كما كان متوقعاً فقد باشرت طائرات نتنياهو وعصابته المجرمة طلعاتها لقصف غزة ومواصلة عملها، المتمثل في الإبادة الجماعية وتدمير ما تبقى من معالم حياة، دون مراعاة لبعض الأصوات التي تترجاه بوقف قتل الأبرياء الذين لا ذنب لهم فيما جرى يوم الطوفان، ودون الأخذ في الحسبان بعض الأصوات من الداخل، والتي تطالب بالوقف الفوري للحرب، خاصةً من جانب أهالي الأسرى وبعض اليساريين الذين يترقبون انتهاء الحرب لمحاسبة غريمهم السياسي نتنياهو المجرم الفاسد المهدد بالسجن.
يواصل المجرمون الإسرائيليون قتلهم للشعب الفلسطيني، مستغلين في ذلك تواطؤ الأنظمة الغربية والعربية، هذه الأنظمة التي تُمسك العصا من الوسط، وليتها أعلنت تأييدها للاحتلال الإسرائيلي جهاراً نهاراً، بدلاً من موقفها الخجول الذي لا ينمّ سوى عن أحد أمرين: إما الضعف وإما التواطؤ، لكن في المقابل هناك من يوجه اللوم إلى الشعوب العربية أيضاً، وحتى نكون منصفين على البرودة والتماهي مع أنظمتها الخانعة الخائنة.
تعود آلة الدمار من جديد لإبادة وتدمير ما تبقى من معالم حياة، وكنا نعتقد أن الذي فعلته المقاومة مع الأسرى الذين فارقوا غزة بالدموع سيجعل هؤلاء الإسرائيليين يراجعون مواقفهم، ويوقفون هذه الحرب القذرة من باب الشهامة والمروءة، لكن إيقاف الحرب يعني إعلان الهزيمة، وهذا ما يرفضه نتنياهو وحكومته المجرمة، لذلك معاملة الأسرى، بل وحتى قتلهم لا تعني شيئاً للعصابة اليمينية الصهيونية المجرمة، وعلى رأسها نتنياهو المهدد بالسجن.
هذه العصابة اليمينية المتطرفة هي من وراء كل المصائب، وما يحدث للمواطنين الفلسطينيين، بسبب سياستها الفاشية الاستفزازية التي تشجع على مطاردة الفلسطينيين وقتلهم أينما كانوا.
وبينما الآلة الجهنمية تواصل عملها الإجرامي في غزة نقف نحن هنا سامدون، كأن ما يجري في غزة لا يعنينا لا من قريب ولا من بعيد! وهنا يجب طرح السؤال الذي لا مفر منه:
هل نحن كعرب ومسلمين معنيون بما يجري في غزة؟
لأن جميع القرائن تدل على تواطؤ الشعوب العربية والإسلامية بصمتها وتخاذلها، وبتماهيها مع الأنظمة الخانعة الخائنة.
ولا يمكن بأي حال أن نمن على أهل غزة بإرسال بعض المساعدات على استحياء من التي حملتها الشاحنات وهي تجر أذيال الخيبة والعار، وبما فيها من أكفان، وأهل غزة ليسوا في حاجة إلى أكفان، ولكن إلى أسلحة وإلى مواقف.
يرسلون الأكفان إلى غزة بدلاً من فتح المعابر!
يرسلون الأكفان إلى جثث تحللت تحت الركام بعدما تعذر دفنها بطريقة عادية، لم تعد الجثث في حاجة إلى الدفن، كما أن هناك فتوى تقول "إن الشهيد يُدفن بثيابه".
شهداء غزة وفَّروا عليكم هذا العناء المتمثل في التكفين والدفن، كما هو سائد ومعمول به عند سائر الأمم، وكما هو سنة من السنن حق مكفول لكل من كانت له صفة الآدمية؛ لكن أهل غزة "حيوانات بشرية" كما قال عنهم المجرم يوآف غالانت"، وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي، وليسوا معنيين بهذه الأكفان والمراسيم، ويجب دفنهم أحياء بتفجير المباني فوق رؤوسهم.
قمة الوحشية في عالم يحرص على حماية البيئة والمناخ، ويتطلع إلى مستقبل أفضل للبشرية.
بمجرد تسليم الأسرى الذين حظوا بواجب الضيافة كما تنص عليه البروتوكولات والمعاهدات والأعراف والاتفاقيات الدولية، بما في ذلك اتفاقية جنيف، وحقوق الإنسان، تعود آلة الدمار لتُخرج ما في جوفها من حقد دفين، وبغض كبير لهؤلاء المقاومين الذين ينوبون عن العرب والمسلمين في دفاعهم المستميت عن ثغر من ثغور الجهاد والمرابطة.
هذه المقاومة التي تتم شيطنتها بصورة مغرضة من طرف بعض الشيوخ في بعض الدول العربية وليس الغربية، بما في ذلك المطبّعة، والتي في طريق التطبيع.
هذه المقاومة التي قلبت الطاولة وأسقطت الأقنعة من على وجوه أصحابها الخائنين فبان قبحهم، لذلك لم تتردد بعض الأنظمة العربية العميلة في تقديم كل الدعم للكيان المجرم في حربه الجائرة على المقاومة وشعبها، هذه الفصائل الفلسطينية التي تدافع نيابةً عن كل إنسان نزيه وشريف فوق هذا الكوكب.
غريب أمر هذه الأمة التي لم تعد حرة حتى في الدعاء لأهل غزة بالنصر والثبات، وأغرب منه هؤلاء الشيوخ الذين بلغ بهم الأمر حد التماهي مع أنظمة مطبعة تخون العهد وتبيع القضية.
هل هذا من العرف أو الدين؟ أين الشهامة؟ أين المروءة؟
"غزة" قضية كل إنسان حر نزيه وشريف، وليست "غزة" قضية العرب والمسلمين فحسب.
وأما "العمائم الأمريكية" كما قيل عنهم، فهي تصدر فتاواها تحت الطلب، ليقتتل المسلمون فيما بينهم، نزولاً عند رغبة الصهاينة الأمريكان ولي أمرها، في الحقيقة هي لم تفاجئنا بموقفها الغريب هذه المرة.
إلى متى هذا الصمت وفصائل المقاومة التي تدافع نيابةً عن كل إنسان حر نزيه وشريف، تقاتل وحدها عدواً مجرماً ومحتلاً غاصباً تحدّى كل الأعراف؟!
إلى متى هذا التجاهل من طرف القوى العالمية، وعلى رأسها الأنظمة الغربية وبعض الدول العربية، التي تستكثر على الشعب الفلسطيني مقاومته للكيان المجرم الغاصب، الذي ضرب بكل المعاهدات والاتفاقيات الدولية عرض الحائط، وراح يمعن في قتل النساء والشيوخ والأطفال الأبرياء بلا هوادة، ويدمر المستشفيات ويفجر المباني فوق رؤوس الأحياء، مستغلاً في ذلك تعاطف الغرب وتواطؤ بعض الأنظمة العربية الخائنة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.