رأينا جميعاً صور الأسرى المُفرج عنهم من قِبل كتائب القسام، في ظل التهدئة الإنسانية التي تم الاتفاق عليها بين إسرائيل وحماس بوساطة دولية، مقابل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين؛ حيث كانت صور الأسيرات من الأطفال والنساء الإسرائيليات، والتي تم تداولها بشكل كبير في وسائل التواصل الاجتماعي، تُظهر امتنانهم لكتائب القسام، وهم يودعونهم بالابتسامات، وشكرهم على هذه المعاملة الإنسانية التي تلقوها أثناء أسرهم.
تفسير المعاملة الإنسانية لأسرى الاحتلال
المُلاحظ أن الغرب وإعلامه لم يستوعب صور وداع أسرى الاحتلال وشكرهم لكتائب القسام، وتم تفسير هذا الشيء فقط من خلال "متلازمة ستوكهولم"، وهي ظاهرة في علم النفس تعبِّر عن تضامن المحتجز مع المحتجز لإحسانه.
ولكن الحقيقة أن كتائب القسام عاملت أسرى إسرائيل وفقاً للآية القرآنية التي تقول: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً)، وأن الله -عز وجل- أمرنا أن نؤثر الأسير على أنفسنا في الطعام والشراب.
فقد أظهرت كتائب القسام للعالم بأكمله مدى الإنسانية والرحمة التي عاملوا بها أسراهم الإسرائيليين من النساء والأطفال. كما يمكن تفسير شكر الأسرى الإسرائيليين لكتائب القسام أثناء الإفراج عنهم وتسليمهم للصليب الأحمر، بأنهم تعاملوا مع بشر، ومن طبيعة الفطرة السليمة أن الإنسان يمتن لمن أحسن إليه، فما بالك بأن يأتي الإحسان من أناس تحمل في ذهنيتك عنهم صوراً متوحشة، وحين عايشتهم وجدت الواقع معاكساً تماماً لما في عقلك!
الفرق بين أخلاق إسرائيل وأخلاق "القسَّام"
إسرائيل لا تعرف معنى الأخلاق والإنسانية في معاملتها للأسرى الفلسطينيين من الأطفال والنساء، وهذا ما تبيَّن من خلال الشهادات الصادمة للأطفال المفرج عنهم في صفقة تبادل الأسرى عن تعامل سلطات الاحتلال معهم، تم التأكيد فيها تعرضهم للتعذيب والتنكيل في أثناء فترة اعتقالهم، ووصفوا أنواع الضغط النفسي والبدني خلال التحقيق معهم، منها خفض كميات الطعام المقدمة إليهم ونوعياته، والتقليل المتكرر لساعات خروجهم للاستراحة، وتعمد إدارة السجون الإهمال الطبي للأسرى المرضى. بالإضافة إلى الظروف القاسية داخل الزنازين في سجون الاحتلال المشبعة بالرطوبة العالية ولا توجد فيها تهوية طبيعية، وازدحام الغرف وضيقها، كما جاء على لسان ياسر زعايمة، وهو طفل فلسطيني محرّر، في تصريحه للجزيرة: "فاتوا علينا في الثلاثين من أكتوبر وطبشوا ناس كتير، في ناس بتموت بين أيديهم".
وفي تصريح لوسام تميمي، وهو طفل فلسطيني آخر محرّر: "تم منعي من الأدوية"؛ حيث كان مصاباً في الرأس وتم اعتقاله أثناء فترة تلقّي علاجه.
جميع الأطفال الفلسطينيين الذين تم الإفراج عنهم هم من مواليد الأعوام ٢٠٠٥ و٢٠٠٦ و ٢٠٠٧، حسب نادي الأسير الفلسطيني.
وقد بيَّنت صفقة تبادل الأسرى أن إسرائيل يثير خوفها نقل الصحافة لصورة اجتماع الأسرى بعائلاتهم، وتوزيع الحلويات احتفالاً بالإفراج عن أبنائهم وبناتهم. وهذا ما حدث أثناء اشتراطهم إخلاء منزل الأسيرة إسراء الجعابيص من الصحافة قبل الإفراج عنها. وهذا إن دل على شيء يدل على كم أن جيش الاحتلال مهزوز.
وهنا يأتي الفرق، فأخلاق كتائب القسام لا تسمح لهم بالتنكيل بالأسرى، وهذا ما أكده موقع (واللا) الإسرائيلي، عن أقارب الإسرائيليين الذين تم الإفراج عنهم: بأنهم لن يمروا بأي شيء قاسٍ، وقد تمت معاملتهم معاملة إنسانية. هذه المعاملة التي ظهرت من خلال صور الإفراج عن الرهائن والتي أثارت ضجة في مجتمع الاحتلال الإسرائيلي.
ولعل أبرزها تلك الرسالة التي نشرتها كتائب القسام من الأسيرة الإسرائيلية دانيال وابنتها إيميليا إلى جنرالات حماس.. "ابنتي كانت ملكة في غزة وسأعيش أسيرة شكركم".
وتعتبر هذه الرسالة وثيقة تاريخية تعلق في سجلات الإنسانية التي لا يتمتع بها جيش الاحتلال الإسرائيلي، ومن خلال ذلك توالت ضربات كتائب القسام الإعلامية من خلال إظهار سموهم الأخلاقي والإنساني في تعاملهم مع الأسرى الإسرائيليين من النساء والأطفال.
فصور الأسرى الإسرائيليين التي تم تداولها لا تكذب، والعيون ولغة الجسد لا تكذب، وهذا ما أثار استغراب العالم الغربي: كيف يمكن لسجين أن يكون ممتناً لسجانيه؟!
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.