يُجمع المراقبون على الأهمية الاستراتيجية للعلاقة بين إسرائيل والغرب، خاصةً مع الإدارات الغربية الكبرى، مثل إدارة بايدن. تتجلى هذه العلاقة بشكل واضح في الدعم الذي تتلقاه إسرائيل، لا سيما خلال قتلها الممنهج للفلسطينيين في قطاع غزة، الضفة الغربية، والقدس، منذ أكتوبر الماضي، إذ شهد العالم تصاعداً في العدوان الإسرائيلي، بينما هرولت أغلب الدول الغربية مثل الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، وألمانيا لتتبنى الرواية الإسرائيلية، بل قدمت دعماً عسكرياً ومالياً واسع النطاق، لتستمر إسرائيل في شن حربها الهمجية على الشعب الفلسطيني بغرض الإبادة والتهجير وتدمير البنى التحتية وكل ما يمكن أن يساعد على الحياة في غزة؛ مما يجعل هذه الدول شريكة في تلك الجرائم الجارية التي تُرتكب بحق الفلسطينيين.
تُظهر مواقف قادة الغرب مثل الرئيس الفرنسي، رئيس الوزراء البريطاني، والمستشار الألماني، إلى جانب إدارة بايدن، انحيازاً واضحاً لحكومة نتنياهو. الإعلام الغربي يُعتبر أيضاً عاملاً في هذه الديناميكية، حيث يُظهر في كثير من الأحيان القضايا من منظور يدافع عن الموقف الإسرائيلي، مُغفلاً عن الضحايا الفلسطينيين في العملية، على سبيل المثال، خلال هذه الحرب، برزت تقارير إعلامية في منابر مثل BBC و CNN تُظهر الصواريخ القادمة من غزة كتهديد رئيسي، بينما تُغفل أو تُقلل من شأن الفظائع التي تُرتكبها إسرائيل بقصفها للمدنيين الفلسطينيين بطول وعرض غزة كلها. تغطية مثل هذه الأحداث بطريقة غير متوازنة توضح السياسات التي تدفع تلك المنصات لتثبيت صورة نمطية تُظهر إسرائيل دائماً كضحية تدافع عن نفسها، متجاهلةً الواقع والحقائق والمآسي الإنسانية على الجانب الفلسطيني.
من الجدير بالملاحظة الدور الحاسم الذي تلعبه تلك الدول الاستعمارية، وخصوصاً الولايات المتحدة، في دعم الجيش الإسرائيلي من خلال تزويد الأسلحة والمعدات العسكرية من مستودعاتها الموجودة بالأراضي المحتلة. هذا الدعم لا يقتصر على التمويل اللوجستي بل يشمل أيضاً تحويل ملايين الدولارات لتعزيز نظام القبة الفولاذية الإسرائيلي، في مسعى لتأمين البنية الدفاعية لإسرائيل ضد صواريخ المقاومة الفلسطينية. هذه الخطوة ليست مجرد دعم عابر، بل تُعبر عن عمق الارتباط الاستعماري والدعم الصريح من جانب الإدارة الأمريكية لإسرائيل.
الشراكة الغربية مع إسرائيل، والتي تتجلى في الدعم العسكري والدبلوماسي، ليست وليدة اللحظة. بل هي امتداد لنهج استعماري مستمر منذ عام 1948، متجذر في استراتيجية تسعى لتعزيز التحالف مع إسرائيل في مختلف الأصعده لترسيخ الهيمنة والمصالح الاستعمارية في المنطقة. هذا التعاون الاستعماري-الإسرائيلي تجلى بوضوح في دعم إسرائيل في المحافل الدولية، حيث استخدمت الدول الاستعمارية حق الفيتو لمنع أي قرار يدين السياسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وتم تعزيز تلك السياسات الاستعمارية من خلال الضغط على المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة للتخلي عن مواقفها النقدية تجاه إسرائيل، كما حدث في تغيير موقف الأمم المتحدة تجاه الصهيونية في عام 1991، تُظهر مدى التعقيد والتداخل في العلاقات الدولية التي تؤثر بشكل مباشر على الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.
إن الجرائم التي تُرتكب اليوم أمام الكاميرات، أزالت الستار عن الواقع المؤلم، إذ تبرز الآن، أكثر من أي وقت مضى، الضرورة الماسة للتحرك الدولي الحازم لوصم وإدانه إسرائيل بالعنصرية والفاشية، فلقد أظهرت هذه الحرب بجلاء أن الصمت أو اللامبالاة لم يعودا خياراً مقبولاً. لذا، يجب الضغط على المنظمات الدولية والمجتمع الدولي لاتخاذ موقف صارم ضد إسرائيل وداعميها، رداً على جرائمها وخرقها للقوانين الدولية. إن العمل على عزل إسرائيل وداعميها يتجاوز كونه رد فعل على الظلم، إنه يمثل تحدياً مباشراً للبنية الاستعمارية التي سمحت بتفشي هذه الأعمال وتجاهلت معاناة الشعوب، لذلك، سيعد هذا الضغط خطوة جوهرية لكل دول الجنوب نحو إنهاء النفوذ الاستعماري الغربي الذي طالما طبع على مؤسسات النظام العالمي.
هذه اللحظات تمثل نقطة تحول حاسمة في التاريخ، حيث يُتاح للمجتمع الدولي فرصة لإعادة صياغة النظام العالمي بما يتوافق مع مبادئ العدالة والمساواة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.