الأطفال رمز البراءة والبهجة والنقاء، يولدون ويحاطون بالعناية والمحبة والدفء والاهتمام، ولكن في إحدى البقاع على هذه الأرض في هذا العالم؛ حيث أصبحنا في القرن الحادي والعشرين؛ الأمر مختلف بالنسبة للأطفال في غزة، في ظل القصف، والحرب التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلية؛ حيث تتم سرقة أبسط حقوق الأطفال قبل أن يولدوا.
أطفال غزة قبل الولادة:
أطفال غزة قبل أن يولدوا سلب منهم الاحتلال الوطن، وجراء القصف المتكرر ليس لديهم رفاهية المنزل، فمنازلهم تم تدميرها، وأفراد الأسرة يتساقطون واحداً تلو الآخر شهداء؛ جراء العدوان، وحتى الأم التي يختبئ الطفل داخل أحشائها؛ هرباً من ظلم العالم لا تسلم، ففي مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة، ونتيجة للقصف الإسرائيلي، استشهدت الأم هنادي أبو عمشة قبل ولادة طفلتها، ولكن تحدث المعجزة وتنجو الطفلة بعد التدخل بشكل عاجل، وتوليد الأم قيصرياً لإخراج الطفلة التي تعاني من خطر نقص الأوكسجين بسبب وفاة أمها قبل ولادتها.
الأطفال حديثو الولادة:
20 ألف مولود ولدوا منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر، طبقاً لليونيسف، التي وصفت حال الأطفال الذين يولدون في قطاع غزة بأنهم "يولدون في الجحيم"، حيث المستشفيات لا تعمل بشكل كامل، ولا تتوفر الأدوات للعلاج والرعاية سواء للطفل أو للأم، إضافة لغياب اللقاحات الدورية؛ ما يهدد حياة أكثر من 16 ألف طفل بخطر الإصابة بالحصبة وشلل الأطفال، وكذلك يعاني النازحون في مراكز الإيواء من نقص شديد في حفاضات الأطفال وغيرها من الضرورات التي يحتاجها الطفل ليبقى على قيد الحياة وبصحة جيدة، إلا أنه يحرم منها، ولم تكن هذه أولى الجرائم التي يقوم بها الاحتلال في هذه المخلوقات الضعيفة، ففي مستشفى النصر للأطفال بغزة في 29/11/2023 وثقت عدسة مراسل قناة المشهد جثث أطفال خدج متحللة يخرج منها الدود، اضطر أهاليهم قبل أسبوعين من الحادثة إلى تركهم في المستشفى بعد أن أخلاه الاحتلال بتهديد السلاح، وعرقل إخراج الخدج وحال دون عودة الأهل لأطفالهم.
سر الحياة
الهواء، الماء، الغذاء، الدواء، الوقود، الكهرباء ضرورات حياة، انتزعت من الإنسان في غزة نتيجة الحصار الشامل الذي أعلنه وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي "يواف غالانت".
ونتيجة عدم وجود وقود لتشغيل المولدات الكهربائية وانقطاع الكهرباء عن المستشفيات توقفت الأجهزة عن العمل، الأمر الذي اضطر الأطباء لإجراء العمليات اعتماداً على كشافات الهواتف بدون مخدر وبدون مسكنات أو مطهر للجروح.
المياه التي يضطر الأطفال وأسرهم الى استخدامها غير آمنة؛ فهي إما ملوثة أو شديدة الملوحة، ما يفاقم الإصابة بالأمراض، أما عن الغذاء، ففي ظل سياسة التجويع الشرسة اضطر أهل غزة إلى طحن أوراق الشجر وعلف الحيوانات كبديل للدقيق.
بين لهيب القصف وبرد الشتاء:
في غزة من استطاع أن ينجو من القصف يجد نفسه أمام صقيع البرد، حيث لا منزل يحتمي بجدرانه، ولا ملابس كثيفة تؤمن الدفء، فعلى سبيل المثال في خان يونس جنوب قطاع غزة يفتقر الأطفال في مراكز الإيواء للملابس وأي وسائل للتدفئة، ويفترشون الأرض ويغطون خيامهم ببعض قطع النايلون حتى لا تصل إليهم مياه الأمطار.
الطفولة خلف القضبان:
عندما يسرق الاحتلال حياة الأطفال في غزة فكيف يتركهم يلعبون، فهذه مرام القاسم، ذات الخمس سنوات، حكم عليها أن تكون تكون روحها البريئة سجينة جسمها الصغير، وذنبها أنها كانت تلعب لتصيبها شظايا صاروخ إسرائيلي سقط قرب أحد مراكز النزوح في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، لتصاب مرام بشلل كامل وعجز سمعي وبصري.. وغيرها الآلاف من الأطفال الذين استشهدوا أو أصيبوا أو بترت أطرافهم أو فقدوا أسرهم.
آلاف الأطفال خائفون جائعون، آلاف الأطفال يتألمون ويتعرضون لصدمات نفسية، الآلاف والآلاف يحرمون من طفولتهم، والعالم في سبات عميق.
الكثير من كوابيس اليقظة يستخدمها الاحتلال مع أهلنا في غزة، ولكن هيهات أن يصل الاحتلال لهدفه أو يحقق غايته، إن أهلنا في غزة صامدون شامخون صابرون محتسبون مجاهدون، لن يضرهم من خذلهم، وهم بإذن الله منتصرون، إنه لجهاد؛ نصر أو استشهاد.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.