صرح كبار المسؤولين الإسرائيليين خلال الأيام القليلة الماضية بأنه تم إخلاء مدينة غزة من سكانها ونقلهم إلى ملاذ آمن في مدينة رفح. وكانت تصريحات إسرائيلية قد حثت سكان شمال غزة على النزوح إلى الجنوب الآمن، ثم قامت إسرائيل بمذابح النازحين الذين صدقوا الرواية الإسرائيلية.
ويعمل مخطط إسرائيل المعلن على تحقيق ثلاثة أهداف؛ أولها إبادة سكان غزة ضمن خطة الإبادة العامة للعرق الفلسطيني والثاني القضاء على المقاومة ضد إسرائيل حتى تأمن باختراقها الدبلوماسي والاستخباراتي للخليج؛ بعد أن مكنتها مصر السادات من ذلك ثم بقية الدول العربية؛ حيث صرح الرئيس الأمريكي بايدن بعد 7 أكتوبر وخلال زيارته لإسرائيل، أكد بايدن أنه ما لم توجد إسرائيل لاخترعناها، وصرح قبل ذلك في تقييمه لإنجازات إداراته بأن أهم إنجاز في ولايته الأولى أنه مكن إسرائيل من اختراق العالم العربي، ومعلوم أن عقد اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل بدأ بمصر أكبر الدول العربية وأكبر جائزة لجهود إسرائيل، كما قال وزير خارجية إسرائيل في مقال له في مجلة الشؤون الخارجية الأمريكية، عدد يناير، 1980 بعد أشهر من توقيع السادات صفقة السلام مع إسرائيل، تلك الصفقة التي مكنت إسرائيل من مصر والمنطقة العربية، وأخرجت مصر من عداد القوى الفاعلة ضد إسرائيل وطوعتها بمساعدة واشنطن حتى تحصد ما زرعته خلال عملية الإبادة والتهجير وتنفيذ صفقة القرن.
أما الهدف الثالث لحملة الإبادة فهو إطلاق سراح الأسرى اليهود لدى المقاومة دون أن تطلق إسرائيل سراح المعتقلين الفلسطينيين لديها.
ومعلوم أن انتصار إسرائيل معناه تنفيذ صفقة القرن في هدوء أي استقدام يهود العالم وزرعهم في فلسطين مكان الفلسطينيين في وطنهم لإعلان إسرائيل الكبرى. وقد أكد نتنياهو في 21 يناير 2020 أن إسرائيل تسعى إلى التغلب على التهديد الإيراني، كما تغلبت على القومية العربية ويقصد الزعماء القوميين الذين رفعوا شعارات القومية مثل عبد الناصر وصدام حسين ومعمر القذافي، وقال إن إسرائيل تعيش ازدهاراً دبلوماسياً وعسكرياً واقتصادياَ ووسط هذا المناخ جاءت عمليات المقاومة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 لترد على المؤامرة ونأمل أن توقفها.
يقضي المخطط بحشر سكان غزة في رفح ثم القيام بعمليات، وفق ما صرح به نتنياهو بأنه أمر الجيش بالاستعداد للقيام بعمليات كبرى من شأنها أن تبيد أكبر عدد من النازحين، وأن تدفع مصر لفتح المعبر، وقد مهد لذلك أحد العسكريين المصريين بقوله في الإعلام، ولكنه لا يمثل الحكومة، بأنه لا يعقل أن نمنع دخول الفلسطينيين هرباً من الموت بشكل مؤقت ثم تعيدهم مصر إلى غزة.
ورغم موقف مصر الحازم حول منع التهجير وتصفية القضية، ولكن مصر قد تضطر إلى السماح بالتهجير تحت الضغوط والإغراءات، وتحدثت تقارير عن أن مصر مضطرة لإنقاذ سكان غزة من الإبادة مقابل حزمة من الدعم المالي تعالج به الحكومة بالاضافة إلى إسقاط الديون. ولكننا نعارض هذه المؤامرة، ونربأ بمصر من المشاركة فيها تحت أي ظرف، بل نحثها على الدفاع عن أراضي مصر التي استخفت إسرائيل بها.
ومخاطر تهجير الفلسطينيين التي حذر منها الاتحاد الأوروبي والأمين العام للأمم المتحدة ومنظمات إنسانية أخرى من منظور إنساني، وتقديري أن العالم كله متواطئ مع إسرائيل؛ لكن تنفيذ هذا المخطط قد يحدث ثم يترك للحكومة المصرية أن تقنع الشعب المصري بأن هذا فيه خير عميم، ولكني أحذر من هذه الخطوة بسبب المخاطر الكثيرة نورد أهمها فيما يلي:
الخطورة الأولى: هي استمرار المؤامرة من البعيد والقريب على الشعب الفلسطيني التي استمرت منذ إعلان المشروع الصهيوني في أواخر القرن التاسع عشر حتى الآن. ومعلوم أن 7 أكتوبر ضربت هذه المؤامرة ضربة مبدئية، وهذا ما أغضب أطراف المؤامرة.
الخطورة الثانية: هي تمكين إسرائيل من التوحش في المنطقة، والقضاء على المقاومة التي أحرجت الجيوش والحكومات العربية، فهي قنبلة موقوتة، خاصة أن المصريين يشعرون بالغبن والضيق من توظيف أموال الخليج ضد مصالح الأمة، وبحاجة ماسة إلى تحرير وطنهم من ذيول الصهيونية، ومعلوم دور إسرائيل في ذلك كله.
الخطورة الثالثة: أن يزداد اختراق إسرائيل لبقية الدول العربية، وهي الجزائر والصومال وجيبوتي واستخدام العراق ساحة لتصفية الحسابات بين إيران وإسرائيل، وغيرها.
الخطورة الرابعة: هي أن تبدأ إسرائيل في ضم الجولان وكذلك الضفة الغربية وإلغاء المملكة الأردنية الهاشمية، وإقامة دولة فلسطينية مكانها، وهي مؤامرة الوطن البديل التي أعلنتها إسرائيل في سبعينيات القرن الماضي.
الخطورة الخامسة: تشجيع إسرائيل النظم الحليفة على إحكام قبضتها على الشعوب؛ لأن الديمقراطية العربية أكبر تهديد لوجود إسرائيل، فيزداد احتمال الانفجار الشعبي ضد إسرائيل وأذنابها في المنطقة، خاصة أن إسرائيل تستخدم المنطقة العربية سوقاً لمنتجاتها فتنهار اقتصاديات الدول العربية.
الخطورة السادسة: هي ضياع القضية الفلسطينية إلى الأبد.
الخطورة السابعة: هي احتمال قيام ثورة في مصر بسبب الأوضاع الداخلية والخارجية.
الخطورة الثامنة: ضياع الهوية العربية لصالح الهوية الصهيونية مما قد يمهد لعودة التيار الإسلامي.
ورغم أن هذا هو الحل السعيد الصهيوني؛ حيث تنقطع المنازعات برحيل الفلسطينيين وإقامة دولة اليهود؛ حيث تتهيأ الظروف اللازمة لتحقيق ما جاء في القرآن الكريم وتكون نهاية إسرائيل.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.