منذ بدء عملية طوفان الأقصى يوم 7 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، توحدت قلوب العرب على رأي واحد وهو نصرة القضية الفلسطينية بكل الأشكال ممكنة، والتي كان الاحتجاج والوقفات التضامنية أبرزها والتي أخدت أشكالاً مختلفة من بلد عربي إلى أخر.
وحاولت الشعوب العربية من خلال هذه المظاهرات الاحتجاجية الدفع بحكومتها، لاتخاذ إجراءات أكثر فعالية من تنديد وشجب، ومن أهم هذه الإجراءات التي طالبت بها الشعوب هي قطع الحكومات العربية علاقاتها التجارية مع الدول الغربية المساندة لإسرائيل وعدم تزويدها بالنفط والغاز، وكذلك عدم استيراد أي منتجات من هذه الدول، وذلك لخلق أزمة اقتصادية تدفع هذه الدول للضغط على إسرائيل وإيجاد حل للقضية الفلسطينية.
عندما لا تتحرك الحكومات تتحرك الشعوب
مع تلقي إسرائيل الدعم المادي والمعنوي من غالبية الدول الكبرى وكذا الكيانات الاقتصادية الضخمة، أصبحت هذه الدول الداعمة بالنسبة للشعوب العربية طرفاً في حرب دائرة في غزة ومشاركة في قتل أبرياء ومدنيين في قطاع غزة، مما دفع الشارع العربي إلى الدعوة إلى مقاطعة منتجات وخدمات هذه شركات الكبرى أولاً كنوع من التضامن مع أهالي قطاع غزة الذين يتعرضون لقصف من طرف قوات الاحتلال الإسرائيلي المدعومة بأموال هذه الشركات، وثانياً الضغط الاقتصادي على هذه الشركات للتراجع عن موقفها وذلك من خلال تكبيدها خسائر مادية مهمة، وهو ما تم في عدد من الدول العربية التي عرفت حملات مقاطعة كبيرة للعديد من الشركات والمنتجات خصوصاً الغذائية مثل (ماكدونالدز وكوكاكولا…)، وتم الترويج لحملات المقاطعة هذه بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي وقد لقيت تجاوباً كبيراً في مختلف بقاع الوطن العربي.
المنتج المحلي البديل للمنتج الغربي ورافعة للاقتصاد الوطني
وقد استغل عدد من نشطاء ورواد مواقع التواصل الاجتماعي العرب هذه الحملة للترويج لفكرة دعم المنتج المحلي على حساب المنتج الأجنبي، مما سيحقق عدداً من المكاسب بضربة واحدة، أول هذه المكاسب وهو ما سبق الإشارة له ضرب هذه الكيانات الاقتصادية من خلال تراجع أرباحها في السوق العربي، مما يجعلها تضغط عبر حكوماتها على إسرائيل لوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني وقطاع غزة، أما المكسب الثاني فهو مساهمة في زيادة حصة المنتجات المحلية من السوق الوطني، ما يساهم في رفع الناتج المحلي وخلق فرص عمل بل وحتى تحسين جودة المنتج المحلي عبر زيادة الطلب عليه.
وتبقى لحد الآن التجربة المصرية أكثر نجاحاً، خصوصاً في سوق "المشروبات الغازية"، حيث نجحت حملة المقاطعة بشكل باهر، وأصبحت منتجات كبرى الشركات متروكة في رفوف المحلات التجارية، ما دفع عدداً من هذه الشركات إلى تخفيض منتجاتها بنسبة وصلت إلى 50 في المئة في محاولة لاسترجاع حصتها من السوق المصري، في المقابل ارتفعت حصة منتجات السوق المصري من المشروبات الغازية، خصوصاً مشروب (س.س) الذي لقي استحساناً من طرف المستهلك المصري، حيث عبر عدد من المصريين في مواقع التواصل الاجتماعي عن إعجابهم بهذا المشروب المتواجد في السوق المصري منذ سنة 1920، بدورها قامت شركة منتجة لهذا المشروب بفتح عدد من مناصب الشغل؛ لكي تستطيع تغطية الطلب المتزايد على منتجاتها، كما أبدت عبر صفحتها تضامنها مع فلسطين وتقديرها لثقة المصريين في منتجاتها.
ليبقى السؤال المهم هل يتمكن طوفان الأقصى من تحرير السوق العربي من هيمنة المنتجات الغربية، ويضيف بذلك انتصاراً آخر إلى باقي الانتصارات التي حققها وما زال يحققها منذ السابع من أكتوبر؟
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.