هجمات هستيرية نفذتها إسرائيل أمس على قطاع غزة، حيث وسعت قوات الاحتلال دائرة النار داخل القطاع، لتشمل جميع الجهات، كما قامت قوات الاحتلال بشن هجمات برية وبحرية وجوية بشكل متزامن، فيما يبدو وكأنه مقدمة للغزو البري. ومرة أخرى فقد تصدّت كتائب القسام لهذه العمليات البرية على عدة محاور، ولا تزال هذه المعارك قائمة إلى لحظة كتابة هذه السطور. إن المقاومة الباسلة التي يواجهها العدو الإسرائيلي تدفعه مرة تلو الأخرى إلى الجنون، وهو لذلك أمطر غزة بعشرات الغارات الجوية.
تقول وكالات الأنباء والصحفيون الموجودون على الأرض في القطاع إنّ العدو أرسل عشرات الطائرات الحربية بشكل متزامن، كما أن الشعب الفلسطيني لم ينم دقيقة واحدة ليلة أمس، بسبب القصف العشوائي الذي طال المدنيين.
بعد نحو 22 يوماً من الحصار والقتل والتجويع والتشريد لم يعد مفيداً أبداً أن نوضح للعالم مقدار الوحشية والهمجية والبربرية التي يمارسها العدو ضد أهلنا في غزة. من أراد أن يفهم الحقيقة فقد فهمها حتى قبل عملية طوفان الأقصى، فما يحصل اليوم هو عبارة عن مضاعفة العدوان فقط، لأن الشعب الفلسطيني عاش الحصار والقتل الجماعي والتشريد والتهجير لمدة 75 عاماً. وأما عن الدول الغربية وحكامها الذين يتميزون بقدرتهم على الكيل بمكيالين فهم يفهمون حقيقة هذا النظام المتوحش، ولكنهم يغضون الطرف عنه، لأنهم في خندق واحد مع إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.
إن هذا النظام المجرم لا يحترم حياة مواطنيه ومواطني حلفائه أبداً، ففي الوقت الذي تقول فيه حماس إنها مستعدة لإطلاق سراح سيدتين بدون أي مقابل، يرفض الاحتلال تسلّم هاتين السيدتين. إن تصريحات الأسرى الذين أطلقت حماس سراحهم، إلى جانب الفيديوهات التي تم نشرها عن كيفية التعامل الإنساني مع الأسرى، وكيف أن حماس وفرت لهم المكان الآمن، وقدمت لهم العلاج والرعاية الصحية المستمرة، والغذاء المناسب، في الوقت الذي لا يجد مقاتلو حماس ولا حتى الشعب في غزة أي شيء ليأكلوه، أظهرت أننا نتعامل وفق تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، حتى وإن تجاهلت إسرائيل وحلفاؤها جميع القوانين الدولية وتجاهلت سلامة المعتقلين.
عود على بدء، يجب القول إنّ إسرائيل لا ترحم مواطنيها، وها هي تقتل نحو 50 أسيراً إسرائيلياً محتجزاً في قطاع غزة، وكأن نتنياهو يريد تصفية جميع الأسرى لدى حماس. وهنا تكمن المقارنة المهمة، وهي أن حماس سوف تفرج عن جميع المدنيين، وهي تحاول أن تبادل الأسرى العسكريين بأكثر من 6 آلاف أسير فلسطيني بينهم أطفال ونساء.
ما قامت به إسرائيل ليلة أمس عندما قامت بقطع كافة الاتصالات عن قطاع غزة هو جريمة بحق الإنسانية، وذلك لأن إسرائيل تريد أن تمارس جريمة الإبادة الجماعية بحق كل من يتواجد في القطاع بعيداً عن عيون العالم الحر، ولذلك لم نسمع ولا تصريحاً واحداً من الدول الغربية التي تدّعي حماية حقوق الإنسان! لم نسمع منهم تصريحاً واحداً حتى يدعو إسرائيل إلى الحفاظ على حياة أسراهم، ولم نرَ الضغط المناسب من الأهالي ضد حكومة نتنياهو.
ختاماً، إسرائيل تقوم بتوسيع عملياتها البرية والبحرية والجوية في قطاع غزة لتحقيق هدف واحد، هو خفض حساسية العالم العربي والإسلامي ضد الجرائم القادمة التي سترتكبها ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، كما أنها تحاول بشكل متعمد تصفية أسراها في القطاع، والذين لقوا معاملة إنسانية غير مسبوقة من حماس. كما أن إسرائيل أكملت حصارها الخانق على القطاع من خلال قطع الإنترنت والاتصالات، لتقوم بتنفيذ جرائمها بعيداً عن أعين العالم. ولكن يجب القول إنه مهما بلغ حجم القوى الإسرائيلية التي تُزج في هذه المعركة، فإن المقاومة ستقف لهم بالمرصاد، وكل هذا الصمود هو بسبب وقوف الشعب الفلسطيني في القطاع إلى جانب فصائل المقاومة، وإن النصر لقريب.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.