كيف زادت شعبية القضية الفلسطينية بين لاعبي كرة القدم والأندية الأوروبية؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/11/04 الساعة 13:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/11/04 الساعة 13:48 بتوقيت غرينتش

تُعتبر القضية الفلسطينية واحدة من القضايا الدولية المعقدة والمحورية في منطقة الشرق الأوسط، والقضية القديمة والمتجددة، فتواجه فلسطين منذ عقود تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية هائلة، ويستمر الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين منذ عقود طويلة، ومع الهجمات الشرسة والهمجية الأخيرة على غزة، مما أسفر عن وقوع الآلاف ما بين شهيد وجريح، ومع بداية العدوان الأخير على غزة وبدء القصف على الأراضي الفلسطينية، بدأت القضية تحمل بُعداً آخر. 

وفي هذا السياق، يمكن أن تكون الرياضة، وعلى وجه التحديد كرة القدم، لها تأثير كبير على تسليط الضوء على القضية الفلسطينية، وفي هذا المقال سنرصد أهم التصريحات وردات الفعل من اللاعبين المحترفين ذوي الشهرة والتأثير عالمياً.

وقد يقول قائل: ماذا سيفيدنا هذا التعاطف الأخير؟ والجواب بكل اختصار لطالما كان الإعلام الغربي مهمشاً القضية الفلسطينية، ويعمل على شيطنة حركات المقاومة وتغيير الرأي العام لصالحها، لكن وفي الأيام الأخيرة وجدنا ردود أفعال كبيرة من الأوساط الغربية، ومن أندية ولاعبين غير مسلمين، مما شكل تأثيراً وعامل ضغط إضافياً على المجتمعات، التي لطالما عملت جاهدة على توحيد الآراء، بما يتوافق مع أهوائها.

وبالحديث عن أهم ردود هذه الأفعال على سبيل المثال، فريق سيلتك الإسكتلندي، والذي رفعت جماهير فريقه أعلام فلسطين خلال مواجهة أتلتيكو مدريد في دوري أبطال أوروبا، يوم الأربعاء الماضي، على الرغم من تحذيرات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) والذي هدد بفرض عقوبات على النادي حال رفع أعلام فلسطين خلال اللقاء، لكنَّ ذلك لم يمنع الجمهور من رفع الأعلام الفلسطينية في المدرجات عند بداية المباراة، وترديد الأغاني المرتبطة بكرة القدم مثل "لن تسير وحدك أبداً" لإبداء تضامنهم مع غزة التي تواجه إبادة من قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وعن سبب هذا الدعم الكبير، فقد بدء دعم سيلتك لقضية فلسطين في عام 1887، حين أسسه مهاجرون أيرلنديون انتقلوا إلى اسكتلندا هرباً من المجاعة والاستعمار البريطاني.

وبسبب المعاناة من الاحتلال، قرر النادي مُناصرة جميع القضايا الإنسانية من وجهة نظره، مثل الاحتجاج على التمييز ضد الكاثوليك في أسكتلندا ودعم استقلال أيرلندا عن إنجلترا، ودعم القضية الفلسطينية. 

ولم تكن هذه المباراة هي الوحيدة التي رفع بها العلم الفلسطيني، فالسبت الماضي اكتست مدرجات ريال سوسيداد بأعلام فلسطين خلال مباراته ضد مايوركا السبت في الدوري الإسباني لكرة القدم.

ففي الأسبوع الماضي وقبل بدء مباراة ليفربول الإنجليزي لحساب الدوري، وقف اللاعبون دقيقة صمت على القتلى الإسرائيليين، ومع بدء دقيقة الصمت بدأت الجماهير بإطلاق صفارات الاستهجان والغضب، وتم رفع العلم الفلسطيني مع ترديد كلمة فلسطين.

الأمر الذي تسبب للاعب المصري محمد صلاح بالكثير من الانتقاد للوقوف دقيقة صمت، وتأخره بإبداء رأيه حول العدوان الأخير، والذي تم وصفه من قبل البعض بأنه منفذ بالذكاء الاصطناعي نظراً لطريقة تقديمه، والتصريح الذي دعا لوقف العنف والمجازر الحاصلة.

وبالحديث عن اللاعبين كان للعديد من اللاعبين الأوروبيين مواقف داعمة أيضاً للقضية الفلسطينية، الأمر الذي شكل مفاجأة سارة على الرغم من مواقف بلدانهم العنصرية، وهنا نقصد الفرنسي جول كوندي  لاعب نادي برشلونة الإسباني،  والذي نشر رسالة في "ستوري إنستغرام" كتب فيها: "خذ الوقت الكافي لقراءة الرسائل والاستماع إلى مقاطع الفيديو بأكملها قبل الرد وإصدار أحكام متسرعة، فهذا مهم جداً. شكراً".

وجاءت رسالة كوندي مرفقة بكلمات لشخص أمريكي اسمه في إنستغرام "Shaun King" ويتابعه في "إنستغرام" نحو 4 ملايين و500 ألف شخص.

حاله كحال مواطنه كريم بينزيما مؤكداً تعاطفه الشديد معهم: "كل صلواتنا من أجل ضحايا غزة ضد القصف الظالم" لتظهر هذه الكلمات مساندته الكبيرة لهم. .

وكتب النجم الألماني ونجم نادي ريال مدريد وأرسنال السابق لكرة القدم، مسعود أوزيل، على حسابه عبر منصة إكس قائلاً: "الصلاة من أجل الإنسانية، الصلاة من أجل السلام والأبرياء، وخاصة الأطفال، فهم يفقدون حياتهم في الحرب على كلا الجانبين.. إنه أمر مفجع للغاية ومحزن".

