منذ وقت بعيد، تلقى هذا العالم الكثير من المفردات والمفاهيم على أنها حقائق، وظلت لمدة طويلة مثبتة دون نقاش، وهي إن أردنا الحقيقة كانت مؤثرة في الجانب النظري الذي كانت تقبع فيه وتقدم من قبل الفعاليات الفكرية (شخوصاً ومؤسسات) على أنها مسلمات يجري الالتزام بها والدعوة إليها، بل وتتحدد مكانة المتلقي على حسب تفاعله معها.
ولكن حين تمر الأحداث العظام، وتتزلزل الأرض بالحروب والمواجهات، تتكشف الحقائق فعلاً، وتظهر هزالة الكثير من المفاهيم، وعدم دقتها ومصداقيتها، بل ويغدو النظام العالمي برمته انعكاساً للزيف والانحياز المقيت.
ظهر هذا كثيراً في العراق وأفغانستان والتعاطي مع الربيع العربي، وحصل هذا ولا زال وعلى مدى عقود طويلة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية!
لقد بات من الضروري والملزم إعادة تعريف الأشياء، بل وأن يبادر المختصون في كل علم وفن فيكتبون قاموساً جديداً عنوانه (طوفان الأقصى)، يضع الأمور ـ كما فعل ـ في نصابها، ويعيد ترتيب المواقع، ويجلّي جوهر الأمور، ويزيل غشاوة الخداع التي تعرضت لها الأمة بشكل ممنهج وطويل المدى ليدفعوه إلى الانسلاخ من هويته وقيمته ومبادئه!
إن مفردة مثل (النظام العالمي الجديد) يجب أن تعرّف بشكل مغاير، وبذات الوسائل التي استخدمت ضد أمتنا المسلمة، فهذا العنوان البراق بات مرتعاً للشرّ فكراً ومشاريع هيمنة لا تتردد في قتل الملايين من أجل إرضاء نزواتها في السيطرة والهيمنة على الآخرين!
و(العالم الحرّ) هو الآخر لا بد أن يتجرد من ألوانه الزاهية الكاذبة، فيعاد الاعتبار للون الأحرار الأسود ممن رفعوا من قيمة الإنسانية ولم يخضعوا لعالم الغرب المتباهي بقوته وبياض بشرته التي لم تخفِ سواد فكره وفعله، مصححاً مواقع الشعوب والحكام، فيُعلي شأن الأولى ويرمي بالأخيرة إلى أدنى المراتب.
و(الانحياز) هو نصرة الحق، و(السلام) تحرير الأرض والشعب وفك أسر المقدسات، و(الإعلام) رمزه الدحدوح وإخوانه المرابطين، و(التحالف) فعل أصيل لإنقاذ فلسطين، و(التاريخ) لم يبتدئ بعد وينتظر فعل الأبطل ليكتب أول حروفه، و(الإنسانية) جسر التواصل بين فلسطين وجنوب أفريقيا، و(الشعوب) هي كلمة الحق المقيدة والتي تنتظر الإطلاق، و(الحياة والموت) مجرد عناوين لا تدل على صلاح الحال أو النجاح، فكم من محسوب على الحياة وهو مدفون في تراب البؤس، وكم من ميت يحلق فرحاً بوعد الله.. بإذنه تعالى.
وغير ذلك الكثير.. الكثير!
لقد عاشت الأمة عقوداً تحت وطأة إكراه فكري شديد، ولم تستطع البهرجة المتقنة أن تخفي حقيقته مع أول اختبار، والتحرر المنتظر ليس في الأرض فحسب، بل أساسه تحرير العقل من كل رواسب الخضوع للقوة الطاغية، وتأسيس مشروع الأصالة الذي يكوّن الإنسان العربي والمسلم مجدداً على أساس من نور، ليزيد توهج الحياة، فتشرق شمس الخلاص!
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.