لماذا يخفي الاحتلال حقيقة خسائره داخل غزة؟

تم النشر: 2023/12/28 الساعة 09:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/12/28 الساعة 09:25 بتوقيت غرينتش
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري داخل مكان يزعم أنه كان مقر لحماس في الطابق السفلي من مستشفى الرنتيسي/رويترز

دخلت الحرب على غزة شهرها الثالث، وما زال يقف أهل غزة ومقاوموها صامدين بكل عزة وصبر وشموخ أسطوري أمام عدوان همجي وغير مسبوق من مكينه حرب تحاول إبادة كل ما يمُت للحياة في أرض فلسطين.

بينما كان الصمود هو صفة ملازمة لفلسطين وأهلها، كان الكذب مهنة ملازمة للاحتلال الإسرائيلي منذ النشأة، وهذا الكذب والتدليس المتعمق في جذور الاحتلال  يظهر خلال هذه الحرب بشكل لا لبس فيه وبشهادة الميدان على أرض الواقع.

فما يداوم الاحتلال الغاصب بنشره منذ البداية هو كذب تلو كذب، ولا يقف الكذب للخطابات الموجه للعالم فقط بل للداخل أيضاً،  إذ يحاول إيهام العالم والداخل بأن هناك أهدافاً يقوم بتحقيقها على أرض غزة، وأنه سيقضي على المقاومة، وهذا ما يروج له داخل جبهته الداخلية من أجل أن يكون هناك ذريعة لاستمرار الحرب، فنراه ينشر أخباراً عن تحقيق أهداف بلا قيمة وانتصارات وهمية داخل غزة، بينما ما يعرض على مواقع التواصل الاجتماعي، من مقاطع فيديو تنشرها المقاومة أو تحليلات تثبت بأن قوات الاحتلال ما زالت تتكبد خسائر كبيرة منذ تاريخ الـ7 من أكتوبر/تشرين الأول، فرغم العتاد والتكنولوجيا الفائقة ما زال ميدان غزة ضبابياً أمامه.

لذلك، لا عجب في أن نرى الرقيب العسكري يقوم بفلترة كل ما يبث على المواقع ويمنع نشره، إذ  أصدرت الرقابة العسكرية الإسرائيلية تعليمات بشأن التغطية الإعلامية للحرب على غزة تحظر بموجبها على وسائل الإعلام تناول أي تفاصيل عن العمليات العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية والهجمات الصاروخية التي تصيب مواقع حساسة في إسرائيل. كما يمنع تناول أي معلومات مرتبطة بزيارة كبار المسؤولين العسكريين لساحة الحرب، وذات صلة بمنظومات الأسلحة والمعدات التي يستخدمها الاحتلال دون الحصول على إذن مسبق من الرقيب العسكري.

مثلما تصعب الحرب على أهل غزة تشتد على الاحتلال، فنراه يحاول أن يلملم شتاته على جميع المستويات عسكرياً واعلامياً لعله يستطيع التأثير على الرأي العام العالمي بأنه هو الضحية وسينتصر وإن طالت الحرب، بينما يدرك العالم اليوم أكثر من أي يوم مضى أنه هو الجلاد المغتصب لأرض فلسطين. 

وأما عن انتصارته الوهمية، فبالإشارة إلى المزاج العربي حالياً نراه مدرك تماماً بأن هذه الأخبار مغلوطة ومدلسة، فكل ما يقوم ببثه من مزاعم يتم دحضها بالأدلة الدامغة، الرقيب العسكري الذي يمنع بث أي خبر يسيء لهذا الكيان من خلال هذه الحرب، أصبح بلا جدوى مع كثرة الأخبار الصادرة من غزة، سواء من المقاومة أو من صفحات الصحفيين المناضلين في الميدان، لذا فلا مبالغة عند القول بأنه بدأ يفقد السيطرة على الإعلام داخلياً كما فقده على الإعلام الخارجي.

لا يواجه الاحتلال اليوم المقاومة فقط داخل الميدان، يواجه شعوب عربية أكثر وعياً بقضيتها ومآلاتها أكثر من أي يوم مضى، فأصبح هناك وعي عام بألاعيب  الاحتلال النفسية وطرق إدارته للأكاذيب، فلم تعد تجدي تلك الأساليب المفضوحة، ولم يعد يقبلها عقل أي مواطن مهما كانت ثقافته.

إن أسلوب الكذب والتدليس الذي طالما واظب عليه الاحتلال لم يعد يجدي نفعاً في عالمنا اليوم، فمع وسائل التواصل الاجتماعي ورغم التضييق تنامى وعي العالم والوعي العربي خصوصاً بالقضية الفلسطينية بشكل لم يسبق له.

مواصلة الكذب والتكتم عند الاحتلال يوضح مدى الخسائر التي يتكبدها الاحتلال في غزة وخارجها بفضل صمود أهل غزة ومقاوميها، فمواصلة إخفاء الحقائق لا تدل إلا على حالة انهزامية تخيم على الاحتلال بسبب خسائر قواته في الميدان وغليان جبهته الداخلية.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد فؤاد الكيلاني
كاتب أردني
كاتب أردني
تحميل المزيد