في ذكرى وعد بلفور.. كيف هدمت المقاومة الفلسطينية التاريخ المزيف؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/11/04 الساعة 12:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/11/04 الساعة 12:42 بتوقيت غرينتش

في ظل ما يحدث حالياً من قتل وتشريد لسكان قطاع غزة، وفي ظل كل خطابات الشجب والتنديد من ساسة العالم، الأمر الذي لا يعني وقوفهم على الحياد أو إعلان أن كل ما يحدث ليس إلا إبادة من طرف استيطاني تجاه الشعب الفلسطيني وإنما يتبعه إعلان دعم الإسرائيليين علانية والإصرار على تزييف الواقع بوصف ما يحدث حرباً. في ظل كل هذا نحتاج للعودة إلى الجذور، لحكاية قصة الجنسية عن فلسطين، البلد الممتد من النهر إلى البحر؛ فلسطين البلاد الواقعة بين نهر الأردن بامتداده والبحر الميت. في ظل ما يحدث لم تعد الكتابة الدرامية عن فلسطين وأهلها أمراً يمكن أن يحرك أحداً، لأنه وعلى مدار سنوات طويلة لا يزال كل فلسطين مشروع شهيد فقط لأنه لا يريد الاستغناء عن وطنه، ما زال تراب هذه البلد يساوي أرواح ملايين من أبناء وطنه، وما زال أبناء شعبه يقاومون ببسالة ليكتبوا التاريخ بدمائهم من جديد بعدما تكفلت كل الدول الاستعمارية مدعومة بصمتٍ عربي مُخزٍ بتزييف الماضي كما إنهم ما زالوا يسعون لقطع شجار الزيتون وقتل الأطفال لمحو الهوية الفلسطينية.

تاريخ قد لا تعرفه الأجيال الجديدة

في كتابهما "صك المؤامرة – وعد بلفور 2 / 11 / 1917" يستعرض الباحثان "جميل عطية إبراهيم" و "صلاح عيسى" أهم الشهادات حول وعد اللورد آرثر جيمس بلفور وزير خارجية بريطانية العظمى بإنشاء وطن قومي لليهود على أرض فلسطين فيما عُرف لاحقاً بالوعد المشؤوم، ووعد من لا يملك لمن لا يستحق.

في تقديم الكتاب الصادر عن دار "الفتى العربي" عام 1991

❞ويكفي أنه عبر أكثر من سبعين عاماً لم يتوقف الشعب العربي الفلسطيني، والأمة العربية كلها، عن التذكير بوعد بلفور وآثاره، لكيلا ينسى أحد أن اغتصاب فلسطين وتشريد أهلها إنما هو اغتصاب لجزء من الوطن العربي وتشتيت لصفوف الأمة العربية❝.

الكتاب الذي أعادت دار الكرمة المصرية نشره عام 2022 

والذي يتضمن أهم تفاصيل حدث مر عليه قرن وستة أعوام نشهد تبعاته حتى الآن من قتل وسفك لدماء آلاف الشهداء منذ بداية دعوة طوفان الأقصى التي تسعى من خلالها المقاومة لتكبيد العدو أكبر قدر من الخسائر وإذاقة كل المحتلين جزءاً ولو بسيط مما عانى منها كل أبناء فلسطين منذ هذا الوعد الملعون من هلع وخوف.

لمعرفة طبيعة الظرف الذي تسبب في وقوع فلسطين فريسة لعدة دول عظمى اكتسب قوتها من احتلال ونهب الدول الأخرى يجب علينا النظر عن كثب لطبيعة الوقت الزمني لبداية الاحتلال الإسرائيلي. 

"في عام ١٨٨٢، أصدر المفكر اليهودي ليو بنسكر كتاباً بعنوان "الانعتاق الذاتي"، ناقش فيه مشكلة اضطهاد اليهود في أوروبا الشرقية وروسيا القيصرية ودعا بنسكر اليهود للهجرة إلى فلسطين للإقامة بها، وإنشاء مستوطنات زراعية وحرفية، حتى يتخلصوا مما يلاقونه من اضطهاد ولقيت الفكرة ترحيباً من مجموعة من الشباب تقيم في مدينة أوديسا الروسية، فأنشأوا جمعية "عشاق صهيون".

