بين “طوفان الأقصى” وحرب أكتوبر.. هل تتكرر هزائم الاحتلال بنفس الطريقة؟

عربي بوست
تم النشر: 2024/02/04 الساعة 13:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/02/04 الساعة 13:55 بتوقيت غرينتش
آليات الاحتلال التي دمرتها المقاومة في قطاع غزة سابقا/ مواقع التواصل

يُلاحظ تشابه كبير بين طوفان الأقصى وحرب رمضان في أكتوبر/تشرين الأول 1973، فرغم أن الفاصل بينهما 50 عاماً بالضبط، فإن كلتا الحربين وقعتا في يوم السبت، الموافق لعيد الغفران اليهودي؛ حرب أكتوبر كانت في السادس من أكتوبر/تشرين الأول، بينما كان "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

في كلتا الحربين، كان لدى الاحتلال معلومات مسبقة عن الاستعدادات لشن حرب أو عمل عسكري كبير؛ من جانب مصر وسوريا في عام 1973، ومن جانب المقاومة في عام 2023. لكن، في كلا الحالتين، أعمى غرور الاحتلال وثقتهم الزائدة بقوتهم عيونهم عن تصديق هذه المعلومات.

طوفان الأقصى وحرب أكتوبر

تتشابه الحروب أيضاً من ناحية طبيعة التحديات الدفاعية؛ حرب رمضان/أكتوبر شهدت اجتياز المصريين والسوريين لموانع منيعة، بدءاً من قناة السويس ومروراً بأنابيب النابالم الحارقة، ثم الساتر الترابي، وصولاً إلى المواقع الحصينة. في المقابل، شهد "طوفان الأقصى" اجتياز المقاومة لسور خرساني ضخم يمتد لأمتار تحت الأرض ويتميز بأجهزة استشعار حركة ووسائل تدمير آلي لكل من يحاول اجتيازه، بالإضافة إلى كاميرات ترصد كل حركة على جانبي السور الحدودي.

حرب أكتوبر1973 انطلقت بتمهيد نيراني مدفعي وضربة جوية شاملة من 200 طائرة مصرية، تلاه عبور المشاة لقناة السويس واجتياز المانع الترابي، ومن ثم اقتحام حصون خط بارليف. أما طوفان الأقصى، فقد بدأ بقصف صاروخي مكثف، تبعه هجوم بطائرات شراعية متطورة كما في أفلام الخيال، ثم تحطيم الجدار الخرساني واجتيازه، والهجوم على فرقة غزة مع تدميرها، أسر العشرات من قادتها وجنودها، ومصادرة العديد من وثائقها.

خلال حرب أكتوبر، رفضت كل من أمريكا وإسرائيل في بداية الحرب إصدار أي قرار بوقف إطلاق النار، ظناً منهما أنه مجرد مسألة وقت حتى تدمر إسرائيل الجيش المصري وتعيد احتلال المناطق التي حررها. في طوفان الأقصى، يستمر رفض أمريكا وإسرائيل لأي وقف لإطلاق النار، على أمل تدمير كافة قوات المقاومة في غزة، واستعادة الأسرى، وإعادة احتلال القطاع، لكن مرت أكثر من 3 أشهر دون أن تستطع إسرائيل من القضاء على المقاومة أو السيطرة فعلياً على غزة.

في حرب أكتوبر، عبرت قوات إسرائيلية قناة السويس في ما يُعرف بالثغرة، محاولة احتلال الإسماعيلية أو السويس، لكنها فشلت. في طوفان الأقصى، اكتسحت القوات الإسرائيلية شمال غزة، وعندما ظنت أنها قضت على المقاومة وسيطرت على المنطقة، توجّهت إلى جنوب القطاع بـ3 فرق، لكنها فوجئت بإطلاق الصواريخ من شمال القطاع، المنطقة التي ظنت أنها أنهت وجود المقاومة فيها. وفي حرب رمضان/أكتوبر، ورغم عبور القوات الإسرائيلية في الثغرة للضفة الغربية للقناة واحتلال مواقع فيها، فإنها بمجرد انتهاء الحرب انسحبت من كل غرب القناة في الوقت الذي بقيت فيه القوات المصرية شرق القناة ولم تنسحب منها.

خلال حرب أكتوبر ظهر لأول مرة في تاريخ الحروب الاستخدام المكثف للصواريخ المحمولة على الكتف لتدمير الدبابات، ونجحت نجاحاً ساحقاً في تدمير مئات الدبابات الإسرائيلية؛ حيث كان الجندي المصري يحفر حفرة برميلية صغيرة يختفي فيها، ثم يفاجئ الدبابات بالصواريخ التي تدمرها على من فيها، وفي عملية طوفان الأقصى ظهر استخدام المقاومة للصواريخ المضادة للدبابات المحمولة على الكتف وعبوات تدمير الدبابات المصنعة محلياً، حيث نجحت المقاومة في تدمير عشرات الدبابات الميركافا التي كان العدو يتفاخر بأنها عصية على التدمير ويحيطها بهالة من القوة ونجحوا في تصديرها، و لكن رجال المقاومة دمروها بسهولة، ونتج عن ذلك تراجع كثير من الدول عن خطط شراء هذه الدبابات. 

وفي حرب قامت البحرية المصرية بغلق مضيق باب المندب أمام أي سفن إسرائيلية أو متجهة لميناء إيلات (قرية أم الرشراش المصرية المحتلة)، وفي "طوفان الأقصى" قام الحوثيون في اليمن ودعماً للمقاومة في غزة بتحذير واستهداف أي سفن إسرائيلية أو متجهة لإسرائيل من المرور عبر بحر العرب ومضيق باب المندب ومدخل البحر الأحمر، ما دفع الولايات المتحدة وبريطانيا إلى قصف مواقع الحوثيين في اليمن؛ دعماً لإسرائيل وتحت زعم حماية الملاحة الدولية. 

في كلا الحربين تكبّد الاحتلال خسائر من القتلى والأسرى تفوق قدرتهم على استعواضها وأيضا خسائر كبيرة جداً في الدبابات و الطائرات، ولكن أمريكا سرعان ما تعوض خسائرهم في المعدات فقط أما الأفراد فلا.

لذلك، بدأت ملامح صفقة في الظهور لتبادل الأسرى ووقف الحرب، ما يعني فشل إسرائيل في تحقيق أيٍّ من أهدافها بالحرب واضطرارها للتفاوض مع المقاومة والرضوخ لمطالبها.

بإذن الله، ستنتهي الحرب على غزة بفشل الاحتلال في تحقيق أهدافها بالقضاء على المقاومة والانسحاب من غزة، وفي نهاية المطاف، ستُكلّل الجهود بإقامة الدولة الفلسطينية. ومن  المتوقع أن يؤدي فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه في الحرب إلى انهيار الحكومة الإسرائيلية بسبب هذا الفشل، مما قد يمهد الطريق لميلاد دولة فلسطينية، ولو كان ذلك في البداية على جزء من أرض فلسطين السليبة، كمرحلة أولى نحو استرجاع كامل الأرض.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عبدالله النجار
كاتب وباحث في الشأن السياسي
كاتب وباحث في العلوم السياسية
تحميل المزيد