كما في كافة مراحل الكفاح الوطني الفلسطيني، لم يتوانَ فلسطينيو الداخل عن المشاركة والمساندة والدعم منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وارتكاب المجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي وذهب ضحيتها آلاف الشهداء والجرحى، ونتج عنها تدمير كبير للمباني والبنى التحتية.
مناصرة شعبهم
مع استمرار الحراك في الداخل الفلسطيني المساند والداعم لشعبه في قطاع غزة والضفة الغربية، وإدانة الدولة المارقة إسرائيل وسياسة الإجرام وارتكاب المجازر بحق أهالي غزة، وخاصة الأطفال والشيوخ والنساء، وسقوط الآلاف بين شهيد وجريح؛ وتبعاً لذلك قامت الأذرع الأمنية الإسرائيلية بملاحقات غير مشهودة من قبل في الداخل الفلسطيني، وقد تمّ اعتقال أكثر من 250 من فلسطينيي الداخل، ومن بينهم الفنانة دلال أبو آمنة بتهمة مناصرة حركة حماس، جنباً إلى جنب مع حملات الترهيب والتحقيق لناشطين وإعلاميين، الأمر الذي يعيدنا إلى فترة الحكم العسكري الإسرائيلي الفاشي بعد عام 1948 وحتى يونيو 1967، فكانت قراءة ومتابعة صحيفة الاتحاد الحيفاوية الصادرة عن الحزب الشيوعي الإسرائيلي آنذاك، بمثابة تهمة تفضي إلى المطاردة ثم الاعتقال والسجن.
واللافت أن عمليات الملاحقات الأمنية الإسرائيلية في الداخل الفلسطيني امتدت لتشمل إبعاد طلاب من الجامعات الإسرائيلية لمناهضتهم العدوان الإسرائيلي، واعتقال العشرات ممن وضعوا إشارة "إعجاب" على منشورات في وسائل التواصل الاجتماعي كالفيس بوك، تدعو لوقف الحرب وتوجّه انتقادات لارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية. وقد شارك فلسطينيو الداخل المحتل بحراكات متعددة ومتاحة خلال فترة الانتفاضات الفلسطينية، وسقط منهم شهداء وجرحى أثناء مظاهرات عارمة قمعها الجيش الإسرائيلي بقوة السلاح، لكن الثابت أن مشاركة فلسطينيي الداخل كانت عارمة ولافتة خلال هبة الأقصى في مايو من عام 2021.
مواقف لافتة
وفي الداخل المحتل، أصدر الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة بياناً مشتركاً أدانا فيه المجزرة المروعة في قطاع غزة، واتهم البيان الحكومة الإسرائيلية بأنها ارتكبت هذه المجزرة ضمن مخططاتها الإجرامية لإخلاء قطاع غزة من أهله، وهو ما لا يمكن اعتباره أقل من جريمة حرب وإبادة جماعية جاهرت بها حكومة الاحتلال مسبقاً، وحمّل البيان المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن ارتكاب هذه المجزرة، وعلى رأسه الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو، كونا تمنح دعماً كاملاً لواحدة من أخطر الحكومات في التاريخ الإسرائيلي، وهي تبذل كل الجهود لجر المنطقة إلى حرب إقليمية مطلقة، رغم أن الأحداث الأخيرة كلها، تبين بشكل قاطع أن أي حل عسكري هو غير وارد بتاتاً، والمطلوب فوراً هو إنهاء الحرب، والسعي على المدى القريب نحو صفقة لتبادل الأسرى والرهائن وإنهاء المعاناة الإنسانية.
كما أدان التجمّع الوطنيّ الديمقراطيّ بشدّة المجزرة التي "جاءت بعد تهديدات مستمرة من قبل الجيش الإسرائيلي لمستشفيات شمال غزة لإخلائها من طواقمها ومرضاها، وبعد دعوات متواصلة لقصف المستشفيات بحجج مختلفة"، ورأى أن المجزرة استهدفت أيضاً مدنيين أبرياء، احتموا بالمستشفى هرباً من القصف الوحشي في مناطق أخرى، لكن الجيش الإسرائيلي لم يتورّع عن قصف مستشفى، وهذا تجاوز لكافة المواثيق العالمية والإنسانية، يأتي وسط دعم دولي وازدواجية في المعايير، حيث يتم رفض قتل الإسرائيليين المدنيين، ويعطى ضوءاً أخضر لاستهداف المدنيين والأطفال لكونهم فلسطينيين وعرباً، ودعا التجمّع، أنصار الحرية وحقوق الانسان والإنسانية جمعاء لوقف هذه المجازر والجرائم المرتكبة، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ووضع حد لهذه الحرب الانتقامية والدموية التي تقود المنطقة جمعاء إلى حرب شاملة والمزيد من سفك الدماء وقتل المدنيين والأطفال.
ومن جهتها أدانت الحركة الإسلامية والقائمة العربية الموحدة المجزرة البشعة التي يرتكبها الجيش الاسرائيلي، مؤكدة في الوقت ذاته على إدانة استهداف المدنيين والأطفال والنساء وكبار السن، وإدانة استهداف المرافق المدنية وعلى رأسها المؤسّسات الطبية والمدارس وبيوت المواطنين.
ومن نافلة القول أنه رغم مرور أكثر من 75 عاماً على إنشاء الدولة المارقة إسرائيل، لم تستطع سياساتها طمس هوية فلسطينيي الداخل وانتماءهم لهويتهم الوطنية الفلسطينية الواحدة الموحدة؛ وقد تمّ ترسيخها بشكل جلي خلال كافة مراحل الكفاح الوطني الفلسطيني، وفي مقدمتها هبة يوم الأرض عام 1976، والانتفاضات الفلسطينية المتكررة، ومنها هبة الأقصى في مايو من عام 2021؛ حيث كانت المشاركة عارمة ولافتة ومباشرة لكافة الشرائح الاجتماعية في الداخل الفلسطيني بشكل جلي بفعالياتها وعلى امتداد الداخل؛ مدنه وقراه المحتلة، كمدينة اللد وأم الفحم وبئر السبع وحيفا عروس الساحل الفلسطيني الجميل، ويتكرر المشهد خلال العدوان الإسرائيلي الإجرامي والفاشي على قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.