عندما تفشل الدبلوماسية.. لا صوت يعلو فوق صوت المذبحة في غزة

عربي بوست
تم النشر: 2023/11/06 الساعة 10:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/11/06 الساعة 10:16 بتوقيت غرينتش
الاحتلال الإسرائيلي يواصل مجازره في غزة / الأناضول

بعد مرور أكثر من شهر على بدء حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، لم يعد هناك أي اهتمام بالتصريحات والمحادثات وسحب السفراء وغيرها من الأساليب التي لا تسمن ولا تغني من جوع لإيقاف الحرب، فالقوة الاستعمارية الإسرائيلية لا تعترف إلا بمنطق القوة، ولا تحسب حساباً إلا لمن يواجهها بالقوة، كما فعلت المقاومة الفلسطينية، والتي فشلت كل قوى الشر التي حشدها الاحتلال للقضاء عليها رغم الدعم العسكري والإعلامي اللا مشروط من القوى الغربية الكبرى.

كان أداء الدول العربية والإسلامية الكبرى أقل بكثير من حجم التوقعات، فليس من المقبول أن تكون ردود فعل الدول الكبرى مجرد تصريحات متكررة ولا تزيد عن أي موقف لأية دولة صغيرة، فالدول العربية والإسلامية الكبرى تمتلك كل عناصر القوة في مواجهة الغطرسة الأمريكية، فهي تمتلك جيوشاً ضخمة مسلحة جيداً، وكذلك تمتلك التصنيع العسكري والاستقلال النسبي في الاقتصاد وغيرها من عناصر القوة التي تجعلنا لا نقبل منهم ردود فعل مساوية لردود فعل دول صغرى لا تمتلك شيئاً مما تمتلكه.

نعلم جيداً أن هناك دبلوماسية وسياسة وتفاصيل عديدة في المكاتب المغلقة، ولكن نتائج كل هذه الجهود أقل بكثير من حجم التوقعات المرجوة، ولم تمنع الإسرائيليين من الاستمرار في توحشهم واستهدافهم الأطفال والنساء. في حديث صحيح للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: "ما من امرئ يخذل امرأً مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلماً في موضع ينتقص فيه من عرضه، وينتهك من حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب نصرته". وحتى الآن فإن دول المسلمين الكبرى لم تنتصر للمسلمين المستضعفين في قطاع غزة إلا بالتصريحات وبعض المساعدات العينية، فهل هذا يكفي؟ بالمطلق الجواب لا، ودم أطفال ونساء غزة سيبقى يلاحق كل المقصرين في كل العصور.

وفي موضع آخر وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي أخرجه أبو داود بإسناد حسن، قال: "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها"، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: "بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن". فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: "حب الدنيا وكراهية الموت".

ما دامت الجهود الدبلوماسية لم تسهم في إيقاف الحرب، وكذلك لم تسهم في دعم الأبرياء في قطاع غزة، إذاً فقد أسقط "طوفان الأقصى" كل زيف وحدة المصير، ولن يكون في المستقبل قناعة بمشروع عربي أو إسلامي مشترك بوجود هذه القيادات التي لم تنتصر للأبرياء ولم تمنع استفراد الاحتلال الإسرائيلي المتوحش بهم يومياً وقتلهم على مرأى من الجميع بحجة قتل المقاومين، علماً أن المقاومة تبث يومياً ما تقدمه من تضحيات وصمود في مواجهة جنود العدو، وتلقنهم دروساً عسكرية، وتعيد العديد منهم جثثاً هامدة، ولذلك يقوم الاحتلال بالانتقام من خلال إلقاء القنابل الضخمة الفتاكة على الأبرياء، في مشهد متكرر يومياً دون أدنى ردة فعل ترتقي لمستوى الحدث.

فهل يعقل ألا تمتلك الدول ذات الأغلبية المسلمة في المنطقة، والتي تمتلك جيوشاً من أقوى جيوش العالم، الحق والقوة في التحكم بدخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة؟! هذا يعني شيئاً واحداً سيخلده التاريخ وتتناقله الأجيال، وهو أنها كانت شريكة في الجريمة بهذا الصمت غير المبرر وهي تمتلك كل أسباب القوة. مؤسف جداً ما وصل له حال المسلمين، ولا نجد ما يليق من الكلام، والأيام ستثبت أن الدم الفلسطيني غالٍ جداً.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علي أبو صعيليك
كاتب أردني
كاتب أردني