاعب الإسباني يتمتع بقوة كبيرة للغاية بخصوص البحث المستمر له عن التفوق في مختلف الأمور الخاصة باللعبة.
كان تشابي ألونسو في صفوف ليفربول تحت قيادة رافاييل بينتيز، ثم اتجه فيما بعد إلى البحث عن تجربة قوية في صفوف نادي ريال مدريد الإسباني، وحينها لم يُفرط تشابي ألونسو أبداً في هذه المرحلة التاريخية من مسيرته.
حين وصل تشابي ألونسو إلى صفوف ريال مدريد، لم يكن ريال مدريد قد اهتدى سبيلاً بعد إلى التتويج الأهم في تاريخه الحديث؛ العاشرة، البطولة التي بحث عنها 12 عاماً كاملاً.
وبوصول تشابي ألونسو، رفقة مجموعة كبيرة من النجوم في صحوة مدريدية كبيرة في ذلك الوقت؛ عرف ريال مدريد طريقته السحرية للتتويج ببطولة دوري أبطال أوروبا التي غابت عنه والتي لم يفقد صدارته لقائمة الفائزين بها رغم غيابه الطويل عنها.
في لحظة ما، يُقرر ألونسو أن يخرج من صفوف نادي ريال مدريد نحو تجربة جديدة في بايرن ميونخ، كان تشابي ألونسو في أوج فترات الكبر، وعلى مقربة بالفعل من اعتزال اللعبة بشكل تام.
لكنه خرج نحو بايرن ميونخ تحديداً؛ بسبب وجود المدرب الإسباني بيب غوارديولا في تلك الحقبة في ألمانيا، وقال تشابي ألونسو إن فرصة التدريب تحت قيادة بيب غوارديولا لا تُعوض أبداً.
ومن هنا، قرر تشابي أن يذهب بشكل تام وحقيقي نحو التعلم والمعرفة، هو من قال إنه ذهب لبايرن ميونخ بسبب رغبته في معرفة أسرار المدرب الإسباني بيب غوارديولا.
غادر تشابي ألونسو بايرن ميونخ، وغادر لعبة الكرة كلها فيما بعد، وأغلق هذا الباب تماماً بالنسبة لممارسة كرة القدم كلاعب، لكنه عاد إليها كمدرب بعد سنوات.
عاد في رداء الليل كما يُقال، لكن في وصوله كان فريق ريال مدريد تحت 14 عاماً بحاجة إليه، وقرر تشابي ألا يسرق الأضواء بسرعة، وأن يبدأ السلم من أولى درجاته.
بعد عام قضاه في صفوف فريق ريال مدريد تحت 14 عاماً، قرّر تشابي ألونسو أن يخرج نحو فريق ريال سوسيداد الرديف له، وهو فريق لم يُحقق معه المدرب الإسباني أي نجاح يُذكر، كما انتهت تجربته بالاتفاق على الفراق بين الطرفين بسبب ضعف مستواه الفني في نظر الإدارة الباسكية.
على عكس ما كان متوقعاً، قررت إدارة باير ليفركوزن أن تُراهن على المدرب الشاب تشابي ألونسو، الذي يتمتع بسجل رائع وكبير كلاعب، لكنه كمدرب قد يكون محط تساؤلات كثيرة للغاية.
لكن هذه الخطوة التي كانت تحمل رهاناً، إما بالنجاح أو بالفشل، قادت فريق باير ليفركوزن إلى واحدة من أفضل محطاته في تاريخه، إلى المراهنة على التتويج بلقب بطولة الدوري الألماني الممتاز البوندسليغا!
ومنافسة بايرن ميونخ في ألمانيا قد تكون متوفرة في مسابقات كأس ألمانيا أو كأس السوبر، لكن فريق بايرن ميونخ لا أحد يُجاريه ولا يُقارعه في السيطرة والتحكم في لقب بطولة الدوري.
لعقد من الزمان، وأكثر، احتكم بايرن ميونخ على زمام كل شيء يخص الدوري الألماني لكرة القدم، بطريقة جعلت القاصي والداني يُشكك في قوة الدوري نفسه من شدة سيطرة بايرن ميونخ عليه.
