بعد عقود من الدعم.. هل تنجح إسرائيل في تصفية “الأونروا” التي تساعد أكثر من 5 ملايين فلسطيني؟

عربي بوست
تم النشر: 2024/01/31 الساعة 10:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/01/31 الساعة 10:36 بتوقيت غرينتش
الاحتلال يتهم عدد من موظفي الأونروا في غزة بالعمل لصالح حماس/ الأناضول

يبدو أن سلطة الاحتلال الإسرائيلي تشنّ حرباً على وكالة الأونروا، وذلك في إطار مخطّط تهجير الفلسطينيين بعد قتلهم وتهجيرهم وتجويعهم، بعد مراحل من القمع والنزوح والحرمان من الحاجات الأساسية. تأتي هذه الإجراءات في أعقاب استهداف المؤسسة الدولية التي شهدت فقدان 152 من موظفيها على يد الاحتلال، واستهداف النازحين في مراكز الإيواء التابعة لها، طوال أشهر العدوان المستمر وحرب الإبادة على قطاع غزة.

تدعي إسرائيل ضلوع 12 من موظفي وكالة الأونروا بأحداث عملية "طوفان الأقصى"، وزعمت قيام ضباط الاستخبارات بتحديد تحرّكات الموظفين داخل الأراضي التي احتلتها يوم 7 أكتوبر الأول بناءً على مراقبة هواتفهم، ورصد مكالمات هاتفية لآخرين داخل قطاع غزة، ما دفع عدداً من الدول المانحة إلى تعليق تمويل المنظمة.

لازاريني والمزاعم الصادمة 

من جهة أخرى، أعلن فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، عن إنهاء الوكالة عقود الموظفين الذين زُعم أنهم تورطوا في هجمات 7 أكتوبر، لافتاً إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي، زودت وكالة الأونروا بمعلومات حول التورط المزعوم لعدد من موظفي الأونروا في الهجمات، وأضاف أنه اتخذ هذا القرار لحماية قدرة الوكالة على إيصال المساعدات الإنسانية، ورأى لازاريني أن هذه المزاعم تأتي صادمة في الوقت الذي يعتمد فيه أكثر من مليوني شخص في قطاع غزة على المساعدات المنقذة للحياة التي توفرها وكالة الأونروا منذ بدء الحرب، وأشار إلى أن كل من يخون القيم الأساسية للأمم المتحدة، فهو يخون أيضاً الذين نخدمهم في غزة وفي الأقاليم الأخرى.

لكنه حذر من أن تعليق بعض الدول تمويلها للوكالة الأممية "سيؤدي إلى توقف جميع أنشطتنا الإنسانية لدعم الفلسطينيين في غضون بضعة أسابيع".

الأونروا
المفوض العام لمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أنروا"، فيليب لازاريني/الأناضول

لا يبالغ فيليب لازاريني في ذلك، فقطع التمويل عن الأونروا ما هو إلا معاقبة لملايين من الفلسطينيين دون وجه حق بشكل لا إنساني، ويُعد عقوبة جماعية وازدواجية معايير، خاصة أنهم هُجروا من أرضهم عام 1948، وما زالت إسرائيل ترتكب الجرائم بحقهم، لذلك يجب عدم تسييس عمل وكالة الأونروا ومعاقبة الملايين بقطع التمويل، لأن ذلك سيؤدي لانهيار العمل الإغاثي برمته بالقطاع وفي مناطق عملها.

لكن العالم يبدو أنه لا يأبه، فرغم التحذيرات علّقت كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وكندا، وفرنسا، وسويسرا، وهولندا، والنمسا، وألمانيا، وأستراليا، ورومانيا، وإستونيا، واليابان، وفنلندا؛ مساهماتها المالية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" بسبب مزاعم "إسرائيلية" بمشاركة 12 موظفاً في الوكالة بعملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، رغم أن وكالة الأونروا تضمّ ما يزيد عن 30 ألف موظف، فإن اتهام 12 موظفاً جعل 13 دولة تسارع إلى تعليق التمويل المرصود للوكالة، بانتظار الانتهاء من التحقيق في المزاعم الإسرائيلية.

