الحديث عن الانتخابات في العراق أصبح موضوعاً متعباً، حيث تفوقت قناعة عدم المشاركة على الاستجابة لدعوات المشاركة. ومع ذلك، يتعين أخذ نوعية الانتخابات بعين الاعتبار، خاصةً فيما يتعلق بانتخابات مجالس المحافظات، التي تختلف عن البرلمانية. إن الفهم الدقيق للتحديات يسهم في تطوير نظام يعكس تطلعات المواطنين.
يرفع دستور العراق، الذي يشير إلى وجود مجالس المحافظات كحجة لإقامتها، لكن هناك حاجة ماسة إلى إجراء تعديلات في هذا الدستور. يجب أخذ تجربة تغيير النظام الانتخابي بعين الاعتبار، كرغبة ملحة من قِبل الشعب في التخلص من الممارسات الضارة وتحسين أداء المجالس.
لم يعد مستقبل الانتخابات في العراق مسألة محل نقاش فقط، بل أصبح يتطلب تدابير فورية لتحقيق تغيير جذري. يتعيّن أن يكون النقاش حول تغيير النظام الانتخابي محورياً في هذه الحوارات، حيث تظهر الحاجة إلى تحقيق توازن بين الدستور وواقع الوضع السياسي الحالي.
تحديث نظام المحافظات يتطلب أيضاً إجراء تحولات جوهرية في المجال السياسي. ربما من خلال دمج المجالس المحلية مع البرلمان وتحديد الأدوار بشكل واضح، حينها يمكن إلهام المواطنين بأن الديمقراطية ليست مجرد تجربة طارئة، بل هي نظام متكامل يعمل على تحسين حياتهم اليومية.
التحديات المطروحة أمام تغيير النظام الانتخابي تتطلب الالتفات أيضاً إلى الشكل الذي سيأخذه إصلاح الدستور. تعديل النصوص وإدراج مبادئ جديدة يمكن أن يساهم في إقامة نظام أكثر شمولية وعدالة.
يجب أن تكون المشاركة الفعّالة للمواطنين في هذه العمليات السياسية جزءاً من هذا التحول. التوعية وتعزيز الوعي السياسي يمكن أن يسهما في إشراك أوسع للمواطنين وضمان أن القرارات السياسية تعكس تطلعات الشعب.
على الرغم من أن التحديات تظل كبيرة، فإن الاستعداد للتغيير والعمل على تحسين النظام الانتخابي يمكن أن يمهد الطريق نحو مستقبل أفضل للعراق. تكامل الجهود على المستويات المحلية والوطنية يمكن أن يكون المفتاح لتحقيق هذا الهدف.
مع توسع التحول نحو نظام انتخابي أفضل، يجب أن يتم التركيز على تعزيز شفافية العمل الحكومي والمساءلة. يمكن تحقيق ذلك من خلال إعادة تقييم وتطوير آليات رصد وتقييم أداء المسؤولين الحكوميين، والتأكد من أنهم يعملون وفقاً لمصلحة الشعب.
إلى جانب ذلك، يتعين على المجتمع الدولي تقديم الدعم والمساعدة في هذه العملية، سواء من خلال توفير المشورة الفنية أو تمويل المشاريع الضرورية. يمكن لهذا التعاون الدولي أن يعزز فعالية الإصلاحات، ويسهم في تطوير نظام سياسي يعمل من أجل مصلحة العراقيين.
توسيع دور المجتمع المدني وتشجيعه على المشاركة الفاعلة يعزز من حوكمة البلاد؛ حيث يمكن أن تلعب المنظمات غير الحكومية والجمعيات الشبابية دوراً مهماً في رصد العملية الانتخابية وتوجيه جهودها نحو تحقيق الشفافية والعدالة. كما يمكن للمشاركة الواسعة من قِبل الشباب والنساء أن تعزز التنوع، وتضمن تمثيلاً أكثر عدالة في المؤسسات الحكومية.
في هذا السياق، يجب أن يكون هناك تركيز على تحسين بيئة الإعلام وتعزيز حرية التعبير. فوسائل الإعلام المستقلة والناقدة تلعب دوراً حيوياً في إلقاء الضوء على القضايا المهمة، وتوجيه النقد بشكل بناء، مما يسهم في تشكيل رأي عام مستنير.
من جهة أخرى، يجب أن تتخذ الحكومة إجراءات حازمة لمحاربة الفساد، بما في ذلك إصلاح القوانين المتعلقة بالمحاسبة وتقديم العدالة، يتطلب ذلك تعزيز الأجهزة الرقابية وتشجيع المواطنين على الإبلاغ عن حالات الفساد.
في الختام، يتطلب تطوير نظام الانتخابات في العراق جهوداً متكاملة، وتعاوناً فعّالاً بين جميع أطياف المجتمع. إن تحقيق التغيير يعتمد على إرادة حقيقية للإصلاح وتفعيل دور المواطنين في توجيه المستقبل نحو الأفضل.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.