"وتُعتبر جمعية "عشاق صهيون" أول حركة منظمة لدعوة اليهود للهجرة من بلادهم إلى فلسطين، كما أنها كانت أول تطبيق عملي لتيار الصهيونية العملية التي تدعو اليهود للاستيلاء على فلسطين قطعة بعد أخرى، وهو التيار الذي اقتنع به وايزمان وعمل على تطويره والاستمرار فيه".

-من كتاب صك المؤامرة 

جماعة عشاق صهيون التي نشأت وكبرت على يد تيودور هرتزل، الكاتب الصحفي والمحامي، الذي كرّس حياته من أجل ترويج شائعات تُلزم اليهود بالعودة الى فلسطين باعتبارها وطنهم الديني الأول، وحاييم وايزمان الذي عُيِّن مديراً لمختبرات سلاح البحرية البريطانية (١٩١٦-١٩١٨) وتولى رئاسة الكيان الاستيطاني منذ نشأته في 1949 حتى وفاته في 1952. 

شكل اليهود على مدار سنوات عديدة حملاً زائداً على أوروبا باعتبارهم فئات غير مندمجة في مجتماعاتهم، عانوا من التمييز العنصري في بعض البلدان التي حكمتها أنظمة دكتاتورية كروسيا القيصرية وألمانيا فيما بعد، ولم يكن لهم دور مجتمعي غير إقراض الحكومات فقط باعتباره أمراً محظوراً على الكنيسة تأديته مما ساهم في زراعة بذورهم الشيطانية في كل الدول العظمى كقوة اقتصادية ولكن أي أثر اجتماعي. ومع بداية الحركة الصهيونية التي سعت للتحالف مع الجميع في انتظار سقوط الدولة العثمانية، العجوز الذي وصل لمرحلة الشيخوخة بسبب الفساد والتفتت واستيلاء دول كبرى مثل فرنسا وإيطاليا وألمانيا على بعض الدول التي كانت تحت حمايته فإن الصهيونية انتظرت سقوط الفريسة في الفخ لسنوات، وهو ما تحقق بدخول الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى مع ألمانيا وضد فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية التي أعلنت انسحابها بعد شرارة الثورة البلشفية. وفي الوقت الذي سعت فيه جميع الدول للحفاظ على مستعمراتها تضاربت كل الوعود ونجحت جميع الفخاخ!

"أدركت أن زمناً جديداً من الدماء والنيران سيحيط بنا نحن اليهود، وأن بذور الشر التي ألقى بها بلفور في أرض فلسطين ستثمر أشواكاً ودماً ودموعاً".

– إدوين صموئيل مونتاجو، اليهودي الوحيد في حكومة بريطانية، مُعلقاً على  وعد بلفور الذي صدر في 2 نوفمبر عام 1917  

والذي صرخ في وجه بلفور خلال محاولات مستمرة لتمرير الوعد: "إنني البريطاني اليهودي الوحيد في الوزارة. وبما أن الأمر يتعلق ببريطانيا وباليهود، فينبغي أن يضع مجلس الوزراء رأيي في اعتباره". ولكن أحداً لم يهتم، ولم يعتبر.

وعود بالجملة للعرب!

وفي نوفمبر/تشرين الثاني ١٩١٤، دخلت الدولة العثمانية الحرب مع ألمانيا مما جعل مشاركتها كفيلة بترجيح كفة الألمان الساعين -ككل مستعمر- في تأمين مصالحهم في الشرق، ومع تدخل الأتراك حدث بالضبط كل ما خططه الصهيوني لإتمام مخططه في اقتناص وطن ليس من حقه على أرض لا تخصه.

في شهادته من المنفى، يسرد الشريف حسين بن علي، أمير مكة وملك الحجاز في وقت الحرب، حينما كانت بلاده تحت الولاية العثمانية تفاصيل الانقلاب على الأتراك الذي قلب موازين الحرب.

"ففي صيف عام ١٩١٦، التقى مارك سايكس وجورج بيكو، مع مندوب عن الحكومة الروسية القيصرية في القاهرة، واتفقوا على تقسيم المنطقة فيما بينهم بعد نهاية الحرب العالمية الأولى. وعندما اختلفوا حول فلسطين، اتفقوا على وضعها تحت الوصاية الدولية التي سرعان ما آلت إلى بريطانيا العظمى في ذلك الوقت".

