مجلس الأمن هو إحدى الهيئات الرئيسية في الأمم المتحدة ويعتبر السلطة المسؤولة عن حفظ الأمن والسلم الدوليين، يتكون من خمسة عشر عضواً، خمسة منهم أعضاء دائمون، وتتمتع هذه الدول الخمس بحق الفيتو.
حق الفيتو هو الحق الذي يعترض على أي قرار يتخذه المجلس دون مناقشة من قبل الدول الخمس التي تمتلك هذا الحق الخطير. بمعنى أن أي قرار حاسم يتطلب تدخلاً سريعاً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، متوقف إلى حين عدم اعتراضه باستخدام حق الفيتو؛ نظراً إلى تعارضه مع مصالح إحدى الدول التي تمتلك هذا الحق.
ولذلك، أصبح المجلس بأكمله متوقفاً ولا يحظى بأهمية. وبدلاً من حفظ الأمن والسلم الدوليين، أصبح مشاركاً بعجزه عن اتخاذ أي قرار حاسم، ومن ثم فقد أهميته. لذا، يجب إيجاد حل سواءً بإلغاء هذا الحق أو إلغاء مجلس الأمن نفسه!
إضافة لذلك، أود أن تُكمَّل بعض المفاهيم بشكل صريح، بل يمكن حذف أحد أهداف مجلس الأمن لحفظ الأمن والسلم الدوليين، لاستكمال النص بأنه "متوقف لأجل البحث في شؤون مصالح الدول التي تمتلك حق الفيتو".
ويجب التنويه إلى أن هذا الحق ليس مملوكاً من قبل الجميع، بل فقط بواسطة بعض الطغاة. بعض هؤلاء الطغاة الذين لا يزالون يمتلكون المستعمرات في الشرق الأوسط لأجل مصالحهم، فماذا ينتظر العالم منهم؟ فأمريكا، الدولة التي تقدم دعمها الكامل للاحتلال الإسرائيلي، وبريطانيا، التي فتحت الباب على مصراعيه لاحتلال فلسطين، هما من ضمن الدول التي تمتلك حق الفيتو.
إن عدم تحرك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة واستخدام حق النقض (الفيتو) من قبل الدول الدائمة العضوية لا سيما الولايات المتحدة، يجعلانه شريكاً في المجزرة الجارية بغزة، إذ يضيق الخناق على دخول المساعدة الإنسانية للمدنيين في غزة.
ورغم أن غزة تضم عدداً لا بأس به من المؤسسات الدولية التي تستطيع أن تقدم خدماتها لسكان القطاع، وأهمها المنظمات والبرامج المتخصصة للأمم المتحدة، لكن معظم هذه المنظمات باتت لا تستطيع تقديم أي نوع من المساعدة في ظل اشتداد همجية الاحتلال وعدم وجود ممر إنساني آمن لدخول المساعدات والإمدادات الإنسانية والغذائية.
فبينما يشهد، العالم، إبادة جماعية في غزة، مازالت الأمم المتحدة بهياكلها عاجزة عن وقفها، فالهيئات رئيسية بالأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان التي تهدف لرعاية اللاجئين والنازحين وتعمل على تعزيز وحماية حقوق الإنسان وتوفير الحماية والمساعدة للأشخاص الذين يعانون من النزاعات العنيفة والاضطهاد والتهجير عاجزة فعل أي شيء في غزة.
أما عن منظمة الصحة العالمية التي تسعى إلى الوصول إلى أعلى مستوى ممكن من الصحة لجميع أفراد العالم وتقديم الدعم اللازم، فعاجزة أيضاً. فوفقاً لرسالة استقالة مدير مكتب نيويورك للمفوضية السامية لحقوق الإنسان كريغ مخيبر، "يبدو أن المنظمة التي نخدمها عاجزة عن وقف ما يحدث في غزة، من حالة إبادة جماعية، ويبدو أن هيئات رئيسية بالأمم المتحدة استسلمت للولايات المتحدة واللوبي الإسرائيلي".
فعلى الرغم من خرق الاحتلال الغاشم كل القوانين الدولية، تقف المنظومة الدولية بهياكلها ومؤسساتها الدولية عاجزةً عن ردع هذه الجرائم أو حتى القيام بأبسط أدوراها عن طريق إدخال المساعدات.
فالاحتلال والولايات المتحدة وراءه بحق الفيتو مستمران في شل المنظومة الدولية من أجل أن يستمر الاحتلال في تلك الإبادة الجماعية بكل سلاسة؛ ولهذا لا يريدون حتى إدخال الوقود للمستشفيات بقطاع غزة، بينما يداومون على قصف سيارات الإسعاف والنازحين، بالإضافة إلى أماكن الإيواء والمدارس التابعة لمنظمة الأونروا، قاطعين الطريق على المنظمات الإنسانية وجعلها غير قادرة تماماً على استكمال عملها المشروع.
إن الاحتلال الغاشم ينتهك جميع القوانين الدولية على مرأى ومسمع العالم، ولكن بسبب حق الفيتو الذي تمتعت به الدول الغربية المؤيدة لإسرائيل، يشكل الاحتلال تهديداً بشعاً للعالم من خلال المجازر التي يرتكبها. فالولايات المتحدة الأمريكية تمتلك حق الفيتو، الأمر الذي لا يسمح للمنظمات والهيئات بأداء واجبهم الإنساني لصالح البشرية.
لذلك، فإن الحل الأفضل الذي نتمنى حدوثه يوماً ما لتحقيق السلام هو إلغاء حق الفيتو، حتى يتم اتخاذ القرارات بالأغلبية لإنقاذ البشرية، ليس فقط في غزة، ولكن في العالم بأسره. فإذا كانت هناك دولة تمتلك هذا الحق الخطير، فستكون لديها القدرة على طمس شعوب ودول بلا مساءلة دولية قانونية، أو حتى إنسانية. وستزيد الصراعات وصولاً لحرب عالمية أخرى.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.