نعم ينتابنا الألم الشديد، ويتملّكنا الشعور بالعجز أمام الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي وحكومات الغرب بحق أهلنا في غزة!
نعم تجاوزوا كل الحدود، وأظهروا صورة حيوانية من الجحود، بل ومن الواضح أنهم لم يكتفوا، وتسعى عصاباتهم إلى المزيد، في مشاهد لم يعرفها العالم من قبل في أشد المعارك وأقسى المذابح التي عرفتها البشرية، والتي كانت على يد أجداد هؤلاء السفلة.
نفذوا تهديداتهم بقصف مستشفى المعمداني، وسطَّروا فصلاً جديداً من فصول الحقارة والتشوه والانحطاط منقطع النظير، على يد قتلة معدومي الضمير.
وفي هذا الخصوص ثبت وبما لا يدع مجالاً لريب أو شك، أننا أمام معادلة صفرية لأمة حياتها على المحك، ولا عزاء لأهل السلطة والإفك، ثبت أن
الاحتلال الإسرائيلي وداعميه الغربيين بارتكابهم مجزرة المستشفى المعمداني لم ولن يحركوا ساكناً أو يُحكموا عقلاً في مواجهتنا، وأن الإجرام متوارث من جيل لجيل، فلا قيم ولا أخلاق ولا ضمير، فلا إنصاف منهم ينتظر أو خير.
الأمم المتحدة ومجلس الأمن وغيره من المؤسسات الأممية بمواقفهم التي تجاوزت السلبية إلى حد التغطية على الإجرام، ما هي إلا أدوات تستخدمها قوى الإرهاب في السيطرة على الشعوب المظلومة وتفريغها من أي معنى للمقاومة والاستقلالية.
الحكومات العربية لا أمل فيها ولا رجاء، وأثبتوا كما جرت العادة أنهم أصل البلاء، أصنام لا تتحرك إلا للتنكيل بالشعوب وتجريعهم صنوف العناء! تخيل أنهم مازالوا يتوددون للغرب الذي يقتل أبناءهم وبناتهم، بانتظار الإذن فقط لإدخال قطرة ماء!
الشعب العربي مازال على قيد الحياة، وأعلن أن فلسطين قضيته، ولها العمر لمنتهاه، لم يقتصر الأمر على الدعاء والتبرع والتظاهر رفضاً للعدو الإسرائيلي وإجرامه، بل بمقاطعة بعض السلع والمنتجات التي يدعم أصحابها الكيان، وهو ما أحدث الأثر سريعاً، وتوالت من هذه المؤسسات بيانات كربونية (يبدو أن الصهيوني الذي صاغها لم يترك لوكلائه حرية صياغة البيان، وأرسل تعميماً وهم نشروه)، في محاولة لمواجهة المقاطعة، التي تسببت في خسائر كبيرة لهم في يومين فقط!
وهنا وجب عدم الاستسلام لمشاعر العجز ومواجهة الحزن الذي يخيم على نفوسنا، والتخلص من عقدة الذنب بالتقصير تجاه أهلنا في غزة، لأن الدور الذي تريده الشعوب لن يتحقق مادامت أمورنا في يد جبناء لا تشغلهم إلا مصالحهم واستمرار سلطانهم.
وعليه، حتى نقوم بما يجب علينا فعله يجب تطوير مواجهتنا الشعبية، وتوسيع دائرة الاستهداف بما يؤلم الغرب ويكبده أكبر قدر ممكن من الخسائر، ما داموا كائنات غير حية وبلا ضمائر.
تجربة المقاطعة الملهمة يجب أن تشمل كافة السلع والمنتجات الغربية، وفي مقدمتها الأمريكية والألمانية والفرنسية والإنجليزية، من أغذية وملابس ومشروبات وسيارات، والمعدات والأجهزة الكهربائية، واستخدام كل المنتجات البديلة التي تنتجها دول أخرى غير معادية للأمة العربية، وليس لها أي دور في سفك دماء الأبرياء.
على الصعيد الحقوقي، وأنا أحد أفراد هذه الأسرة، نعمل على اتخاذ موقف جماعي أمام هذا الإجرام، وذلك باتخاذ قرار تعليق العمل مع الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، وكافة المؤسسات التابعة لها، لعدم جدوى عملها في ظل سيطرة قوى الإرهاب العالمي عليها، وتقويض دورها واستخدامها في تحقيق أهداف تتعارض مع القانون الدولي، وسببية وجود تلك المؤسسات.
إعلامياً يجب علينا أولاً كمتابعين مقاطعة كافة وسائل الإعلام الغربية التي تعمل كإعلام حربي لصالح الاحتلال الإسرائيلي، بلا مهنية أو ضمير، وعدم مشاهدة تلك الشاشات وتصفح مواقعهم وجرائدهم.
