أبو عبيدة اسم له شعبية، اسم تخطَّت شُهرته الأفق، وباتت تصريحاته محط اهتمام عالمي، وأصبح موضوع نقاش وحديث منصات التواصل الاجتماعي عقب ما فعلته المقاومة والاحتلال.
"أبو عبيدة" هو كنية المتحدث الإعلامي الرسمي لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية حماس، وهو نفس اسم الصحابي فاتح القدس أبو عبيدة بن الجراح في عهد الخليفة عمر بن الخطاب.
يلقّبه البعض بـ"الملثم"؛ حيث يظهر في كل بيان لكتائب القسام ملثماً بالكوفية لا تظهر منه إلا عيناه، مجهول الهوية، ولكنه في ذات الوقت معروف لدى الجماهير.
معروفٌ بصوته وكلماته القوية المزلزلة لأعدائه وتهديداته المتحققة لهم، وكذلك كلمات التحفيز والتثبيت ووعوده الصادقة للمرابطين والصابرين من اهالي فلسطين وغزة.
يقود نضالاً وجهاداً من نوع آخر، جهاد الكلمة مستعيناً بإحدى أدوات القوة في العصر "الاعلام" الذي يخوض من خلاله حرباً مضادة للحرب الإعلامية الغربية، لا يملك قناة عالمية كبيرة، لكن يبدو من ردود الفعل أن كلماته تطمئن وتبث الأمل في ليس فقط في شعبه بل في قلوب كل المستضعفين في الأرض.
فقد أجج فيهم عطش الحاجة إلى: بطل.. بطل يصفقون له، يدعو له بالنصر، يعلّقون له تميمة، ويخافون عليه ـ وعلى أملهم فيه ـ من الانكسار؟
أبو عبيدة الصحابي الجليل
يعود اسم أبي عبيدة الأول ليبرز لنا كشخصية نبيلة وشامخة، "أبو عبيدة بن الجراح"، رضي الله عنه، والذي عاش في عصر النبي محمد ﷺ، فأطلق عليه نبينا الكريم لقب "القوي الأمين"، وكان هذا اللقب ليس مجرد لفظ، بل هو تجسيد لأخلاقه وقيمه.
إذ أبو عبيدة كان من الصحابة الأوائل الذين اعتنقوا الإسلام، وقد أسلم على يد أبي بكر الصديق نفسه، فترافق مع المسلمين في رحلتهم الصعبة في مكة، وكان شاهداً على مختلف المحن والتحديات.
في الكثير من المعارك كان أبو عبيدة حاضراً بقوة وقاد الجيش المسلم ببسالة واستبسال، حتى أثار رعباً في جيوش الأعداء.
وعندما اقترب وقت وفاته، وجّه رسالة مهمة للمسلمين بضرورة الصلاة والزكاة والصوم والتصدق، ووجه نصائح للأمراء والحكام. ترك أبو عبيدة إرثاً من النزاهة والإيمان القوي، وقاد جيوش المسلمين نحو النصر والفتوحات في بلاد الشام.
في حياة أبي عبيدة بن الجراح نجد تجسيداً حياً للنبل والشموخ، وقد عاش وتوفي وهو يحمل راية الإسلام وقيمه النبيلة.
أبو عبيدة المقاوم النبيل
أما عن "أبو عبيدة" اليوم فلا نعرف عنه الكثير، غير أنه يحمل نفس الاسم بما فيه من نبل، فهو شخص لا يظهر منه وجه ولا جسد ولا كفان.
شخص لا يبرز منه شيء ولا يعبر عن أي شيء سوى الحق، والقيم النبيلة التي يمثلها هذا الإنسان لا جسده الفاني، إنسان لا تظهر منه إلا رائحة الكرامة يحصد كل هذا الإعجاب، دون حتى أن يكشف وجهه، وكأنه يقول نحن نعبر عن كل المهمشين الذين لا يراهم العالم.
ما نعرفه عن ذلك "الملثم" مداومة عند ختام كل خطاب له قوله: "إنه لجهاد نصر أو استشهاد"، وهذه هي نفس العبارة التي قالها الشهيد عز الدين القسام عندما حاصرته قوات الاستعمار البريطاني وطلبوا منه الاستسلام في أحراش يعبد شمال الضفة الغربية.
وكأنه يقول لنا إنه حتى وإن استشهد المجاهد، فإن المعركة لا تنتهي، والفكرة لا تموت، وكلماته لا تندثر؛ بل تنبض بالحياة وتنقل لآخرين يؤمنون بها.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.