اللغز الأفريقي والمنطق الآسيوي.. لماذا أطاحت كرة القدم بالكبار هذه المرة؟

عربي بوست
تم النشر: 2024/02/07 الساعة 09:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/02/07 الساعة 09:28 بتوقيت غرينتش
كأس أمم أفريقيا 2023/ رويترز

بقدر ما كانت موازين القوى محترمة في بطولة كأس أمم آسيا لكرة القدم الجارية وقائعها في الدوحة من حيث النتائج، كانت المفاجآت والاستثناءات حاضرة في كأس أمم أفريقيا التي تحتضنها كوت ديفوار، بغض النظر عن المستوى الفني العام للاعبين والمنتخبات، وخصوصيات كل بطولة، والقواسم المشتركة بينهما، والتي تؤكد كلها أن الكرة لم تعد مجرد لعبة، ولم تعد تفرق بين الصغير والكبير والقوي والضعيف، بل صارت تبتسم للأفضل أثناء مباريات البطولة والأكثر جرأة وإرادة وإصرار على الفوز، وتخذل الأقوى إذا لم يجتهد، حتى وإن كان يعج بالنجوم واللاعبين الكبار، ويزخر برصيد فني وتاريخي يعتقد أنه يشفع له في بطولات مجمعة تتحكم فيها ظروف ومعطيات موضوعية أكثر من تلك الذاتية التي تخص بعض المنتخبات.

الشغف الجماهيري والاهتمام الإعلامي كان واحداً في البطولتين، بل يتزايد من بطولة لأخرى، والمفاجأة كانت حاضرة بدرجات متفاوتة بالنسبة للمنتخبات التي تأهلت إلى المربع الأخير على غرار الأردن والكونغو الديمقراطية، وتلك التي خرجت من البطولة مبكراً مثل اليابان وأستراليا والعراق في آسيا، والسنغال والمغرب والجزائر ومصر وتونس وغانا والكاميرون في أفريقيا، وهي التي كانت في دورات سابقة تصنع الحدث وتتألق، لكنها أفسحت المجال هذ المرة لطاجكستان وأوزبكستان والأردن، وسمحت بظهور منتخبات أخرى في أفريقيا مثل كاب فيردي وغينيا ومالي، في ظل مفارقة تحدث لأول مرة منذ 26 عاماً، حيث خلا نصف النهائي من جميع الفرق التي تصدرت مجموعتها، بل بلغه منتخب كوت ديفوار الذي تأهل بأعجوبة ضمن قائمة أفضل 4 ثوالث، ثم أخرج السنغال ومالي توالياً.

خروج حامل اللقب السنغال ورابع العالم المغرب، ومصر صاحب الرقم القياسي في عدد التتويجات باللقب في الدور ثمن النهائي كان من أكبر مفاجآت البطولة الأفريقية، إضافة إلى خيبة الجزائر وتونس والكاميرون وغانا التي خرجت جميعها من الدور الأول، دون أن تفقد البطولة إثارتها وسحرها رغم ارتفاع درجة الحرارة ونسبة الرطوبة، كما أن خروج اليابان وأستراليا في ربع النهائي كان من أبرز مفاجآت كأس آسيا، لكن وجود إيران وكوريا ومنتخب البلد المنظم قطر، يؤكد صعوبة حدوث مفاجآت في القارة الصفراء مقارنة ببطولة القارة السمراء، ويرسخ استمرار تألق منتخبات غرب القارة على حساب نظرائهم في الشرق، بينما بلغت الدور ثمن النهائي 5 منتخبات من غرب أفريقيا لأول مرة في تاريخ كأس أمم أفريقيا.

القواسم المشتركة بين البطولتين كانت كثيرة على غرار عدد الأهداف الكبير الذي سجل بعد الدقيقة الـ90، في الوقت بدل الضائع الذي احتسبه الحكام بمعدل 8 دقائق عن كل مباراة، حيث سجل الأفارقة حتى انتهاء مباريات ربع النهائي 27 هدفاً و9 أهداف في الـ5 دقائق الأخيرة من عمر الوقت الرسمي، بينما كانت حصيلة أهداف الوقت بدل الضائع في مباريات كأس أمم آسيا عند نفس الدور 17 هدفاً، سجل منها المنتخب الكوري 4 أهداف كانت حاسمة أمام السعودية في ثمن النهائي وأستراليا في ربع النهائي.

حتى عدد الأهداف المسجلة كان متقارباً بين البطولتين حتى انتهاء مباريات الدور ربع النهائي، حيث بلغ 116 هدفاً في كأس أمم آسيا مقابل 15 هدفاً في الدورة السابقة، و113 هدفاً في بطولة كأس أفريقيا التي تم فيها تحطيم الرقم القياسي الذي سجل سنة 2019 في القاهرة بـ103 أهداف، ما يعني أن اللعب الهجومي كان حاضراً على مستوى البطولتين التي سجل فيهما ما يقارب معدل 3 أهداف في كل مباراة، رغم تألق حراس المرمى أمام اندفاع هجومي ملحوظ، وتقلص عدد المباريات التي انتهت نتائجها بالتعادل السلبي، وبلغت حتى الآن 4 في كلتا البطولتين من أصل 96 مباراة.

الفارق الأساسي بين البطولتين يكمن في عدد المدربين الذين استقالوا أو تمت إقالتهم حتى الآن، حيث سجلنا إقالة مدرب اليمن فقط في بطولة كأس أمم آسيا، و9 إقالات على مستوى القارة السمراء في منتخبات الجزائر، ومصر، وتونس، وغانا، وغامبيا، وناميبيا، وتنزانيا والسنغال، وكذا منتخب كوت ديفوار الذي أقيل بعد الدور الأول وتم تعويضه بمساعده في سابقة أولى بلغ بعدها المنتخب الإيفواري نصف النهائي، وصار مرشحاً للبطولة بعد أن تجاوز سكرات الموت في الدور الأول، وعاد إلى الحياة في الدور الثاني ليطيح بالعملاقين السنغال ومالي، بينما استعاد منظم كأس أمم آسيا المنتخب القطري حظوظه، وصار مرشحاً للحفاظ على تاجه، إلا إذا فعلها الأردن لأول مرة في التاريخ، وفعلتها جنوب أفريقيا للمرة الثانية بعد 30 عاماً منذ آخر تتويج.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

  

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

حفيظ دراجي
المُعلق الرياضي الجزائري
إعلامي شهير، ومُعلق رياضي جزائري.
تحميل المزيد