وفقاً للقانون الدولي، لا يحق لأية دولة احتجاز جثامين القتلى؛ فالمادة الـ15 من اتفاقية جنيف الرابعة تجرّم احتجاز الجثمان وأخذ أعضاء من الجثامين إلا بعد موافقة أهل القتيل، سواء في المعارك أم داخل السجون، وتشدد على عدم استخدام أعضائه حتى لو بدافع إنساني.
وكعادة الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948 فإنه يضرب بكل القوانين الدولية عرض الحائط، فمنذ أكثر من عام اتهمت وزارة الإعلام الفلسطينية سلطات الاحتلال الإسرائيلي بسرقة أعضاء جثامين الشهداء المحتجزين لديها.
فبحسب تقرير رسمي نشرته الوزارة اليوم، فإن الاحتلال الإسرائيلي يحتجز جثامين 105 شهداء في الثلاجات بجانب 256 شهيداً في "مقابر الأرقام"، من بينهم 9 أطفال و3 شهيدات و8 أسرى، دون إعطاء معلومات عن أماكن احتجازهم.
ومقابر الأرقام هو اسمٌ رمزي لمجموعة كبيرة من المقابر السرية التي أنشأتها دولة الاحتلال الإسرائيلي، من أجل دفن جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب. تحمل هذه المقابر أرقاماً، وبعض الجثامين تُدفن دون أن ترفق معها بطاقة تحمل اسم وتاريخ استشهاد صاحبها.
يحتفظ الاحتلال الإسرائيلي بجثامين الشهداء منذ بداية احتلاله للأراضي الفلسطينية عام 1948، ومن ثمّ أوقف هذه السياسة في عام 2008 ثم أعادها كآلية عقاب للفلسطينيين، بقرار من الحكومة الإسرائيلية بتاريخ 13 أكتوبر 2015.
كما أن حكومة الاحتلال تحتجز جثامين الشهداء أيضاً؛ لابتزاز أهالي الشهداء، وقد تدفن جثث أبنائهم -دون رؤيتهم- في الرمال والطين، ودون وضع عازل أسمنتي، ويترك أكثر من شهيد في حفرة واحدة.
فخلال عام 2020 أصدر "الكابينت" (المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر) قراراً يقضي باحتجاز جثمان كل فلسطيني، بصرف النظر عن انتمائه السياسي، لاستخدامه ورقة مساومة في أية عملية تبادل مع الفصائل في غزة.
ويواجه الاحتلال اتهامات بسرقة الجلود، إذ يمتلك احتياطياً من الجلد البشري -ويعادل 170 متراً مربعاً- محفوظاً داخل بنك الجلد، وهو رقم كبير مقارنة بعدد سكان إسرائيل القليل.
فوفقاً لتقارير يعد بنك الجلد الإسرائيلي هو الأكبر في العالم، متفوقاً على بنك الجلد الأمريكي الذي أُنشئ قبله بـ40 سنة، مع الإشارة إلى أن عدد سكان إسرائيل أقل بكثير من سكان الولايات المتحدة الأمريكية.
وتعود فكرة إنشاء بنك الجلد الإسرائيلي إلى ما بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، حين قرّرت دولة الاحتلال أنه يجب علاج جنودها الذين يُصابون بحروقٍ خلال المعارك، على جميع الجبهات العربية.
وتأخّر إنشاء البنك لسنوات، بسبب وجود خلافات إسرائيلية حول أحقية المشروع من الناحية الدينية، لكن مجلس الحاخامات الرئيسي عاد وأعلن مشروعيته، ليتم إنشاؤه عام 1985؛ لعلاج حروق جلود الاحتلال على حساب جلود الفلسطينيين.
وأما بالنسبة لظاهرة جلب العمال الأجانب إلى إسرائيل، فهذه السياسة برزت في مطلع عقد التسعينيات بعد فرض سياسة الإغلاق على الضفة الغربية، فإنه بالإمكان الاستنتاج أن "بنك الجلد الإسرائيلي" اعتمد بشكل أساسي على انتزاع الجلد من الفلسطينيين، كون العمال الأجانب وصلوا بعد تاريخ الإنشاء بخمسة أعوام.
وأولئك العمال وصلوا إسرائيل عبر عقود عمل كانت تشرف عليها دولهم، وفي حال الوفاة كانت تُرجع الجثة إلى موطن الميت، وانتزاع أي عضو من الجثة كان من السهل اكتشافه.
وما يؤكد على سرقة أعضاء الفلسطنيين ما كشفت البروفيسورة الإسرائيلية مائيرة فايس في كتابها "على جثثهم الميتة"، عن سرقة أعضاء من جثامين الشهداء الفلسطينيين من أجل زرعها في أجساد المرضى الإسرائيليين، واستعمالها في كليات الطب العبرية لإجراء الأبحاث عليها.
كما أوردت بعض الحقائق حول التمييز في التعامل بين جثامين الإسرائيليين والفلسطينيين داخل معهد أبو كبير للطب الشرعي، حيث يُمنع استئصال أعضاء من الجثامين الإسرائيلية، ويُسمح باستئصالها فقط من الفلسطينيين، بهدف تخزينها والاستفادة منها للمرضى الإسرائيليين.
وقد كشف رئيس الحكومة الفلسطينية السابق، سلام فياض، في حديث قديم عن أن جيش الاحتلال الإسرائيلي كان يجبر أسر الشهداء على دفنهم ليلاً؛ ففي أيام الانتفاضة الأولى كانت تُعاد جثث الشهداء إلى ذويهم، وكان يُفرض على العائلة دفنهم ليلاً، بوجود قوة عسكرية كبيرة، ولم يسمح للأهالي بكشف الجثة، فالأسرة كانت لا تعلم ماذا تدفن، وكانت عملية الدفن قسرية، أي إن قوات الاحتلال كانت تستولي على أعضاء، بما فيها الجلد وغيره.
يرتكب الاحتلال جرائم بشعة ضد الفلسطينيين منذ بداية احتلاله للأراضي الفلسطينية دون أي رادع لقوانين الدولية.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.