وتعلم إسرائيل جيداً أهمية الأونروا وماذا يعني قطع التمويل، وتكتسب مساهمة الولايات المتحدة في الأونروا أهمية بالغة، إذ تعد أكبر مانح للوكالة التي تقدم خدماتها لنحو 6 ملايين فلسطيني مسجل. ويزيد الأمر وضوحاً عند النظر إلى الدور التعليمي الذي تلعبه الأونروا، حيث تعلّم أكثر من نصف مليون طفل فلسطيني في مدارسها.

يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تُقدِم فيها الولايات المتحدة على مثل هذا التصرف، ففي عام 2018 قررت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب وقف مساهمتها المالية السنوية البالغة 300 مليون دولار. وفي مايو 2019 دعا مستشار ترامب لشؤون الشرق الأوسط إلى إنهاء عمل وكالة الأونروا، متهماً إياها بأنها "فشلت في مهمتها".

من ثمّ عاودت واشنطن تقديم التمويل للأونروا ابتداءً من عام 2021 بعد انتخاب الرئيس الحالي جو بايدن، والذي يدخل حالياً العام الأخير في ولايته وتنتظره معركة انتخابية محتملة مع ترامب مجدداً.

هل هي خطة مدبرة من إسرائيل لتصفية القضية؟

يسعى الاحتلال إلى القضاء على الوكالة المعنية بتأمين مساعدات لأكثر من 5 ملايين فلسطيني في قطاع غزة والضفة ودول اللجوء والشتات، في إطار استمرار لمخطط القتل والتهجير.

ويثبت ذلك، تصاعد الأعمال العدائية الموثقة ضد مراكز وموظفي الأونروا، فقد استهدف الاحتلال الإسرائيلي مراكز الأونروا ومدارس النزوح في قطاع غزة، وقتل 152 من موظفي وكالة الأونروا خلال العدوان المستمر على غزة. وقد وثقت الوكالة 263 اعتداءً إسرائيلياً على مراكزها، قتل خلالها 360 نازحاً على الأقل، وذلك بحسب التقرير الأخير الصادر في 29 يناير 2024.

بالإضافة إلى ذلك، كشف إعلام الاحتلال في وقت سابق، عن وثيقة سرية أفصح عنها أواخر ديسمبر الماضي حملت مخططاً إسرائيلياً من 3 مراحل لإخراج وكالة "الأونروا" من قطاع غزة واستبدالها بمنظمة أخرى توفر خدمات التعليم والرعاية الاجتماعية.

المرحلة الأولى: تركز على تجميع وترويج مزاعم حول التعاون بين الأونروا وحركة حماس، ما قد يعكس محاولة لتقويض شرعية الوكالة ودورها.

المرحلة الثانية: تهدف إلى تقليص حضور وأنشطة الأونروا في المنطقة، ما يحدّ من قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية.

المرحلة الثالثة: تشير إلى خطة لنقل المسؤوليات من الأونروا إلى هيئة جديدة ستحكم غزة بعد الحرب.

في ظل المساعي المستمرة للاحتلال الإسرائيلي لإبادة الشعب الفلسطيني، يبرز السؤال حول مستقبل الوكالة ودورها في حماية ودعم اللاجئين الفلسطينيين. إذ تتمثل المهمة الأساسية للأونروا في تأمين حقوق اللاجئين الفلسطينيين حتى يتحقق حق العودة، وهو مبدأ يُعتبر محورياً في القضية الفلسطينية. ومع ذلك، فإن الأونروا تواجه تحديات جمة، بما في ذلك المحاولات المتعمدة لتقليص دورها أو حتى إنهائها.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ظاهر صالح
كاتب وصحفي فلسطيني
كاتب وصحفي فلسطيني
تحميل المزيد