في الوقت الذي يرتكب فيه الجيش الإسرائيلي مجازر مروعة على مدار الساعة بحق أهالي قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، سقط خلالها الآلاف بين شهيد وجريح وتدمير ممنهج للبنى التحتية، مرّ اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني 29/11/2023 دون أن تكون الأمم المتحدة التي أصدرت القرار حاضرة إلى جانب الشعب الفلسطيني وآلامه، ولم تتعد عملية تضامنها بيانات إدانة قتل الأطفال.
أسئلة مشروعة
في يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، ثمة أسئلة تطرح، في مقدمتها: ما هي الحقوق التي نالها الشعب الفلسطيني بعد مرور أكثر من 75 عاماً على نكبة الفلسطينيين الكبرى؟ وماذا عن القرارات الدولية حول قضية اللاجئين الفلسطينيين؟ ومن أهم تلك القرارات ذات الصلة بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 11 ديسمبر عام 1948، وكذلك القرار 302 الصادر في 8 من ديسمبر 1950، والقرار 512 الصادر في 26 يناير 1952، إضافة إلى قرارات أخرى قريبة في بنودها لجهة تحقيق فرصة لعودة اللاجئين إلى ديارهم بأقرب وقت ممكن، وماذا عن القرارات الدولية حول ضرورة تفكيك المستعمرات الصهيونية في الضفة الغربية بما فيها القدس؟ وكذلك الجدار العازل العنصري بكونه أهم المعالم الاحتلالية لفلسطين؟
في مقابل ذلك أصدرت السلطات الإسرائيلية حزمة من "التشريعات" العنصرية الفاشية لزعزعة الكيان الشرعي للوطن الفلسطيني، وهذه القوانين بحسب تسلسلها الزمني هي: "قانون" أملاك الغائبين المتروكة لعام 1950، وقد نصّ على وضع أملاك العرب تحت الحراسة، ويحق للحارس، أو القيّم على هذه الأملاك، بيعها لقاء ثمن تحدده السلطات الرسمية، إضافة إلى "قانون" استملاك الأراضي، وصدر عام 1952، وهو يخوّل لسلطة الاحتلال الاستيلاء على الأراضي العربية بحجة استخدامها في أغراض التعمير والتنمية والاقتصاد، أو لأسباب تتعلق بأمن البلاد العام، وكذلك قانون التصرّف، الذي صدر عام 1953، ويشترط على صاحب الملك، أن يتصرف في أملاكه تصرفاً فعلياً بشخصه هو مباشرة، ويمنح هذا القانون وزير مالية إسرائيل صلاحية إصدار قرار قاطع بالاستيلاء على الأملاك المعنية وتسجيلها ملكاً للدولة باسم (هيئة التعمير والتنمية)، فضلاً عن "قانون" تقادم العهد أو مرور الزمن، وقد صدر عام 1957، فالمالك لأرضه لا يحق له الاحتفاظ بها متى قدّم إثباتات تؤكد تصرفاً لطيلة 25 عاماً، وبذلك تسقط حقوق المالكين العرب تحت ستار مرور الزمن.
"قوننة التهويد"
يلحظ المتابع أن كافة القرارات الإسرائيلية، والتي صدرت عن الدولة المارقة إسرائيل منذ أن أنشاها الغرب الاستعماري عام 1948، قد عبّرت عن نزعة فاشية عنصرية لإضفاء الصبغة الشرعية على الاحتلال الذي سيطر على الأرض الفلسطينية بفعل القوة وارتكاب المجازر لترسيخ فكرة يهودية الدولة. وذهبت "القوانين" الإسرائيلية إلى أبعد من ذلك، حين اعتبرت أصحاب الأملاك من العرب الذين أجبروا على الابتعاد عنها من الغائبين حتى لو سكنوا في مناطق أخرى من الجزء المحتل عام 1948، ولم تتوقف إسرائيل عند هذا الحد، بل أصدرت "قوانين" عديدة خلال الفترة الممتدة خلال العقدين الأخيرين لمصادرة مزيد من أراضي الفلسطينيين في الداخل المحتل. واللافت أن حكومات نتنياهو المتتالية قامت بإحياء عدد كبير من "القوانين" العنصرية، كما تمّ إصدار قوانين أخرى؛ وكان من أخطرها قانون القومية وقانون المواطنة والولاء.
ويبقى القول بأن اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، يجب أن يكون مناسبة سنوية دورية للتأكيد على أهمية وضرورة تطبيق وتنفيذ كافة القرارات الدولية بشأن فلسطين، وهذا أضعف الإيمان، وإلا سيطرح الجميع سؤالاً حول جدوى استمرار المنظمة الدولية في وقت غاب فيه دورها المنوط مع استمرار مجازر الجيش الإسرائيلي التي ترتكب على مدار الساعة في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.