ولكن رغم ذلك تم اعتماد هذا الاتفاق بشكل سري حتى تمت الثورة البلشفية وانسحبت روسيا من الحرب، وحينما سعى العرب في الاستقلال عن الدولة العثمانية منحتهم إنجلترا كل وعود الدعم وإتمام الاستقلال فور طعن ظهور الأتراك في الحرب وهو ما حدث فعلاً في الحرب التي رفض العرب المشاركة فيها باسم الدولة العثمانية التي عنونت الحرب باسم الدفاع عن الإسلام، ومع نهاية الحرب صدر وعد بلفور ليتنافى مع اتفاقية سايكس بيكو بشكل جزئي ومع كل الوعود التي مُنحت للعرب بشكل كُلي فيما بدأت بذرة الاستيطان تنشأ تحت رعاية بريطانية خالصة للوفاء بدين إنقاذهم في الحرب على يد حاييم وايزمان الذي كرّس جهوده في الحرب لخدمة من سيرد الدين فيما بعد، يقول وايزمان في مذكراته التي نُشرت بعنوان التجربة والخطأ:

❞وساعدتني الظروف، عندما حدث نقص شديد في الإنتاج البريطاني من مادة الأسيتون وشعر لويد جورج، رئيس اللجنة المشرفة على إمداد الجيش بالذخائر، بالقلق الشديد لمعرفته بأهمية الأسيتون لصناعة المتفجرات، فاقترح عليه صديقنا المشترك تشارلز سكوت -الصحفي الإنجليزي- أن يستعين بي بصفتي أستاذاً للكيمياء، وعكفت على العمل، ونجحت أخيراً في الوصول إلى وسيلة جديدة ورخيصة نسبيًاً لإنتاج الأسيتون،‫ وقبل أن أقدم نتائج أبحاثي له، قلت ضاحكاً: "إن الألمان مستعدون لإعطائي نصف الإمبراطورية التركية مقابل هذا الاكتشاف، لكني لم أطلب من بريطانيا سوى فلسطين"❝.

في 1918 بعد صدور وعد بلفور اتضح لأمير مكة التناقض الصارخ بين اتفاقه مع بريطانيا وبين اتفاقية سايكس بيكو المسربة وبين وعد اليهود، ومع ذلك أراد بلفور أن يضمن استمرارية الأمر بلا أي معوقات فأرسل ديفيد جورج هوجارث رئيس المكتب العربي بالقاهرة برسالة:

"إن التأكيد الذي كلفني اللورد بلفور بإبلاغك إياه هو تفسير لوعد بلفور، فالعرب الآن أحرار اقتصادياً وسياسياً، وحينما تكونون أحراراً، فلن يزعجكم في شيء أن تجيروا اليهود المضطهدين، في الحدود التي لا تتعارض مع حقكم في بلادكم فلسطين". وهو ما ساهم في غرس الوجود الإسرائيلي داخل فلسطين بعد استقبال الرسالة بالترحيب والمدح من قبل أمير مكة الذي طلب من أتباعه في الأقطار العربية كالقدس والشام بالترحيب بالصهاينة باعتبار كلمة اللورد بلفور بالحصول على سيادة عربية لفلسطين كلمة لن تتغير. في 1882 حظرت روسيا القيصرية امتلاك اليهود أي عقار إلا في أماكن محددة قانونياً مما شدد الخناق عليهم، في نفس العام تأسست جمعية عشاق صهيون، وفي نفس العام أصدر عبد الحميد الثاني، السلطان العثماني رسمياً في يوليو/تموز 1882 قراره بحظر هجرة اليهود إلى فلسطين، القرار الذي سقط تماماً بعد اجتماع والي مكة بمبعوث بلفور. يستكمل والي مكة الحكاية من موقعه ويُضيف:

"وطلبت في رسائلي الترحيب باليهود إخواناً لنا بفلسطين، فهم ضيوف علينا، ومن الواجب إكرام ضيافتهم".

وبهذه الطريقة يكتمل الفخ الصهيوبريطاني بمنتهى البساطة.

