الحروب وعلى مدار التاريخ تدار بين عسكري وعسكري وجهاً لوجه، أو بقصف متبادل بين الجيوش، لكن في فلسطين تحديداً ومع هذا المحتل الغاصب، لا يملك الشجاعة على مواجهة جيش وجهاً لوجه فيصب جام غضبه على المدنيين والأطفال، وهذا بدا واضحاً من خلال الحرب الدائرة الآن على قطاع غزة؛ هذا من جهة، ومن جهة أخرى يتحكم بالإعلام بشكل واضح وجلي وينشر الخبر الذي يريد نشره فقط.
إعلام العدو كما جاء في مواقع عالمية أصدر قراراً بإلغاء وزارة الإعلام، واعتمد الرقيب العسكري بنشر أي خبر يريد هو نشره تحت رقابة قوات الاحتلال الإسرائيلي، ما يعني أنه سيكون هناك تعتيم على مواضيع كثيرة لرفع معنويات الإسرائيليين المنهارة بعد هذه العملية الأسطورية التي قامت بها المقاومة، فكثيراً ما نرى أن هناك أخباراً تصدر بأن المقاومة قامت بقصف مبنى مكون من عدة طوابق داخل غلاف غزة وخلف خسائر مادية كبيرة، ولا يتطرق إلى الخسائر البشرية بعد هذا القصف، لإرضاء الجبهة الداخلية لديه، هذا من دور الرقابة العسكرية للتعتيم الإخباري.
إذ يرسل المراقب العسكري من وقت لآخر لوسائل الإعلام قوائم المواضيع التي يجب عرضها مسبقاً قبل النشر، حيث تشمل القائمة المواضيع التي أعلنت عنها الحكومة بموافقة لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، وقد توسعت الرقابة العسكرية الإسرائيلية لتشمل الوسائل الإعلامية عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. إذ تم التوصل إلى اتفاقيات مع شركات التواصل الاجتماعي الكبرى في جميع أنحاء العالم، مثل فيسبوك، بهدف حذف أو حظر أي محتوى يعتبر ضاراً لإسرائيل.
هذه الحرب تحديداً يتحكم بها الإعلام بشكل واضح وجلي، فصواريخ المقاومة التي تنطلق من غزة تجاه هذا المحتل الغاصب، يتم التعتيم عليها بشكل كبير، فالرقيب العسكري الذي وظفه جيش الاحتلال، يمنع أن ينقل أي خبر عن هذا الصاروخ أو مكان نزوله.
يسعون للتحكم في سير الأخبار فإذا أرادوا تسويق أنهم ضحايا، أوصلوا أخباراً للعالم تشعر أن أي شخص في أصقاع الأرض يتابع الأخبار يصاب بهذا الصاروخ، ولو كان يتابع الأخبار من خلف سور الصين العظيم تصيبه شظايا هذا الصاروخ، بينما إذا أرادوا أن يسوقوا أنهم أشداء ولا يمكن خرق دفاعاتهم يقولون إن الصاروخ وقع في منطقة مفتوحة ولم تقع أضرار، في محاولة للاستخفاف بعقول الجميع وإيهام أن المقاومة وصواريخها لا تجدي أمام قوتهم، رغم ذلك تخرج مقاطع الفيديو من المقاومة لتكون الدليل القطعي على أن هذا المحتل يتلقى إصابات مباشرة، لكنه لا يمكن أن يعرضها على الجبهة الداخلية، حتى لا يشعرهم بالهزيمة الحاصلة أصلاً عليه.
عندما يريد الاحتلال أن يضع اللوم على أحد يقوم بنشر الأخبار الحقيقية والكشف عن مكان الصاروخ، ومدى الأضرار التي أحدثها هذا الصاروخ، كي يرسل رسالة للعالم بأنه متضرر جداً من مثل هذه الصواريخ وهو الضحية، يبدأ بنشر الأخبار الحقيقية عن هذا الهدف، هذا جزء بسيط من الحرب الدائرة الآن بين الفلسطينيين أصحاب القضية العادلة والاحتلال الذي يمارس إرهاب الدولة بامتياز، وهذا ما سيفعله في هذه المرحلة بعد الفضائح التي تم نشرها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
كان في السابق يقال بأن العالم أصبح قرية صغيرة بوجود وسائل التواصل الاجتماعي، في الحقيقة العالم أصبح غرفة صغيرة الكل يتابع الكل، ولا خبر أو موقف أو تصرف إلا والكل يكون على اطلاع به، إلا إعلام الاحتلال الإسرائيلي وما يسمى بالرقيب العسكري، فقط ما يريد نشره هذا المحتل الغاصب من أخبار، ومن هنا تكون الحرب النفسية والتي لا تقل أهمية عن حرب المدافع في مثل هذه المراحل.
من خلال التعتيم الإخباري في هذه الحرب يتضح لمتتبع هذه الحرب أن الاحتلال الإسرائيلي الآن في أسوأ حالاته، بعد الهجوم الأسطوري من المقاومة، ربما لا يستطيع الوقوف من جديد بعد هذه الضربة غير المسبوقة عليه من قبل المقاومة.
يجب علينا عدم الثقة بالأخبار الصادرة من أية جهة إلا من وكالات الأخبار الرسمية أو المعترف بها، وعدم الاستعجال أيضاً بتناول أي أخبار، حتى نضع الحقيقة أمام أعين العالم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.