وكان الدولي المصري محمد النني قد غيّر صورة البروفايل الشخصي له على مواقع التواصل الاجتماعي، بإزالة صورته ووضع صورة للمسجد الأقصى يرفرف فوقه علم فلسطين، في تعبير عن تضامنه ودعمه للقضية الفلسطينية ورفضه العدوان على قطاع غزة.

وفي حسابه على "إنستغرام" عبّر النجم الأردني موسى التعمري لاعب مونبلييه الفرنسي عن تضامنه مع فلسطين قائلاً: "رسالتي دعم لفلسطين وأهلها للمرة الثانية في أسبوع"، ليكون إلى جانب اللاعبين والرياضيين الذين عبروا عن رأيهم وتضامنوا مع فلسطين خلال الحرب الحالية.

ونشر لاعب المنتخب الجزائري، رياض محرز، صورة له من مباراة منتخب بلاده مع الرأس الأخضر، وكان حاملاً علم فلسطين رفقة اثنين من زملائه وعلق عليها "نحن نريد السلام".

المحترفون العرب في مرمى الانتقاد 

ولم يسلم المحترفون العرب في مختلف الدوريات من الضغوط الكبيرة لإكمال سياسة تكتيم الأفواه، وعدم إعطاء الحرية بالتعبير، إلا بما يتناسب مع أهوائهم.

 تعرض اللاعب المغربي نصير المزراوي للكثير من الانتقادات، ولولا دعم رابطة المشجعين، فإن إدارة النادي قد نفذت عقوبة قاسية عليه، أو قامت بفسخ عقده. وأصدر نادي بايرن بياناً فور نشر "الستوري"، أكد فيه أنه تواصل مع نصير المزراوي على الفور بعد منشوره على إنستغرام يوم الأحد. يوجد اللاعب حالياً في أفريقيا مع المنتخب المغربي، ومن المخطط أن يتم عقد جلسة شخصية مفصلة مع إدارة النادي في ميونخ بعد عودته. وبعد ذلك، تم تراجع النادي عن معاقبة اللاعب، وأعلن أنه يعتزل هذا المنشور ولا يترجم أو يعكس القيم التي يحملها بايرن ميونخ.

تم توجيه عقوبة للاعب نادي نيس والمنتخب الجزائري لكرة القدم، يوسف عطال، يوم الأربعاء 25 أكتوبر، من قبل اللجنة التأديبية التابعة لرابطة الدوري الفرنسي، حيث تم إيقافه عن المشاركة لمدة 7 مباريات، بسبب منشوره المؤيد لفلسطين، ورفضه الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي لا تزال تستمر حتى الآن.

وبحسب ما ذكر موقع شبكة "إلى إم سي" الرياضية، سيتم بدء تنفيذ عقوبة الإيقاف لمدة 7 مباريات ابتداءً من تاريخ 31 أكتوبر/تشرين الأول، مما سيؤدي إلى غياب اللاعب عن مباريات فريقه حتى نهاية عام 2023.

وقام عطال الذي يبلغ من العمر 27 عاماً بنشر مقطع فيديو على حسابه في إنستغرام يظهر الداعية وهو يدعو لـ "يوم أسود لليهود" قبل أن يحذف اللاعب المنشور بعد أن أثار جدلاً واسعاً، وتم اعتبار المنشور "معادياً للسامية ويحتوي على دعوات للعنف".

على الرغم من اعتذار عطال، الذي صرح قائلاً "أدرك تأثير منشوري المستفز على العديد من الأشخاص، وكان ذلك بعيدًا عن نية سيئة من جانبي وأعتذر عن ذلك"، مؤكداً أنه يرغب في "توضيح" وجهة نظره بدون أي غموض. وأكد اللاعب بشدة استنكاره لجميع أشكال العنف في أي مكان في العالم، ويدعم جميع الضحايا.

في الـ18 من أكتوبر، قرر ناديه إيقافه حتى إشعار آخر، وبسبب ذلك، قررت لجنة الأخلاقيات الوطنية في الاتحاد الفرنسي للعبة إحالة الأمر إلى اللجنة التأديبية في الرابطة.

على الرغم من تأثيراتها الإيجابية، يجب أن ندرك أن الرياضة ليست بديلاً دائماً للحل السياسي للقضية الفلسطينية، ولكنها تعد وسيلة مهمة لنشر الوعي العالمي بحقوق الشعب الفلسطيني وجرائم الاحتلال الظالمة.

وختاماً يتبين بوضوح أن كرة القدم والرياضة تلعب دوراً مهماً في التأثير في مختلف القضايا بشكل عام وللقضية الفلسطينية بشكل خاص، لما تملك هذه القضية من أهمية راسخة لدى العرب والمسلمين في مختلف العالم، فهي تساهم في نقل قصة الشعب الفلسطيني إلى العالم وتعزيز الوعي الدولي بحقوقهم ومعاناتهم. على الرغم من التحديات والصعوبات التي تواجهها فلسطين، كما تظهر الوجه القبيح للمحتل، كما يمكن للرياضة أن تكون جزءاً من الحل والتضامن العالمي لدعم قضيتهم، "فالسعيُ للعدالة والسلام في الشرق الأوسط يجب أن يستمر بقوة، وتلعب الرياضة دوراً مهماً في هذا السياق".

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أمجد العسة
صحفي وكاتب سوري
صحفي وكاتب سوري
تحميل المزيد