مع اشتداد الضغط على الشعب الفلسطيني، وتحديداً في غزة، بشكل لم يسبق له مثيل، وما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من ضغط عليها، هدفه إخفاء خسائره المهولة، التي لا يستطيع أن يعلن عنها للعالم، فمن هنا هب العالم لنجدة إسرائيل على أساس أنها كيان جريح، وفعلاً هي كيان جريح ومأزوم أمام صمود وعزة أهل غزة بهذا الشكل الأسطوري.
تسعى إسرائيل إلى تهجير أهل غزة لمصر، وتحديداً إلى سيناء، وجاء الرفض المصري علماً بما يدور في خلد الاحتلال من تصفية القضية الفلسطينية، لذلك رفضت مصر ما يطرح عن تهجير لأهل غزة. ويصر شعبها على إدخال المساعدات رغم تعنت الاحتلال واستمراره في قصف المعبر، بينما أصر الأردن على استمرار عمل المستشفى الميداني، برغم الظروف الصعبة والحصار العنيف. يأتي الموقف الشعبي الأردني والمصري ليثبت أن القضية الفلسطينية، وإن مر الزمان، ستظل مبدأ أساسياً لا يمكن الحياد عنه، فرأينا كيف عاد الشعب المصري بعد عقد لميدان التحرير ليهتف: "بالروح بالدم.. نفديك يا أقصى"، بينما في الأردن واصل المواطنون التعبير عن تضامنهم مع قطاع غزة والتنديد بالهجمات الإسرائيلية عليه، من خلال وقفات شعبية شهدتها العديد من محافظات المملكة.
كل الضغوط على غزة وأهلها من أجل تهجيرهم باءت بالفشل، فصمود ووعي أهل غزة بقضيتهم لم ير مثلهما العالم، لم يأبه بالحسابات السياسية والدولية، بينما ينقسم العالم لقسمين، قسم رافض للعدوان على الفلسطينيين مثل أغلب دول أمريكا اللاتينية والصين وروسيا وغيرهما، رافضين لعمليات القتل بهذا الشكل الممنهج لشعب أعزل، وتطالب العدو بتحييد المدنيين في هذا النزاع، في مقابل ذلك تأتي الدول الغربية والأوروبية لتدعم هذا العدوان بكل طاقاتها، وهذا ليس مفاجئاً، فهذه الدول هي المستعمرون القدامى.
الاحتلال الإسرائيلي وبدعم غربي يضغط بكامل قوته العسكرية على غزة؛ تمهيداً لهجومه البري المحتمل، ويرى مراقبون أن الهجوم البري سيكون مفيداً جداً من أجل إيقاف الغارات الجوية على المدنيين، بالإضافة إلى أنه لا يعلم الاحتلال وداعموه تداعياته ليس على إسرائيل وحدها، بل على المنقطة التي من الممكن أن تُجر لحرب إقليمية، ناهيك عن حالة التخبط التي يعيشها الاحتلال داخلياً، هذا التخبط يتضح في التأخر في وضع استراتيجية للغزو البري، وهذا ما يجعله ينكل بالمدنيين، فلم يستثنِ البشر والحجر والشجر بهذه الهمجية التي لاقت رفضاً دولياً من قِبل شعوب العالم.
بالرجوع إلى القرن الماضي، ومقارنة بما يحدث على أرض فلسطين هذه الأيام، نجد أن معظم شعوب العالم في آخر فترة من تحرير بلادهم التي كانت محتلة دفعوا آلاف الشهداء من أجل التحرير، وفي نهاية المطاف كان التحرير سيد الموقف، وهذا الأمر ليس محصوراً على دول بعينها؛ بل على دول العالم التي عانت من الاحتلال، سواء كانت غربية أو عربية أو أوروبية وغيرها.
عمليات المجازر الدائرة في فلسطين، وتحديداً في غزة، هدفها تهجير أهل غزة من أراضيهم، وهذا كان واضحاً من خلال تهجيرهم داخل غزة من الشمال إلى الجنوب، يدرك الفلسطينيون قبل الدول العربية أن كل هذا العنف من أجل نزعهم من أرضهم، لذلك بكل وعي وصمود يتشبثون بأرضهم، ومن جهة أخرى تصر الأردن ومصر على وقف هذا العدوان، رافضين لأي عملية تهجير، مؤكدين أن الأمن والسلام والاستقرار بالمنطقة لن يتحقق دون أن يحصل الفلسطينيون على حقوقهم. ولدى كلا البلدين دور مهم في تهدئة الأوضاع؛ لما يحملانه من أوراق ضغط على هذا الاحتلال، إذ يرفض كلاهما التهجير لأهل فلسطين وإحداث نكبة جديدة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.