في ٤ يونيو/حزيران ١٩١٨، عُقد اجتماع بين حاييم وايزمان والأمير فيصل الأول  بن الشريف حسين بن علي شريف مكة أحكم فيه الصهيوني الفخ العربي بالسعي في الحصول على اتفاق صهيوني عربي، كما جاء في مذكرات والده:

❞كان الأمير فيصل حذراً، ولم يقطع بشيء، ورد على وايزمان قائلاً: "إن فلسطين منطقة عربية، تشكل جزءاً من سوريا، ويجب أن تظل ضمن الدولة العربية التي وعدنا الحلفاء بضمان استقلالها. أما قداستها لدى ثلاثة أديان عالمية، ووجود المعابد المقدسة فيها، فذلك أمر يَعِدُ العرب بالتشاور بشأنه مع من يعنيهم أمر الأديان لتأمين حرية العبادة فيها". وختم فيصل حديثه لوايزمان قائلاً: "إننا نرحب بالاستيطان اليهودي على أسس إنسانية، بشرط أن يخضع للحدود التي يفرضها احترام صالح السكان أصحاب البلاد وحقوقهم الاقتصادية والسياسية، لكني لا أريد أن أدلي بأي تصريحات في هذا الصدد حتى لا تُستغل في وضع أرض عربية تحت سيطرة غير عربية"❝.

ما حدث في صُلح فرساي كان أسوأ وأسوأ، فبمجرد انتهاء الحرب اجتمع الجميع لتقسيم الغنائم وبقيت فلسطين في يد بريطانيا الحامية التي سترد الدين لليهود الذين ساعدوهم في الحرب، وللمرة الأخيرة سيسعى بلفور في إتمام وعده بالضغط على الأمير فيصل الذي ذهب ممثلاً للعرب ولم يتم استقباله بأي صفة رسمية مما دفعه تحت الضغط للتوقيع مع وايزمان في يناير/كانون الثاني 1919 على اتفاق رسمي عربي صهيوني يقر بوعد بلفور:

❞وفي بداية يناير/كانون الثاني ١٩١٩ قابل فيصل الزعيم الصهيوني وايزمان للمرة الثانية، ووقَّع الاثنان اتفاقية، تعهد فيها الأمير فيصل بأن يكون هناك دستور لفلسطين يوفر كافة الضمانات لتنفيذ وعد بلفور. ولكن فيصل أضاف إلى النص الأخير  للاتفاقية عبارات قال فيها إن تنفيذ ذلك كله مرهون بحصول العرب على استقلالهم ضمن الحدود التي سبق لهم أن طالبوا بها، وإنه إذا حدث أدنى تعديل في المطالب العربية فإننا سنكون في حِل من الاتفاقية الجديدة❝.

نتائج

❞ففي عام ١٩١٨ ذهبت لزيارة فلسطين، وكان آحاد هاعام -زعيم الجناح الثقافي في الحركة الصهيونية- معي، وبعد أن تجولنا في أنحاء البلاد التي أخذنا وعداً بأن تكون لنا، قال لي آحاد ذات غروب ونحن نتناول العشاء في شرفة فندق يطل على تلال القدس: "لقد كان هرتزل يتصور أن فلسطين لا شعب لها، وكنت مثله أتخيل أنها مستنقعات"، وصمت لحظة ثم قال: "لكنني أرى هنا شعباً وحضارة وأطفالاً وبرتقالاً، فإذا أخذناها وطردناهم منها فنحن نرتكب ظلماً كبيراً ألا ترى ذلك؟" لم أرد، لكني قلت لنفسي: "يجب ألا أضعف أبداً، لست المسؤول عن مستقبل هؤلاء الفلسطينيين. فليجدوا مكاناً آخر، أو فليعودوا إلى الصحراء التي جاءوا منها"❝.