ثانياً على الصحفيين العرب المرتبطين بهذه المؤسسات تجميد التواصل معهم، انتصاراً لمهنة الصحافة، ونصرة الحق، ورفض التدليس والتضليل اللذين تمارسهما تلك المؤسسات، التي لطالما أزعجتنا بشعارات المهنية والموضوعية والحقوق والحريات والاحترافية، واتضح أخيراً أنها كلمات يُراد بها إخفاء نفوسهم الإجرامية.
أيضاً أدعو الحكومات التي مازالت لديها ذرة إنسانية، وتحترم حق الإنسان في الحياة، وترفض استهدافه بهذا الشكل الذي لا أجد له وصفاً، بعد أن تجاوز اللاإنسانية واللاأخلاق واللاضمير، أن تجمّد عضويتها في كافة مؤسسات الأمم المتحدة، حتى يتم اعتماد آليات جديدة قادرة على تحقيق العدالة ووقف الظلم وتنفيذ نصوص القانون الدولي، بلا أي تدخل سياسي، أو تعطيل وحماية يتمتع بها القتلة والسفاحون على مدار عقود، في ظل القواعد المعمول بها حالياً في الأمم المتحدة.
علينا أن نرفع راية المقاطعة في كل المساحات المفتوحة معهم ثقافياً وفنياً بتعليق المشاركات، وكروياً أيضاً بعدم متابعة دورياتهم، ودوري أبطال الغرب الإرهابي، لتصل إليهم رسالتنا التي لن تصل عبر حكوماتنا، كيف لهم وهم ضعفاء يتوددون منهم الشرعية، وحفنة من الدولارات، ومقاعد هلس في الحانات؟ من أين لهم القوة لتجعلهم يأخذون موقف عزة ورفض لهذه الردة على الإنسانية، وهم أمام من يحاربوننا أذلة، كُثر وهم قلة!
الآن يجب أن نتوقف عن تودد الآخر الذي لا يريد أن يرانا وكفى، فهذا قتل بلا ذنب، وذاك يحمل نفس ذئب اجتمعت لنصرته الكلاب.
إذا كنا نريد فعلاً، صادقين في مشاعرنا، ونتمنى أن ننتصر لأم قضايانا، ونوقف قتل أطفالنا ونسائنا وأهلنا في كل فلسطين، يجب أن نستمر في المقاطعة وتطوير المواجهة الشعبية التي بدأناها بالفعل، وحققت أثراً لم تُخفِهِ تلك الشركات الراعية للصهيونية والإرهاب. علينا ألا نترك الشعور باليأس والعجز يتملكنا بما يفقدنا القدرة على فعل أي شيء، وفي النهاية مسؤوليتنا تقع بما هو متاح أمامنا من أدوات، لذا يجب عدم التفريط في أي أداة أمامنا.
تذكّر جيداً المقارنات التي يمكن أن تحدّثك نفسك بها عند المقاطعة الشاملة للغرب الإرهابي، من أنك ستتأثر، أو أنك ستخسر بعض المال، أو ستجد صعوبة مع السلع البديلة، تذكّر أنك في حرب، وبالتالي لا بد من أضرار وخسائر، وهنا وجبت المقارنة، هل تأثير المقاطعة عليك لمواجهة عدوان كهذا ولحفظ دماء أهلك يعد خسارة حرب؟ قطعاً لا وألف لا.
ولنتذكر أيضاً أن مشاهد غزة اليوم ستنتقل إلى كل قطر عربي، وعلى يد نفس العصابات، التي لا تعادي أهلَ غزة لأنهم غزَّاويون، أو الفلسطينيين لأنهم فلسطينيون، بل لأنهم عرب، وشعارُهم وشعارُ كيانهم "الموت للعرب".
وأخيراً، نقول إن المقاومة الفلسطينية لا تمثل الشعب الفلسطيني فحسب، بل إنها تمثل كل الشعب العربي من المحيط إلى الخليج، وهذه كلمتنا، وهذا هو قرار أمتنا، انتصاراً للحق، وتحقيقاً للعدالة، وحتى تسود الإنسانية بعد أن اغتالتها أيادٍ آثمة، على مرأى ومسمع من عالم لم نسمع صوته.
يا جيوش أمتنا العربية اتباعت ولا أي قضية
سارحين بالفول والطعمية على ناسهم لعنة ودموية
والعادي مبقاش في أعادي ولا سامعين غزة بتنادي
سامع صوت لسه بينادي سامعه فكل مكان في بلادي
مش هنسيب غزة لصهيوني وبكره تشوف غِلّي وجنوني
لسه الشعب العربي حي والنصر على إيده جيّ!
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.