خلال عام 1946 وُلد Claude Vorilhon خارج إطار الزواج في بلدة آمبرت في فرنسا، تخلى عنه والده الذي توفي عام 1961 وكانت لنشأته عديمة الأب تأثير كبير على شخصيته، بعدها تزوج Claude Vorilhon من أولى زوجاته الثلاث عام 1971، وبين هذا العام وعام 1974 عمل في مجال المجلات والصحافة، وخلال عام 1973 وعبر رحلته في جبال Clermont-Ferrand قال إنه قابل والده البيولوجي الحقيقي، والذي أوحى إليه بأنه نبي القادمين من السماء.
يُعرف Claude Vorilhon حالياً باسم رائيل أو Raël وهو مؤسس إحدى أخطر الجماعات الدينية التي ظهرت في أوروبا والتي لا تزال مستمرة، حتى الآن ويقال بأنها أكبر جماعة دينية مرتبطة بالأطباق الطائرة والفضائيين وتضم حوالي ثمانين ألف عضو طبقاً لتصريحات مسؤوليها.
لذا دعني آخذك في رحلة قصيرة حول هذه الحركة، وكيف أنشأها Claude Vorilhon أو Raël.
المقابلة الأولى
ادعى Claude أنه خلال رحلته في جبال Clermont-Ferrand لمح طبقاً طائراً في السماء، بالطبع خيم عليه الفضول فاتبع ذلك الشيء حتى حط على الأرض أمامه، وكان واضحاً لـ Claude أنها سفينة فضائية من عالم آخر.
تحرك باب الطبق الطائر، نزل منه سلّم ممتد، ثم ظهر إنسان على السلّم طوله أكثر من 1.2 متر على حد وصف Claude، ترك الإنسان الفضائي طبقه الطائر، واقترب من Claude وبدا واضحاً للأخير أنه يرغب في التواصل معه.
بادر Claude بالسؤال بلغته الفرنسية:
"من أنت؟".
أجاب الفضائي قائلاً:
"أنا من مكان بعيد جداً عن كوكب آخر، جئت لأقابلك Claude Vorilhon، لدي الكثير لأخبرك به واخترتك لمهمة صعبة. ستنقل للبشر ما سأقول لك الآن، وبناءً على رد فعلهم، سنقرر ما إذا كنا سنظهر لهم أنفسنا أم لا. ادخل معي إلى المركبة وسنتحدث براحة أكبر".
في المركبة أخبر الفضائي Claude Vorilhon بأن اسمه هو يهوه وأنه والده البيولوجي الحقيقي وقرر أن يغيّر اسم Claude إلى Raël ثم أخبره الآتي:
"نحن صانعو كل الحياة على الأرض وكذلك البشر. لستم مجرد ناتج عشوائي للتطور أو خلق من كائن خارق بل نتيجة لهندسة وراثية متقدمة قام بها علماء فضائيون".
ثم أمر Raël الآن بأن عليه ضم الأتباع إليه وبناء سفارة لاستقبال مبعوثين هؤلاء الفضائيين في القدس؛ لأنه هو أصل كل الأديان الإبراهيمية، وهذه كانت المقابلة الأولى المزعومة من قبل Claude والتي قرر بعدها إنشاء جماعته.
وثائقي raël the alien prophet
منذ حوالي أسبوع فقط، صدر أحد أخطر الوثائقيات في تاريخ شبكة نتفليكس وهو الوثائقي الذي كشف ظروف نشأة الطائفة الرائيلية وكيف تحولت لإحدى أخطر الطوائف المهووسة بالفضائيين والأطباق الطائرة.
في البداية يكشف لنا الوثائقي كيف استغل Claude كذبته حول مقابلاته الوهمية مع الفضائيين ليصنع من نفسه نبياً كاذباً، ففي عام 1974 نشر كتابه The Book that Tells the Truth والذي جمّع به معتقداته التي أسس عليها دينه الجديد، ثم أنشأ في عام 1976 ما يُعرف بالكنيسة الرائيلية والتي بدأت بضم الناس إليها شيئاً فشيئاً حتى جاء عام 1992 وحينها بدأ Claude بالظهور على شاشات التلفاز وأمام الجماهير لإقناعهم بنبوته.
بالطبع ضمت جماعته في البداية المهووسين بفكرة الفضائيين والأطباق الطائرة، ولكن سرعان ما بدأت بضم العديد من ذوى الخلفيات الفكرية المختلفة بسبب مشاركة الطائفة ضمن حركات حقوق النساء وحقوق المثليين الغربية.
لكن يكشف لنا الوثائقي كذلك أن هذا القناع لم يستطِع إخفاء الوجه الحقيقي للطائفة والذي تضمن الحرية الجنسية المطلقة والإجبار على البغاء، والتعدي الجنسي على الأطفال والعبودية والاستنساخ غير الأخلاقي، وهذا ما جعل هذه الطائفة تُصنف كإحدى أخطر الحركات الغربية الحديثة.
