هستيريا الاحتلال.. هكذا تكشف استمرار فشل إسرائيل في تحقيق الأهداف العسكرية بغزة

عربي بوست
تم النشر: 2023/10/29 الساعة 10:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/10/29 الساعة 10:31 بتوقيت غرينتش
رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو - رويترز

هستيريا العنف الأمريكي الإسرائيلي بلغت ذروتها خلال اليومين الماضيين؛ قصف جنوني مكثف لم يتضح حتى الآن ما نتج عنه من شهداء، قطع مستمر للكهرباء والاتصالات والإنترنت وكل مصادر المعلومات عن الإبادة المستمرة، وكذلك تدمير شامل لكل مظاهر الحياة وكانت مشاهد تفجيرات القنابل مهولة بمعنى الكلمة، هو مؤشر مؤكد، على خطوة متقدمة من حرب الإبادة، هل هي مقدمة الحرب البرية؟ أو لإحداث أكبر قدر من التدمير لفرض واقع تفاوضي سياسي يميل لصالح الاحتلال الإسرائيلي؟ أم هو دليل عجز مستمر عن تدمير قدرات المقاومة؟ أم هو بحث عن نصر وهمي؟ بجميع الأحوال كيف لهذا أن يحدث ونحن في عصر ثورة الاتصالات والأنظمة الديمقراطية؟ 

بلغ السيل الزبى، ولم يعد هنالك أمام الاحتلال الإسرائيلي إلا استخدام الأسلحة النووية أو الكيماوية للقضاء الكامل على القطاع؟ ولكن لماذا يحدث كل هذا؟ ما هو الشرق الأوسط الذي يتحدثون عنه ويتطلب كل هذا القدر من التدمير للحياة وإبادة لشعب أعزل ومحاصر منذ عقدين من الزمن؟ وما هو الواقع الذي تخشاه الولايات المتحدة من انتصار المقاومة الفلسطينية "عسكرياً"؟ هل سينتهي وجود الاحتلال  وتنتشر حركات التحرر في العالم؟

الإبادة التي بدأت منذ أكثر من عشرين يوماً وتم خلالها تدمير المنطقة الشمالية من قطاع غزة بكمية مهولة من القنابل، وخلال الأيام الماضية تحديداً بدأ الحديث عن الحرب البرية بهستيريا مذهلة من القنابل على شمال القطاع؟ هل هذا يعني أن كل التدمير السابق لم يؤدِّ إلى نتيجة على أرض الواقع؟ 

لم يبق أحد إلا وتحدث عن حجم المأساة، حتى أنطونيو غوتريتش الأمين العام للأمم المتحدة، لم يتمالك نفسه وتحدث بلغة عامة الناس وانتقد المبالغة في الوحشية للاحتلال الإسرائيلي وأن التاريخ سيحاسب الجميع، ولكن الحديث السياسي لم يقدم ولم يؤخر لغاية الآن، فأمريكا هي التي تصنع الحدث والاحتلال يعمل كمجموعات من المرتزقة ينفذون ما تريده أمريكا، ولكن إلى متى؟

رغم ثقتنا المطلقة بعدم إمكانية إبادة المقاومة لأنها- كما كتبنا مراراً وتكراراً- حركة فكرية ليست مرتبطة بأشخاص إنما هي فكرة تتوارثها الأجيال، لكن نتساءل: هل من مصلحة الجميع سحق الحركة؟ هل سيتوقف بعدها الاحتلال الإسرائيلي الطفيلي عن التوسع؟ هنالك أحاديث واضحة لبعض أعضاء الحكومة المتطرفة عن تهجير أهل الضفة الغربية نحو الأردن، ولذلك فإنهم لن يكتفوا بغزة، فهل من الحكمة السماح لهم بالقضاء على الحركة؟ 

الحديث عن الأسرى من جانب أمريكا بالمجمل أقرب إلى الحديث الفارغ، مع وجود هذا الزخم من القصف، حيث من الممكن أن يكون القصف الهستيري في الليالي الماضية قد أدى إلى سقوط مزيد من الأسرى في عداد القتلى كما حصل مع كثير منهم وكما أعلنت المقاومة، فهل سحق "المقاومة" أهم من تحرير الأسرى؟ 

صحيحٌ أن الإعلام الغربي تبنى الموقف الأمريكي تماماً وكان جزءاً من الجريمة التي تجري، ولكن هل يستمر في انحيازه بهذه الوقاحة لآخر لحظة، وهل ستكون هناك نقطة فاصلة سينقلب فيها جزء من الإعلام الغربي على سياسات أمريكا وأوروبا، خصوصاً أنه ومع قوة وسائل التواصل الاجتماعي قد يؤدي هذا الانحياز، إلى فقدان المصداقية أمام المتابعين بشكل أكبر، كما حدث في صناعة وفبركة الأخبار عن قطع رؤوس الأطفال في الرواية المزيفة التي تبنتها وما زالت العديد من وسائل الإعلام، في مؤشر متدنِّ لدرجة المصداقية، وفي نهاية المطاف سيكون هنالك دور كبير ستؤديه وسائل التواصل في كشف زيف تلك الأكاذيب، مثلاً لو استطاعت روسيا قطع الكهرباء والإنترنت عن أوكرانيا فهل ستكون المعايير نفسها في وسائل الإعلام؟

واليوم بعد عودة الاتصال مع غزة والتي ندعو الله تعالى أن يكللها بأخبار تفرح الشعوب الحرة، تبادر إلى ذهني اليوم تحديداً تساؤل عن محور المقاومة، فمنذ بداية الإبادة الجنونية، ووزير خارجية إيران يتحدث بشكل مختلف عن الجميع، وحديثه يحتوي التلميح بدخول الحرب، والحرب مستمرهة وتزداد شراسة يوميا، فهل يمكن أن يأتي اليوم الذي يتحول فيه الحديث المتكرر إلى فعل؟

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علي أبو صعيليك
كاتب أردني
كاتب أردني
تحميل المزيد