تحوُّل في الشارع الغربي.. هل تنحاز النظم الغربية إلى جانب الحق الفلسطيني؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/11/21 الساعة 12:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/11/21 الساعة 12:08 بتوقيت غرينتش
من المظاهرات الداعمة للفلسطين في ألمانيا بالعاصمة برلين (رويترز)

يلحظ المتابع تحوَّلاً تدريجياً للمزاج العام الشعبي في الشارع الغربي؛ إذ نراه يتحرك لجانب الحق الفلسطيني، مع استمرار المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس، على مدار الساعة، والتي تطال البشر والشجر والحجر، وكل شيء من مظاهر الحياة.

مع تزايد استهداف الاحتلال بصواريخه المدنيين داخل المنازل والمستشفيات ودور العبادة، تزايد سقوط آلاف الشهداء والجرحى، الذين أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ؛ فأصبحت عنصرية ووحشية وفاشية الاحتلال الإسرائيلي واضحةً لكل شعوب العالم في جهات الأرض الأربع، ومن بينها دول الغرب الراعي الرسمي لذلك الاحتلال وجرائمه، إذ لم تتوقف حتى اليوم عن تقديم الدعم غير المشروط على كافة المستويات السياسية والمالية والعسكرية للاحتلال لاستمرار عملية الإبادة بحق الشعب الفلسطيني.

الإبادة الجماعية

قتل الاطفال وتدمير المدارس والمشافي والمساكن على رؤوس ساكنيها في قطاع غزة، أدت بمجملها إلى توضيح صورة الاحتلال وفاشيته المتوحشة دون أدنى شك، الأمر الذي دفع الكثير من شعوب العالم إلى التظاهر والاحتجاج في عدد كبير من مدن العالم داعماً للحق الفلسطيني ومناهضة الإرهاب الإسرائيلي؛ وذلك على الرغم من تبنِّي النظم الغربية وخاصة أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا للروايات الإسرائيلية، وما تحمله من محاولات لشيطنة كل ما هو فلسطيني بعد "عملية طوفان الأقصى"، والتي قضت على سرديات كاذبة أخرى فيما يخص أسطورة "جيش الاحتلال الذي لا يُقهر".

اللافت هنا أنه بات للإعلام بشكل عام ووسائل التواصل الاجتماعي أهمية فائقة ودور محوري للفلسطينيين ومناصريهم في المهجر، لإيصال رسائل الحق الفلسطيني جنباً إلى جنب مع التأكيد على أهمية احترام القوانين والآليات والضوابط القانونية لكل بلد. ولذلك، فإن اعتماد آلية التواصل والانفتاح على المجتمعات كاستراتيجية تعتبر أمراً ذا أهمية بالغة. يتطلب الأمر تشكيل مجموعات إعلامية وثقافية فلسطينية في تلك المناطق، تقوم بإنتاج مواد إعلامية تعكس الرواية الفلسطينية وتسعى للتواصل مع الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني.

بالإضافة إلى ذلك، يجب العمل على بناء علاقات مستدامة مع المؤسسات والجمعيات في تلك الدول. يتطلب التحقيق في القضايا الفلسطينية جهداً مكثفاً، مع التركيز على قضايا جوهرية مثل حق اللاجئين في العودة إلى وطنهم، وقضيتي القدس والمستعمرات. ينبغي كتابة تقارير مختصرة ومتعددة اللغات لشرح مفاصل القضية الفلسطينية وتسليط الضوء على الإرهاب الإسرائيلي المنظم.

ولتحقيق ذلك لا بدَّ من كتابة وعمل تقارير مختصرة جداً وبعدة لغات، كما تحتم الضرورة تشبيك العلاقات بين الفلسطينيين في الخارج بغرض معرفة القدرات والطاقات الكامنة لدى الفلسطينيين في الخارج، وثمة أهمية قصوى لمعرفةٍ قبلية لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة في دول المهاجر البعيدة وكذلك الأحزاب، مع الإشارة البسيطة إلى مواقفها من القضية الفلسطينية، فضلاً عن معرفة تركيبة البرلمانات في تلك الدول، وصولاً إلى الدراية الكافية وحصر مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني.

انحياز تدريجي

 لإنجاح دور وحراك الفلسطينيين في المهاجر البعيدة في أاوروبا وأمريكا وكندا وأستراليا على كافة الصعد، وخاصة الإعلامية منها، لا بدَّ من الاعتماد على الجهود والإمكانيات والمهارات الذاتية الكامنة والكبيرة والتي ظهرت بشكل جلي خلال هبة الأقصى عام 2021، ويمكن الاستفادة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي لفضح مجازره المستمرة يومياً في غزة والضفة، ووقف سياسته ومحاولاته القمعية للكم الأفواه في الداخل الفلسطيني.

كان من أبرز تداعيات استمرار مجازر الاحتلال على امتداد الوطن الفلسطيني، ارتفاع وتيرة الضغوط الشعبية وكذلك زيادة المناصرين للقضية الفلسطينية في الشوارع الغربية، بل وحتى داخل البرلمانات الغربية ومؤسسات المجتمع المدني، بالإضافة إلى أعضاء بعض الأحزاب، ما شكَّل ضغطاً على الأنظمة الغربية الداعمة لدولة الاحتلال.

إن هذا الحراك يمكن أن يغيّر تدريجياً مواقف بعض الدول المنحازة للاحتلال وسياساته الاحتلالية التوسعية. ويمكن استشراف ذلك من خلال تصريحات بعض مسؤولي المؤسسات الرسمية في بعض الدول الداعمة، وتصريحاتهم حول ضرورة فتح ممرات إنسانية لقطاع غزة لإيصال الغذاء والماء لنحو أكثر من مليونَي فلسطيني يتعرضون للإبادة الجماعية والتطهير العرقي داخل غزة.
مثل كرة الثلج، كل ذلك ربما يشكل رأياً عاماً ضاغطاً على الحكومات الغربية وأستراليا وكندا، ما يفتح إمكانية تغيير مواقف تلك الدول إزاء دعمها للاحتلال بشكل تدريجي على المدى المتوسط، لكن بلا شك يتطلب أيضاً جهوداً كبيرة شعبية فلسطينية وعربية ومن المناصرين لاستمالة الرأي العام في الغرب وزيادة الضغوط على النظم الغربية لتغيير موقفها تجاه الحق الفلسطيني وإدانة الاحتلال وسياساته التعسفية الإجرامية إزاء الشعب الفلسطيني.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

نبيل السهلي
كاتب فلسطيني مقيم في هولندا
كاتب فلسطيني مقيم في هولندا
تحميل المزيد