حرب نفسية أم قلة حيلة إيرانية! هل خذل محور المقاومة حركة حماس في حربها بغزة؟

تم النشر: 2023/10/28 الساعة 13:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/10/28 الساعة 13:49 بتوقيت غرينتش
صورة أرشيفية تجمع بين الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصرالله، ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس، إسماعيل هنية/ الأناضول

من حسابه على منصّة "إكس" أو "تويتر" سابقاً، أطلّ نائب الأمين لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، معلناً أنّ "حزب الله في قلب معركة المقاومة للدفاع عن غزَّة، ويده على الزناد بالمدى الذي يُقدِّرهُ مطلوباً في المواجهة".

لا يخفى على مراقبٍ للمشهد الذي تلا عملية "طوفان الأقصى" يوم السابع من أكتوبر الجاري أنّ حماس تخوض معركتها مع إسرائيل بشكلٍ منفرد، اللهم إلا من بعض البيانات السياسية الساخطة والتنديدات الدبلوماسية "شديدة اللهجة" من الموقف الرسمي  العربي، ومن دعم ميداني خجول يقدمه "محور المقاومة".

 وحتى لا نهضم الشعوب حقّها، فقد عمّت تظاهرات غاضبة عدداً من العواصم العربية والغربية، مطالبةً بدعم غزّة ومساندتها بكلّ السبل، هي التي شيّعت بعض شهدائها الـ7000 صبيحة هذا اليوم، وما زلنا نعدّ.

قراءة لواقعية "وحدة الساحات"

وفيما خلا عدد من المواجهات المندرجة تحت "قواعد الاشتباك" في جنوب لبنان، وثلاثة صواريخ حوثية أسقطتها المدمّرات الأمريكية فوق البحر، فضلاً عن سرب من المسيّرات العراقية التي ضلّت طريقها فضربت قواعد أمريكية في "سوريا والعراق" وألحقت إصابات "طفيفة" بقوات التحالف، فإنّ السؤال اليوم هو عن واقعية فكرة "وحدة الساحات" التي روّج لها قادة "المقاومة" مراراً. 

في نيسان الماضي، قال الأمين العام لحزب الله السيد "حسن نصرالله" في خطاب بمناسبة يوم القدس، إن "ممارسات إسرائيل في فلسطين ولبنان وسوريا قد تجرّ المنطقة إلى حرب كبرى"، داعياً تل أبيب إلى "عدم الرهان على فصل الساحات"، حسب تعبيره.

ومع أن إسرائيل أقدمت على استهداف عشرات من عناصر حزب الله جنوباً جراء مواجهاتٍ متفرّقة، إلا أنّ الحرب الكبرى لم تقع، وقواعد الاشتباك لا تزال تسيطر على الجبهة الجنوبية.

غياب السيّد.. حرب نفسية أم قلة حيلة إيرانية؟

وبالحديث عن السيد نصرالله، فإنّ غيابه المفاجئ عن الإعلام في هذا الوقت العصيب من عمر المنطقة والإقليم أثار شكّاً في النفوس من أنّه لا يملك قرار فتح الحرب الواسعة على جبهة لبنان الجنوبية.

محور المقاومة
حسن نصرالله

وفي ظلّ التنصّل الإيراني من عملية "طوفان الأقصى" على لسان المرشد الإيراني علي خامنئي إذ يقول: "هذه العملية فلسطينية بالكامل"، يقرر نصرالله أن يغيب عن الإعلام، ريثما تقرر عاصمة المحور، أي طهران، أفق المرحلة.

بالمقابل، يرى إعلاميون مقربون من حزب الله أنّ "غياب السيد نصرالله عن الخطابة والإعلام حرب نفسية وتلاعب بأعصاب العدو، لأنه إذا قرر الخروج إلى الإعلام فإنّ هذا الخطاب سيغير شكل المنطقة"، وفق هؤلاء.

لكنّ شكل المنطقة تغيّر فعلاً: إسرائيل قاب قوسين أو أدنى من اجتياحٍ بريّ لقطاع غزّة، حاملات الطائرات الأمريكية وصلت إلى شواطئ "إسرائيل – فلسطين المحتلة"، وساحات المحور مربَكة ومفككة ومتفرقة!