حاييم وايزمن أول رئيس إسرائيلي في مذكراته

ليست كلمات حاييم أمراً شاذاً أو غير طبيعي بالنسبة شخص شهد بعينه واستخدم كل الوسائل لاقتطاع مساحة غير مستحقة له في أرض فلسطين، بينما كان من الممكن لو تغيرت الظروف أن يسكنوا في أوغندا كما عرضت بريطانيا في بداية الأمر لنفي اليهود بعيداً عن أوروبا وللتخلص من شرورهم في كل الدول التي لا تتمكن من قبولهم باعتبارهم فئة أقل. المشروع الأوغندي لم يرق لهرتزل لأنه كان سيتسبب في فشل حجته في حشد مئات الآلاف من العالم على أساس ديني عنصري في أصله باعتبار المقدسات اليهودية في فلسطين تصلح لتكون محور التفاف الصهيونية حوله عكس أي مكان آخر مقترح. وفي صلب الموضوع فإن كفة فلسطين رجحت في النهاية -رغم عدم اقتراحها في البداية- لحماية مصالح بريطانيا في الشرق وحماية تجارتها في قناة السويس أو في الهند وهو ما دفع هرتزل ومن بعده حاييم وايزمان للضغط على الحكومة البريطانية في جعل المصالح مشتركة لضمان استمرار عمل قناة السويس وضمان عدم انقضاض فرنسا وقوتها في الشام على أقطار آسيوية لأهداف استعمارية، بالإضافة لجعل الكيان الاستيطاني شوكة في ظهر كل البلاد العربية لضمان عدم الاتحاد أو المطالبة بوحدة عربية على أي أساس قومي عربي/ديني؛ لذا فإن التفكير في محو وتهجير الفلسطينيين لم يكن فكرة بعيدة أو تصعيداً غير ممنهج منذ اللحظة الأولى لوجود هذا الاحتلال بيننا بل إنه في الأساس نشأ مُتغذياً على ضخامته الذاتية ورغبته في محو كل من يقف في طريقه.

❞"إنهم -الصهيونيين- يستشيطون غضباً ممن يذكرونهم بوجود شعب آخر في أرض فلسطين، يعيش هناك ولا ينوي المغادرة على الإطلاق"…‫ "لقد كان هرتزل يتصور أن فلسطين لا شعب لها، وكنت مثله أتخيل أنها مستنقعات، لكنني أرى هنا شعباً❝.

آحاد هاعام

ربما يظن البعض أن كل هذه الأخبار لم تكن تهم غير رجال السياسة الذين ما أن وقعوا في الفخ حتى انقلبت خريطة الشرق الأوسط بالكامل، ولكن التاريخ سجل موقف أولئك الذين رفضوا من البداية هذه السرقة:

❞رفض الشعب الفلسطيني وعد بلفور منذ إعلانه، واستمر يرفضه حتى الآن. وتوالت الثورات والانتفاضات والهبَّات ضد قوات الاحتلال البريطاني، وضد الغزوة الصهيونية. وشهد الشهر نفسه -في عام ١٩٣٥- انطلاق الثورة الفلسطينية الكبرى، عندما انطلق الشيخ المجاهد عز الدين القسام إلى أحراش منطقة جنين، وبدأ الكفاح المسلح ضد قوات الاحتلال البريطاني، واستُشهد في المعركة الأولى، ولكن استشهاده فجَّر الثورة الكبرى. وسجل التاريخ أن الشعب الفلسطيني يرفض وعد الإنجليز، ويقاوم مشاريع اغتصاب الوطن".

رحل عز الدين القسام بجسده ولكني أشهد بأنه لم يرحل، ولن يرحل أبداً هو وغيره ممن قاوموا ويقاومون هذا الاحتلال الذي يفعل أفعاله بدعم غربي وصمت عربي. كل أشكال البطولة التي يجسدها رجال المقاومة الآن ربما لا تنجح في تحرير فلسطين من الشيطان الذي يسكنها مع أبناء فلسطين أصحاب الأرض، ولكن المقاومة بلا شك نجحت في كتم أصوات من ظنوا أن أهلنا في فلسطين هم من باعوا الأرض، وظنوا أن الفلسطيني أول مُطبع عربي فهرعوا للتطبيع مع العدو للتربح وزيادة قوة عسكرية نجح كل من يؤمنون بالحق في تدميرها من المسافة صفر؛ لذلك فإن الأمل باقٍ لأنه وكما قال أمل دنقل: إنه ليس ثأرك وحدك، لكنه ثأر جيلٍ فجيل، وغداً سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً، يوقد النار شاملةً، يطلب الثأرَ، يستولد الحقَّ، من أَضْلُع المستحيل.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

سيد عبدالحميد
كاتب مقالات وقصص قصيرة
كاتب مقالات وقصص قصيرة
تحميل المزيد