أمريكا وإسرائيل وتبادل الأدوار

عربي بوست
تم النشر: 2024/01/16 الساعة 14:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/01/16 الساعة 14:26 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأمريكي جو بايدن - رويترز

من بين مهام رجال السياسة في الغرب والإعلام الغربي وبعض المنصات العربية التي لا تريد المقاومة، وتحت إشراف غرفة إدارة الحرب النفسية والمعلوماتية، بيع الأوهام بهدف إشاعة حالة اليأس في النفوس، أو زرع الآمال الكاذبة، أو كلاهما. فتراهم يُروجون في العلن لما يُسمونه "ما بعد حماس"، وكأن انتصار إسرائيل العسكري أمر محسوم. 

وتراهم من جهة ثانية ينشرون أخباراً حصلوا عليها من مصادر موثوقة، على أنها من الأسرار، وينشرونها بأساليب السبق الصحفي، عن وجود خلافات بين أمريكا ومعها أوروبا من جهة، وبين إسرائيل من جهة ثانية حول عدم الرضا عن تزايد أعداد القتلى من المدنيين والأطفال الفلسطينيين خلال المجازر التي يسمونها "العمليات العسكرية الإسرائيلية".

 قبل انتهاء فترة هدنة تبادل الأسرى، أتذكر كيف خرج علينا أساطين التحليل في الإعلام العربي بالقول الجازم إن أمريكا قررت إعادة إسرائيل إلى "بيت الطاعة"، منهم من اجتهد، وآخرون على صحف الغرب استند. واليوم تراهم يقرأون مشهد انسحاب وحدات الأسطول الأمريكي من شرق البحر الأبيض المتوسط على أنها خطوة من جانب الإدارة الأمريكية للضغط على إسرائيل حتى لا تهاجم الأخيرة لبنان. وهذه برأيي قراءة سطحية وتختزل الكثير. 

رغم أن المسألة شديدة الوضوح، ففي حال لم يتمكن نتنياهو وقادة جيشه من تدمير غزة وغيرها من المدن القريبة ربما سيلجأ إلى مغامرة جديدة ضد لبنان يبرر فيها فشله في تدمير غزة، وسوف تكون هذه المغامرة تحت مزاعم تحييد خطر المقاومة اللبنانية التي تشكل صداعاً مستمراً لكل قادة إسرائيل العسكريين والسياسيين. 

لذلك، أرى أن استمرار الحرب وتوسعها هو السيناريو الأكثر احتمالاً لكون أمريكا لا تريد الهدنة ولا التوقف حتى أن يتحقق المخطط المرسوم بالخفاء وليس كما هو بالعلن أمام وسائل الإعلام. إذ لا ترى حكومة الاحتلال، ولا سيما نتنياهو شخصياً وقادة الجيش الحاليين، أي مصلحة سوى استمرار الحرب وتوسيعها على الرغم من الخسائر البشرية الكبيرة التي يتعرض لها الجيش الإسرائيلي في ميدان المعركة من ضربات المقاومة الفلسطينية التي لا ينشرها الإعلام في الغرب تماهياً مع رؤية الاحتلال وأجندته. 

إدارة الحرب العسكرية والنفسية والإعلامية على الشعب الفلسطيني تتولى مهامها حكومتان تتقاسمان المهام وتنسقان خطواتهما، حكومة في واشنطن تُمثل الغرب الرسمي بضغط من اللوبيات وأصحاب المصالح، والثانية في تل أبيب التي تُشكل رأس الحربة. 

ورغم كون إسرائيل مُنتجاً غربياً فنه لا يقود آلياً إلى تبعية المنتوج إلى الصانع، بل توجد علاقات تأثير متبادلة بينهما معقدة وشائكة،  لذلك فإن ما يُشاع عن وجود خلافات بين الإدارة الأمريكية ومعها الغرب الرسمي من جهة وبين إسرائيل من جهة ثانية، إنما هي مجرد عملية توزيع أدوار، يكون لإسرائيل فيها الدور الرئيسي لكونها رأس الحربة، لكنها حربة مثلومة هذه المرة، ولهذا نراها تزداد شراسة مع كل خسارة! 

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عباس ليث
مدون وصحفي عراقي
مدون وصحفي عراقي
تحميل المزيد