في ظل تعثُّر جيش الاحتلال وفشله المتكرر في شمال وجنوب غزة، والذي يقابله إصرار من قادة الاحتلال على الاستمرار في الحرب لعدة أشهر حتى تحقيق أهدافهم، فهل يستطيعون تحقيق أهدافهم؟ وهل يستطيعون القتال لعدة أشهر؟
لو تعلّق الأمر بنتنياهو وقادة الجيش والأمن وقسم من القيادة السياسة مثل وزير الدفاع يوآف غالانت، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، فهم مستعدون للاستمرار بالحرب 20 عاماً وأكثر حتى يحققوا ما يريدون.
الذي يضع قيوداً على رغبتهم هذه هو درجة تحمل الشارع الإسرائيلي والضغوط الخارجية، وبالدرجة الأولى الضغط الأمريكي.
حجم الخسائر البشرية التي يتكبدها جيش الاحتلال، وتعطيل الاقتصاد، والأسرى الإسرائيليون في غزة؛ هي أمور تضغط على الشارع الإسرائيلي، الذي يشهد انقساماً حاداً حالياً بين مؤيدي أهالي الأسرى الذين يريدون وقف القتال واستئناف صفقات التبادل وبين أنصار الحكومة الذين يريدون استمرار الحرب.
بالنسبة للخسائر البشرية وتعطيل الاقتصاد لم يبدأ الشارع الإسرائيلي بالتذمر الشديد من الحرب على الرغم من فداحتها وحجم خسائرها غير المسبوق، واضطرارهم للاعتراف بوجود أكثر من 5 آلاف جريح، لكن في ظل عدم تحقيق الجيش انتصارات حقيقية ربما سيبدؤون بالتساؤل عن جدوى الحرب.
بالنسبة لأمريكا، فإن بايدن ومساعديه تحديداً يدعمون الاحتلال رغم كل خلافاتهم مع شخص نتنياهو، ولا يريدون السماح بهزيمة دولة الاحتلال، وسيبذلون كل جهدهم لمنع حصول ذلك.
وفي الوقت نفسه إن أحسوا أن الاحتلال سيغرق في مستنقع لا أمل بالخلاص منه سيتدخلون لوقف الحرب، لأن قادة الاحتلال لا يفكرون بعقلانية، والجاهل عدو نفسه، وأيضاً هنالك مصالح أمريكية خاصة تقيد حريتهم في دعم الاحتلال، بالإضافة للضغط الداخلي المتزايد، خاصةً داخل الحزب الديموقراطي، كلها عوامل تقيّد رغبتهم الجامحة في انتصار إسرائيل.
لذا يتم تداول أن أمام إسرائيل مهلة شهر حتى تنهي حملتها العسكرية، فاقتصادها لن يتحمل، والتخطيط لاقتصادها كان على أساس أن الحرب ستستمر 3 أشهر، كما أن الأمريكان يريدون إنهاء كل شيء قبل بداية العام المقبل.
السؤال المهم: ماذا سيحصل لو لم تنجز قوات الاحتلال الجزء الأهم من أهدافها خلال هذه المهلة الزمنية؟
حسب تقديري يسعى قادة الاحتلال إلى تحقيق اختراق مهم على الجبهات الرئيسية الثلاث: جباليا، والشجاعية، وخان يونس، خلال هذا الشهر، على أمل أنهم إذا نجحوا في ذلك ولو جزئياً سيقولون للشارع الإسرائيلي والأمريكان، انظروا نحن نحقق النتائج! أعطونا المزيد من الوقت، كلما كان الإنجاز أكبر وأوضح سيزيد احتمال موافقة الشارع الإسرائيلي والإدارة الأمريكية على تمديد المهلة.
في حال فشلوا بذلك فسيكونون في ورطة كبيرة، وسيضغط الشارع الإسرائيلي، وسيصبح موقف أهالي الأسرى أقوى وصوتهم أعلى، وربما يقول الأمريكان حينها لنتنياهو وقادته يجب أن تنتهي الحرب، وبإمكانك تحقيق هدف القضاء على حماس من خلال طرق أخرى نبحثها معك لاحقاً، وسندعمك بقوة لتحقيقها.
ما الذي سيحدد فشل الاحتلال؟ استمرار الخسائر الكبيرة في جيش الاحتلال، واستمرار إطلاق الصواريخ، وتزايد الضغط الاقتصادي، وتزايد الضغط العسكري من خارج غزة (الضفة ولبنان واليمن)، بالإضافة لعدم السيطرة على المناطق المستهدفة التي قد يدخلونها في نهاية المطاف، لكن التحدي هو البقاء فيها والسيطرة التامة عليها.
بتقديري إذا تحققت عوامل فشل الاحتلال المذكورة فإنه مع بداية العام القادم سيبدأ الأمريكان وقادة الاحتلال بالبحث عن سلم للنزول عن الشجرة، وكلما كان موقف المقاومة أقوى كان هذا المسار أقرب للواقع، والمقصود موقف المقاومة داخل وخارج غزة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.