تشابي ألونسو يصنع موسماً تاريخياً مع ليفركوزن
أتى تشابي ألونسو من بداية الموسم، وقرر أن يُضيف منافسة غير تقليدية على هذه المنافسة التي لم يستطع أي فريق مؤخراً أن يدخلها وينتصر بها، حتى فريق بروسيا دورتموند الذي يُعتبر المنافس الأول لبايرن ميونخ في الكرة الألمانية، سقط في الفخ نفسه خلال الموسم الماضي وفي الجولة الأخيرة بعدما كان على مقربة من الظفر بالبطولة!
أتى تشابي ألونسو، وقرر ألا يترك نادي باير ليفركوزن يحلم فحسب؛ بل قرر أن يُرسخ قيمة كبيرة في نفوس لاعبيه، الذين وضعوا هدفاً تحقق بالأداء الباهر، بالإضافة إلى قوة النتائج التي حققوها مؤخراً.
يحتكم نادي باير ليفركوزن على زمام القيادة الألمانية في الوقت الراهن، كما يُقدم مستويات تجعله من بين أبرز المرشحين للتتويج بلقب بطولة الدوري الأوروبي اليوروباليغ هذا الموسم.
يتقدم تشابي بهم نحو الحلم الأكبر؛ حلم التتويج بلقب بطولة الدوري الألماني التي لم يفلح باير ليفركوزن أبداً طوال تاريخه في الظفر بها، وإنما كان وصيفاً في 5 مرات لها.
يقودهم تشابي ألونسو نحو تصديق أن أسطورة بايرن ميونخ قد تنهار، بعد أن تعادل مع الفريق الأقوى في ألمانيا في الدور الأول في ملعب الأليانز أرينا، ثم انتصر عليه في ملعب الباي أرينا في ليفركوزن بثلاثية نظيفة.
وما يُميز فريق باير ليفركوزن بقيادة تشابي ألونسو، أنه يلعب الكرة كما لو كان لا يخشى الأسماء التي تُواجهه، تُشاهد مستوى اللاعبين وكذلك الكرة الجميلة التي يقدمونها؛ فتفهم تلقائياً لماذا أصبح فريق باير ليفركوزن بهذه القوة المفرطة والتي لم تنتج إلا عن طريق الكثير من التدريب والتحضير من تشابي ألونسو نفسه.
يقف تشابي ألونسو في هدوء غريب، بهيئته الكلاسيكية وملامحه القوية، وتشعر من وقفته وحضوره بأنه يعرف ماذا يفعل، ويُدرك أن لديه ما يُقدمه، يثق في نفسه ويثق كذلك في أفكاره التي استطاعت أن تضع بايرن ميونخ في خانة اليك، للمرة الأولى منذ سنوات!
وقد تكون هذه الرحلة الخاصة بفريق باير ليفركوزن مجرد رحلة رائعة، قد تنتهي في المواسم المقبلة بعد أن تبحث الأندية الأوروبية الكُبرى عن اقتناص كل العناصر المميزة في صفوف باير ليفركوزن، وكذلك قد يخرج تشابي ألونسو من صفوف الفريق نحو تجربة أكبر، سواء حقق لقب بطولة الدوري أم لم يُحققها.
لكن بكل تأكيد، حين قال بيب غوارديولا إن تشابي ألونسو سيكون مدرباً مميزاً في المستقبل؛ فهذا لم يكن بمحض الصدفة، وحينما قال جوزيه مورينهو إنه يرى في تشابي ألونسو مدرباً أقرب إلى بيب غوارديولا وأفكاره؛ لم يكن يكذب.
وبالتالي، فإن مرحلة تشابي ألونسو مع فريق باير ليفركوزن ستظل خالدة، سواء كُتبت لقصته نهاية سعيدة مثلما أراد، أو مثلما انتهت قصة بروسيا دورتموند في الموسم الماضي واستطاع بايرن ميونخ أن يحصل على الوصفة السحرية التي تجعل الجميع يكرهه في الكرة الألمانية!
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.