تململٌ حمساويّ لم يعد بالإمكان إخفاؤه

يقول رئيس حركة حماس في الخارج "خالد مشعل" خلال مقابلة متلفزة إنّ "ما يقوم به حزب الله جيد ويشكر عليه لكنّ المطلوب أكثر من ذلك"، ويتابع: "من مصلحتنا الكبرى ومسؤوليتنا أمام القدس والأقصى أن تخوض كل الجبهات الحرب معاً، لا بالخطوات المحدودة الخجولة المترددة".

كلام مشعل لم يأتِ عبثاً أو عتباً عابراً وليد لحظته، بل يبدو أنّه تأنيب رسميّ من حركة حماس لمحور "المقاومة" الممتد من طهران إلى صنعاء وبغداد مروراً بدمشق، وليس انتهاءً ببيروت وغزّة.

هو الكلام نفسه الذي كرره قبل أيامٍ عضو المكتب السياسي لحماس، موسى أبو مرزوق، مؤكداً بأسَفٍ "عدم وجود تنسيق مع إيران وحلفائها إزاء التصدي للتصعيد الإسرائيلي على غزة".

وفي تحليل المواقف، فإنّه يظهر أنّ "حماس" بدأت هذه المعركة بإعدادٍ وتخطيطٍ نعم، وهو ما ظهر في حجم الأضرار التي لحقت بإسرائيل يوم السابع من أكتوبر، إلا أنّ تعويلها على قدرات "محورها" كان نقطة القوة التي اعتمدت عليها في "طوفانها" المذكور، لكنّ المحور تأخّر.. أو تبخّر!

خدّ سوريا الأيسر.. لصفعات إسرائيل

يؤثَر عن "السيد المسيح" أنه قال: "من لطمك على خدك الأيمن فأدرِ له الأيسر"، وهذا حرفياً ما تفعله سوريا الرسمية خلال هذه المرحلة.

ففي الوقت الذي تنخرط سوريا فيه ضمن محور "المقاومة"، وتُبذلُ في سبيلها القدرات اللوجستية والاقتصادية والعسكرية والبشرية، يَمنع النظام الحاكم في سوريا حتى "المتظاهرين" من التوجه إلى الجولان، وفق صحيفة المدن اللبنانية، "خوفاً من التهديدات الإسرائيلية والأمريكية".

هذا إذا ذكرنا فكرة التظاهر، فكيف بالردّ على قصفَين إسرائيليين خلال مدة قصيرة أخرجا مطارَي حلب ودمشق عن الخدمة؟

جبهة الجولان هي الأخرى هادئة ونائية عن "وجع الراس"، لأنّها معروفة المواقف من حماس أولاً، ولأنّ "حقّ الرد" لم يحِن وقته المناسب بعد.

ثمن تفكك الساحات.. تعويم إيران؟

إنّ المشهد الذي تسطّره اليوم إيران وحلفاؤها من "خذلان" لحماس في معركتها يعود لعدد من الأسباب، وفق مراقبين، أهمّها أنّ حماس لم تُبلغ محورها بهذه العملية ولم تستشر عاصمة القرار الإيرانية قبيل إشعال المنطقة.

آخرون يرونَ أنّ خشية المحور من الانزلاق إلى حرب شاملة ستجرّ ويلاتٍ وويلات على دوله، ما يمنع هذا الأخير من الانخراط الشامل في المعركة، لأنّ واشنطن والغرب حاضران لدعم إسرائيل، ولأنّ العرب والأتراك والحلفاء المشرقيين "من روسيا إلى الصين" يلتزمون الحياد تقريباً، إذا أغفلنا حفلة الشعبوية الإعلامية، بطبيعة الحال.

وبعضهم يؤكّد، تعليقاً على خبر "رفع مجلس الأمن الدوليّ الحظر الصاروخي عن طهران كما العقوبات الأممية"، أنّ غياب هذا المحور عن ساحات القتال، ستجني طهران ثمرتهُ انفراجات إيرانية على صعيد العقوبات، وفي الاتفاق النووي، وربما في عددٍ إضافي من العواصم العربية.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عبدالعزيز الزغبي
صحفي لبناني
صحفي لبناني
تحميل المزيد