مع استمرار المجازر الإسرائيلية واستهداف الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده في فلسطين الوطن وفي المهاجر القريبة والبعيدة، تبرز أسئلة حول أهمية إنجاز المصالحة الفلسطينية بين كافة الفصائل والقوى، في وقت ظهرت فيه وحدة الشعب الفلسطيني بشكل لافت وجليّ منذ "عملية الاقصى" والعدوان الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر الماضي، فهل ستكون المصالحة العنوان الأبرز لعام 2024؟
يمكن الجزم بأن التحدي الأهم والأبرز للشعب الفلسطيني المقاوم والمتشبث بوطنه، هو تحقيق مصالحة حقيقية وراسخة والاتفاق على توجهات كفاحية مشتركة على كافة الصعد، حيث سقط الرهان على استمرار المفاوضات مع الدولة المارقة إسرائيل، فبعد أكثر من ثلاثة عقود من اتفاقات أوسلو تشير الحقائق إلى تضاعف النشاط الاستعماري الإحلالي في شكل ملحوظ، سواء في مقياس مصادرة الأراضي أو في بناء المستوطنات في الضفة الغربية، ومن بينها مدينة القدس التي تتعرض لأكبر هجمة استيطانية منذ عام 1967، فضلاً عن سعي حكومة نتنياهو الإرهابية إلى تهجير واقتلاع الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية والداخل الفلسطيني، بغرض تحقيق ديموغرافيا تهويدية إحلالية قسرية. ومن الأهمية الإشارة إلى أن وحدة الصف الفلسطيني الشعبي والفصائلي ستكون مقدمة أساسية لجمع القدرات الكامنة لدى الشعب الفلسطيني لمواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية والمعلنة فولاً وفعلاً من قبل حكومة نتنياهو والشركاء الغربيين الذين تبنوا الرواية الإسرائيلية وشرعوا المجازر الإسرائيلية التي ترتكب على مدار الساعة في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس وكذلك الداخل الفلسطيني.
ويمكن تعزيز واتساع دائرة الاعتراف بفلسطين كدولة في المؤسسات الدولية إذا استطاع الفلسطينيون ترسيخ المصالحة، ومن ثم التوجه بخطاب سياسي دبلوماسي موحد وجامع بعد وضع برنامج واستراتيجية مشتركة ورسم مستقبل واعد للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه الثابتة في وطنهم. ويمكن الجزم بأن إنجاز المصالحة سيكون بمثابة طوق نجاة ومصدر قوة للكفاح الوطني الفلسطيني ودحر الاحتلال الإسرائيلي، ويرفع في الوقت نفسه من سقف الخطاب السياسي الفلسطيني، بعد مفاوضات عبثية امتدت أكثر من 30 عاماً، بحيث يكون من السهولة المطالبة بتفكيك معالم الاحتلال، ومنها المستعمرات، عوضاً عن تجميدها، وكذلك يمكن المطالبة بتطبيق قرارات دولية صادرة، ومنها تلك القرارات المتعلقة بالأسرى الفلسطينيين، وتفكيك الجدار العازل كمعلم احتلالي أيضاً.
وقد يكون أجدى للفلسطينيين في المدى المنظور المطالبة بتدويل عدة ملفات، وبخاصة المجازر الإسرائيلية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني والمستعمرات والأسرى والمياه، ناهيك عن العمل لتفعيل وتطبيق القرارات الدولية التي تعتبر كافة الأعمال التهويدية الاحتلالية في القدس باطلة، وفي المقدمة منها التغيرات الجغرافية والديموغرافية، كما تحتم الضرورة المطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم الوحيد فلسطين والتعويض المادي والنفسي عن الأضرار التي لحقت بهم إثر نكبة 1948. إن التحديات الجمّة التي تواجه الشعب الفلسطيني تتطلب الإسراع بإنجاز وترسيخ المصالحة الفلسطينية، فتجميع الجهد الفلسطيني والاتفاق على برنامج سياسي مشترك وخيارات سياسية وكفاحية مستقبلية من شأنها أن تكون مقدمات لانتصار فلسطيني حاسم وطرد المحتل الإسرائيلي من جنبات فلسطين وطن الفلسطينيين الوحيد.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.