تدمير التعليم في غزة.. كيف يمحو الاحتلال مستقبل الأجيال؟

عربي بوست
تم النشر: 2024/02/19 الساعة 13:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/02/19 الساعة 13:16 بتوقيت غرينتش
مدارس وكالة غوث اللاجئين "الأونروا" في قطاع غزة٬ أرشيفية/ AA

دخلت حرب الإبادة الجماعية على غزة، شهرها الخامس، في ظل استمرار المجازر والجرائم بحق المدنيين والنازحين في مختلف مناطق القطاع، فيما ترتفع حصيلة الشهداء والجرحى كل ساعة، نتيجة العدوان الإسرائيلي الهمجي المتواصل على القطاع.

الاحتلال الإسرائيلي لا يفوّت فرصة لقصف وتدمير البنى التحتية والعمرانية، ابتداء من الشوارع والمنشآت والمساجد والكنائس والجامعات والمستشفيات، مروراً بالعمارات والبيوت السكنيّة والأراضي الزراعية، وانتهاء بالبشر من نساء وأطفال ورجال.

مع استمرار الأحداث المؤلمة، نتيجة العدوان الهمجي وحرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية الأمريكية المشتركة على قطاع غزة على مدى الأشهر الماضية من التدمير الممنهج والقتل المتعمّد، يتعرض القطاع التعليمي والتربوي، كغيره لآثار سلبية وخطيرة تؤثر على مستقبل الأجيال القادمة، وتعتبر هذه القضية جزءاً من الأحداث التي تشهدها غزة، والتي ربما لم تحظَ بالاهتمام اللازم بسبب وجود أزمات أخرى أكثر إلحاحاً. 

يُشكل العدوان الغاشم تهديداً مباشراً على الحياة بأسرها في غزة بما فيها منظومة من أي سبل لنهوض بعد الحرب، لذلك تركز آلة التدمير الإسرائيلية للفتك بنظام التعليم في غزة برمته، حيث تم هدم المدارس والجامعات، وقتل المئات من أساتذة الجامعات والكليات، والآلاف من طلبة المدارس والجامعات، وتشريد الآلاف منهم، بما ينقض الأسس الأخلاقية والقانونية لحقوق الإنسان. 

إذ يقول المتحدث باسم "اليونيسف" في القدس، جوناثان كريك، لصحيفة "الغارديان" البريطانية إنه لا يوجد أي شكل من أشكال التعليم أو الدراسة في قطاع غزة في الوقت الحالي. 

ويشير إلى أنه قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كان هناك ما يقرب من 625 ألف طالب في سن الدراسة في غزة، لكن الآن لا يذهب أي منهم إلى المدارس بسبب مستوى العنف والأعمال العدائية المستمرة والقصف المكثف. 

ويرى محللون وحقوقيون أنه حتى لو تمَّ التوصل إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد، فإن العودة إلى الحياة الطبيعية في غزة ستكون مهمة صعبة للغاية وستستغرق وقتاً طويلاً.

علقت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، التعليم في جميع المؤسسات التعليمية بقطاع غزة، ولم يتم استئنافها حتى الآن؛ نتيجة لاستمرار حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة. 

ويوجد في قطاع غزة 796 مَدرسة، منها 442 مدرسة حكومية و284 مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، و70 مدرسة خاصة.

في حين بلغ عدد الأبنية المدرسية للعام الدراسي نفسه بالقطاع 550 مبنىً مدرسياً، منها 303 مبانٍ مدرسية حكومية، و182 مبنى مدرسياً تابعاً لوكالة غوث، و65 مبنى مدرسياً خاصاً.

وبحسب وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، فقد استشهد أكثر من 4851 طالباً و239 موظفاً تعليمياً في قطاع غزة، وأصيب أكثر من 8227 طالباً و836 معلماً، وفقاً لآخر إحصائية صدرت يوم 13 فبراير/شباط الجاري.

استهدافات ممنهجة

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أكد تضرر أكثر من 625 ألف طالب، ونحو 23 ألف معلم، بسبب عدوان جيش الاحتلال المستمر على قطاع غزة.

بالإضافة لذلك، يتم استخدام نحو 92% من جميع المباني المدرسية في غزة ملاجئ للنازحين لافتاً إلى تعرض نحو 392 مدرسة 79% من إجمالي المباني المدرسية في غزة لأضرار، وضمن ذلك 141 مدرسة تعرضت لأضرار جسيمة أو دُمرت بالكامل.

ويلاحظ أن هناك استهدافاً كبيراً وواسعاً لعشرات من الأكاديميين بانتظام، حيث أكثر من 96 فلسطينياً أكاديمياً تم استهدافهم مع عائلاتهم وقتلهم، ومن بين قائمة الشهداء الأكاديميين الذين تم استهدافهم، 17 شخصية تحمل درجة البروفيسور، و59 درجة الدكتوراه، و18 درجة الماجستير.

كل هذا يؤكد أن هناك استهدافاً ممنهجاً لقطاع التعليم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي من خلال عدوانه على قطاع غزة، وأن هناك استهدافاً شاملاً للمؤسسات التعليمية، خاصة تلك التي اتخذها جيش الاحتلال كمقار عسكرية، وقام بتدميرها.

نحن الفلسطينيين ندرك عقلية الاحتلال لإبادتنا جيداً، وعلى العالم العربي والإسلامي أيضاً أن يدرك أن حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المدعومة أمريكياً كانت دوماً، وما زالت على الشعب الفلسطيني كله وعلى تاريخه وحاضره ومستقبل أجياله، وبهذا المعنى فهي لا تستثني شيئاً، وتستهدف الجميع، وربّما تتبدّل من جولة إلى أخرى، ومن مرحلة إلى أخرى، لكنها في المحصلة تستهدف الشعب الفلسطينيّ وكينونته المدنية والإنسانية ووجوده المادي.

إنّنا أمام انكشاف متجدّد ليس لوجه هذا المجتمع الاستيطانيّ فحسب، بل لطبيعة الاحتلال الإسرائيلي ودوره الوظيفي وارتباطه العضوي بالمركز الاستعماري الأميركيّ الغربيّ (المٌتحضر)، وهو ما برز ليس فقط بحضور وتجنّد هؤلاء وإدارتهم للحرب على قطاع غزة بشكل مباشر فقط، بل أيضاً في طبيعة العدوان الهمجي وحدود المسموح والممنوع واليد المطلقة الممنوحة للآلة العسكريّة لجيش الاحتلال وصولاً إلى نتائجها وأهدافها غير المعلنة المتمثّلة بالإبادة والتجويع والتهجير، والتي تسعى لإتمام نكبة ثانية على مرأى ومسمع من العالم "الأصم الأبكم".

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ظاهر صالح
كاتب وصحفي فلسطيني
كاتب وصحفي فلسطيني
تحميل المزيد