شظايا الحرب ضد غزة تطال اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي، فبينما كانت إسرائيل تطمح إلى تحقيق مكاسب عسكرية من خلال هجومها على القطاع، فإنها في المقابل تدفع ثمناً باهظاً على الصعيد الاقتصادي كل يوم بحربها الهمجية ضد القطاع، والاعتراف جاء على لسان مسؤول في الحكومة الإسرائيلية، حيث قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش: "الميزانية الحالية لإسرائيل لم تعد مناسبة؛ بسبب حرب غزة، وسيجري تعديلها". فإسرائيل تخسر عن كل يوم في الحرب نحو 246 مليون دولار.
وبلغة الأرقام، فإن التوقعات تشير إلى أن تكلفة حرب إسرائيل ضد حماس ستصل إلى مبالغ هائلة، إذ رجح مسؤول كبير في وزارة المالية الإسرائيلية، أن الاحتلال ربما سيضطر إلى إنفاق مبالغ كبرى لتمويل الحرب ضد المقاومة الفلسطينية عما قدره بنك إسرائيل هذا الأسبوع، لكنه أشار أيضاً إلى أن التكلفة لن تتجاوز ما حدث خلال جائحة كورونا والتي بلغت نحو 50 مليار دولار، وبحسب تقديرات لوزارة المالية وبنك إسرائيل يتوقع أن تبلغ قيمة هذه الخسائر أكثر من 18 مليار دولار.
ومع بدء الاحتلال للحملة البرية على غزة، فإن الوضع يبدو أكثر قتامة، فإنفاق الإسرائيليين تراجع بكل شيء، باستثناء الطعام. إذ يجب أن نضع في الاعتبار الفجوة الكبيرة التي أحدثها استدعاء الجنود الاحتياط في القوة العاملة لإسرائيل، ما أثر على سلاسل التوريد وعجلة الاقتصاد بشكل عام.
وقد حذَّر 300 من كبار الخبراء الإسرائيليين، الإثنين 30 أكتوبر/تشرين الأول 2023، من أن الاقتصاد الإسرائيلي يمر بوقت صعب، بشكل يستوجب إجراءات فورية لمنع وقوع مزيد من الضرر، وفق ما نقلته وكالة الأناضول عن وسائل إعلام محلية.
بينما رجح بنك "جي بي مورغان تشيس" الأمريكي أن ينكمش الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 11% على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الجاري، مع تصاعد العدوان على قطاع غزة.
وتشير التوقعات إلى أن معدل التضخم لإسرائيل آخذ في الارتفاع، وسيصل إلى 6.8% في عام 2024، ونمو الناتج المحلي الإجمالي سيصبح بنسبة 1.4% فقط، وهذه توقعات وُصفت بأنها قاسية.
وهذه التوقعات تختلف بشكل كلي عن التوقعات التي أصدرها بنك إسرائيل الأسبوع الماضي، إذ توقع أن يبلغ التضخّم نسبته 2.5% في العام المقبل (2024)، ونمو الناتج المحلي إلى نسبة 2.8%، أي ضعف النسبة التي توقتعها وكالة "موديز".
وأيضاً هناك مخاوف من أن تنفد الغذاء في إسرائيل، مع استمرار مغادرة العمال وانكماش النشاط الصناعي والزراعي فيها، حيث إن إسرائيل حشدت أكثر من 360 ألف جندي احتياطي، أي ما يعني 8% من القوة العاملة في البلاد، وقد ترك معظمهم وظائفهم، مما أدى إلى فجوة هائلة في الاقتصاد الإسرائيلي.
بينما تتصاعد مخاوف أخرى تتعلق بالموانئ على السواحل الفلسطينية المحتلة، خاصةً أن الاحتلال الإسرائيلي يستورد نحو 3 أضعاف مما يصدره من المنتجات الزراعية والغذائية.
إضافة إلى ذلك يواجه الاحتلال الإسرائيلي حالياً أزمة في ارتفاع عائد السندات، الذي يعني عملياً ارتفاع تكلفة الاستدانة الحكومية، ويبلغ دين إسرائيل حالياً نحو 60% من الناتج المحلي.
كما أن انهيار الاستهلاك الخاص وتدني القوة الشرائية في إسرائيل حالياً سبب حالة من عدم اليقين، والخوف من تكرار الهجمات الفلسطينية، وغيّر من عادات الإسرائيليين الشرائية والاستهلاكية، وذلك عن طريق بقائهم في منازلهم، وبالنظر إلى مراكز التسوق والمطاعم فنرى أنها ظلت فارغة، وتوقفت السياحة التي تعد من مصادر الدخل المهمة للعملة الصعبة.
كل ذلك يقودنا إلى سؤال مهم سينعكس صداه في الميدان، وهو: هل يستطيع الاحتلال الإسرائيلي الصمود اقتصادياً أمام حرب برية طويلة في رمال غزة؟
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.