فبعد إحدى المقابلات التلفزيونية لرائيل أو Claude ظهرت ادعاءات متعددة وخطيرة في برامج تليفزيونية أخرى، وقال هذه الادعاءات بأن أعضاء في الطائفة قاموا بالاعتداء جنسياً على طفلة في الحادية عشرة من العمر.
وقالت الطفلة والتي كانت ضمن الطائفة مع أمها بأن أمها لم تحاول حتى حمايتها من هذا الاعتداء، بالطبع أنكر Claude هذه التهم وقال بأن الأطفال غير مسموح لهم بالانضمام لدينه الجديد.
ولكن إلى أي حد قد تستمر هذه التهم؟
وعد النبي الكاذب
قدّم Claude نفسه لجمهوره كنبي حقيقي، قام بتربية شعره وارتدى العباءات البيضاء ليماثل هيئة المسيح الكنسية، وعد تابعيه بجنّة سماوية في كوكب آخر، صنع لهم مكاناً مقدساً في عقولهم وهي السفارة التي أراد إنشاءها في القدس، ثم أخبرهم بأن دينه الجديد يمنحهم الحرية المطلقة لممارسة كل ما يريدون حتى قال في إحدى مقابلاته.
"بالطبع نحن متطرفون بشأن الحرية، نحن نفعل ما نريد".
في الوثائقي، تخبرنا الصحفية Brigitte McCann حول قيامها باختراق الطائفة، وكيف قاموا بالتحرش بها جنسياً كجزء من مراسم الانضمام، بل كشفت كذلك بأن قادة الطائفة يقومون باستعباد عدد من الأعضاء النساء حولهم لممارسة كل ما يرغبون فيه معهم، وحين واجهت مسؤولي الطائفة بحقيقة ما يقومون به كان ردهم:
"للنساء في الطائفة لهم مطلق الحرية في فعل ما يريدون".
وهذا بالطبع يقع ضمن مظلة الحرية المطلقة التي وعدهم بها نبيهم رائيل، ولكن هل توقف الأمر عند هذا الحد؟
الجريمة الكبرى:
الإيمان بالهندسة الوراثية وعلم الاستنساخ هو جزء متجذر في فلسفة النبي رائيل وطائفته، لهذا في عام 1997 قام بإنشاء شركة Clonaid والتي تهدف لاستنساخ البشر، حيث يؤمن رائيل وجماعته بأن الاستنساخ هو الوسيلة الوحيدة للخلود.
بالطبع كان الهجوم على الطائفة كبيراً للغاية، فأبحاث الاستنساخ غير مسموح بالقيام بها على البشر، وهذا ما دفع رائيل لجعل شركته تقع ضمن الأراضي المحتلة في إسرائيل حتى يتجنب القوانين الغربية.
خلال عام 2002، ادعت الشركة بقيادة Brigitte Boisselier أنها استطاعت استنساخ طفلة بشرية بنجاح وقاموا بتسميتها حواء أو eve كما في الكتاب المقدس، ومع ذلك رفضت الشركة والطائفة الإفصاح عن هوية الطفلة الأصلية أو عن هوية والديها، وحتى عن الطريقة المستخدمة في عملية الاستنساخ.
حاول بعدها محامٍ أمريكي مقاضاتهم بتهمة الإساءة للأطفال جسدياً والقيام بالتجارب عليهم، ولكن للأسف لم تستطِع المحكمة فعل شيء بسبب وجود الشركة على أراضٍ محتلة.
ومع مرور السنين كُشف أن الأمر برمته كان مجرد كذبة أخرى من النبي الكاذب، حيث اعترف Damien Marsic والذي قضى ثلاثاً وثلاثين سنة ضمن صفوف الطائفة بأنهم لم ينجحوا أبداً في استنساخ إنسان.
ولكن في الوثائقي وخلال المقابلة Brigitte Boisselier قالت بأن حواء الطفلة المستنسخة حقيقية وما زالت حية إلى الآن، وبالطبع رفضت كذلك الإفصاح عن أي معلومات عنها لتستمر الكذبة معنا إلى المستقبل.
في النهاية يأخذنا الوثائقي في رحلة مظلمة ومرعبة داخل أروقة طائفة ما زالت تضم إليها الناس حتى يومنا هذا، ويكشف لنا كيف يمكن للإنسان أن يحوّل نعمة العقل إلى نقمة، وكيف يمكن لكذبة أن تدمر حياة البشر.
بلا شك كان هذا الوثائقي أحد أفضل الوثائقيات التي تبدأ بها نتفليكس عامها الجديد، وقد استطاع حصد إعجاب الجمهور وإثارة الرأي العام ضد الطائفة من جديد، فأتمنى أن ينال إعجابك بنفس القدر.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.