نحن على بعد ساعات من استقبال عام جديد، يفترض أنه بأمنيات جديدة وأحلام نسعى لتحقيقها، عام سيأمل الجميع أن يكون مليئاً بالأمل والحب والخير.
ولكن السؤال المهم.. هل فعلاً سيحتفل العالم بليلة رأس السنة، هل سنستقبل العام الجديد مثل كل عام بالألعاب النارية وهناك أحزمة نارية وصواريخ تضرب وتقصف وتهدم وتدمر وتقضي على عائلات بأكملها في فلسطين، تلك الأرض التي خُلقت للسلام وما رأت السلام يوماً، تلك البقعة الجغرافية التي سعى العالم لسحقها قبل نهاية العام.
أرض اجتمع العالم الذي ادعى أنه حر ليبيدها باسم التحضر لا لشيء، إلا أن شعبها صاحب الأرض كان هو الحر بالفعل وأذهل الجميع كيف تنتزع الحرية الحقيقية بالمقاومة والشجاعة والتضحية الأليمة.
الآن وبعد مرور أكثر من 80 يوماً على طوفان الأقصى يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023 هذا التاريخ البطولي الذي حفر في قلوب وذاكرة كل عربي حر، كل إنسان مؤمن بالحقوق محب للعدالة كاره للظلم، راح أكثر من 20 ألف شهيد في شهرين، كان أكثرهم من الأطفال الذين كان يحلمون بعالم أفضل وأكثر عدالة ينحاز لهم.
ينتهي العام الحالي ولم تنتهِ الحرب، فما زالت الآلة الحربية للاحتلال تحصد أرواح الجميع في غزة من أبرياء، ولا تقف على ذلك بل تريد أن تنهي كل أشكال الحياة هناك وكأن شيئاً لم يكن، فتستهدف الطواقم الطبية والمسعفين والصحفيين ممن ينقلون الحقيقة للعالم الذي لا يعير لهم اهتماماً، للعالم الذي يرى هذه الحرب البشعة والمجازر الواضحة والدماء التي تسيل في كل ساعة بالصوت والصورة مباشرة بدون أي مونتاج دون أن يتحرك ويمنع مثل هذه المآسي أن تتكرر، بل على العكس تساعد أغلب الدول التي تدعي الحرية والتحضر المحتل وتمده بالأسلحة والذخيرة لاستكمال مهمته في إبادة غزة.
بينما يستعد العالم لاحتفالات واستقبال العام الجديد، يجد أهل غزة أنفسهم بلا مأوى بعد ما نزح حوالي 1.9 مليون فلسطيني داخل القطاع، بلا أكل ولا شرب، وأطفالهم يواجهون خطر المجاعة، ناهيك عن مواجهة برد الشتاء القارس وتفشي الأمراض والأوبئة، حيث قدر بوجود نحو 900 ألف طفل في مراكز الإيواء يعانون خطر الجفاف والمجاعة وأمراض الجهاز الهضمي والتنفسي والأمراض الجلدية وفقر الدم، و50 ألف سيدة حامل في مراكز الإيواء بلا رعاية صحية ونحو 180 سيدة يضعن مواليدهن يومياً في ظروف غير آمنة تعرّضهن للموت في أي لحظة.
أما عن المرضى، فنحو 70% من مرضى الفشل الكلوي يتعرضون لمخاطر كارثية نتيجة القصف والنزوح وصعوبة وصولهم لخدمة غسيل الكلى وخاصة المتواجدين في شمال غزة.
أما بالنسبة لمرضى السرطان، فيبلغ عددهم في قطاع غزة نحو 2000، فقد توقف مستشفى الصداقة التركي في قطاع غزة عن العمل بسبب نقص الوقود والقصف، وهو المشفى الوحيد لعلاج مرضى السرطان، لينضم لقائمة المستشفيات التي قصفت وتوقفت عن العمل والتي بلغ عددها 22 مشفى من أصل 35، وفقاً لآخر التقديرات.
والسؤال هنا، بعد كل هذا الدمار نتيجة الحرب الشرسة وغير المتكافئة والتي تحدث على مرأى ومسمع الشعوب، هل ما زال يفكر العالم بالاحتفال في المطاعم الراقية مرتدياً أحدث الماركات العالمية الداعم منها الاحتلال؟!
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.