إذلال وهزيمة.. مظاهر فشل إسرائيل المستمر في غزة

عربي بوست
تم النشر: 2023/10/23 الساعة 10:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/10/23 الساعة 10:18 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

في صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، شنت حركة المقاومة حماس هجوماً واسع النطاق وغير مسبوق على الاحتلال الإسرائيلي باستخدام آلاف الصواريخ وعشرات المسلحين والأسلحة والتكتيكات المختلفة. 

وقد فاجأ الهجوم إسرائيل وتسبب في سقوط عدد كبير من القتلى. كما كشف عن فشل استخباراتي كبير من جانب إسرائيل وحلفائها الذين لم يتوقعوا أو يمنعوا الهجوم. 


يمكن النظر إلى الفشل الاستخباراتي للاحتلال الإسرائيلي على أنه مزيج من الإخفاقات الاستراتيجية والعملياتية والتكتيكية. الفشل الاستراتيجي يعني أن إسرائيل لم يكن لديها فهم واضح وواقعي لأهداف المقاومة وقدراتها ودوافعها. ويعني الفشل العملياتي أيضاً أن إسرائيل لم يكن لديها نظام فعال ومنسق لجمع وتحليل ونشر المعلومات الاستخباراتية حول أنشطة المقاومة وخططها. وبالمثل فإن الفشل التكتيكي يعني أن إسرائيل لم يكن لديها رد كافٍ على هجوم المقاومة بمجرد أن بدأ.

الفشل الاستراتيجي


على المستوى الاستراتيجي، فشلت إسرائيل في تقييم الوضع والبيئة المتغيرة في غزة والمنطقة التي أثرت على قرار المقاومة بشن مثل هذا الهجوم الجريء وغير المسبوق. على سبيل المثال، لم تأخذ إسرائيل في الاعتبار العوامل التالية: 

– تزايد الإحباط والغضب بين الفلسطينيين بسبب الاحتلال الإسرائيلي والتوسع الاستيطاني والعنف في القدس الشرقية وخاصة حول المسجد الأقصى الذي يعد موقعاً مقدساً لكل المسلمين.

– القبضة الأمنية والفرص والتهديدات الناشئة عن التطورات التكنولوجية والعسكرية في المنطقة مثل الطائرات بدون طيار والهجمات الإلكترونية والأسلحة النووية التي إما عززت أو عرضت قدرات حماس وأمنها في غزة للخطر. 

– قللت إسرائيل من تقدير استعداد المقاومة وقدرتها على شن مثل هذا الهجوم المعقد والواسع النطاق، وبالغت في تقدير قوة الردع والدفاع الخاصة بها. 

– ربما افترضت إسرائيل أن عمليات مكافحة الإرهاب الإسرائيلية السابقة ردعت المقاومة، أو أن حماس كانت تفتقر إلى الموارد والمهارات والدعم لتنفيذ مثل هذا الهجوم.

– ربما تكون إسرائيل قد استهانت أيضاً بالعلامات التحذيرية لاستعدادات المقاومة، مثل زيادة إنتاج الصواريخ، وحفر الأنفاق، واختبار الطائرات بدون طيار، والتدريب البحري. 


الفشل العملياتي

على المستوى العملياتي، فشل الاحتلال الإسرائيلي في جمع وتحليل معلومات استخباراتية موثوقة وذات صلة حول أنشطة حماس وخططها في غزة وخارجها، ما مكّن المقاومة من إعداد وتنفيذ هجومها دون أن يتم اكتشافها أو تعطيلها. فعلى سبيل المثال، لم تلاحظ إسرائيل أو تعالج العلامات التالية:


– زيادة إنتاج المقاومة للصواريخ والطائرات بدون طيار والمتفجرات وغيرها من الأسلحة في غزة والتي كانت مخبأة في أنفاق تحت الأرض ومستودعات وما إلى ذلك.

– تكثيف التدريب والتجنيد لمقاتلي المقاومة في غزة الذين تم تعليمهم كيفية استخدام الأسلحة والتكتيكات المختلفة مثل الأنفاق والقوارب والطائرات الشراعية والسترات الانتحارية. 

المقاومة الفلسطينية / رويترز


– توسيع شبكة المقاومة وتعاونها مع الجماعات المسلحة الأخرى في المنطقة. 

– الاستخدام المتطور للتشفير والخداع من قبل المقاومة في اتصالاتها وعملياتها ما منع الاحتلال الإسرائيلي من اعتراض أو فك رموز رسائلها أو تحركاتها. 


عانت إسرائيل من عدم التعاون والتواصل بين مختلف وكالاتها ووحداتها الاستخباراتية مثل الشاباك والموساد والجيش الإسرائيلي. لقد فشلت قوات الاحتلال الإسرائيلي في مشاركة أو تحليل المعلومات أو التحذيرات ذات الصلة حول أنشطة حماس أو خططها أو التصرف بناء عليها في الوقت المناسب. 


الفشل التكتيكي


على المستوى التكتيكي، فشلت إسرائيل في الرد بفاعلية وكفاءة على هجوم المقاومة بمجرد أن بدأ، ما سمح للمقاومة بإلحاق أكبر قدر من الضرر والخسائر بإسرائيل في غضون فترة زمنية قصيرة. فعلى سبيل المثال، لم تتمكن إسرائيل من التغلب على التحديات التالية:

المقاومة حطمت أسطورة جيش إسرائيل الذي لا يُقهر/ رويترز
المقاومة حطمت أسطورة جيش إسرائيل الذي لا يُقهر/ رويترز

– مفاجأة وتعقيد هجوم المقاومة الذي شمل جبهات وأساليب متعددة طغت على أنظمة الدفاع والقوات الإسرائيلية.


– الارتباك والفوضى الناجمة عن هجوم المقاومة الذي أدى إلى تعطيل هياكل وإجراءات القيادة والسيطرة الإسرائيلية.

– صعوبة وخطورة مواجهة مقاتلي المقاومة، المسلحين جيداً، المدربين جيداً، أصحاب الأرض ذوي الدوافع والإيمان بقضيتهم.


الآثار


كان للفشل الاستخباراتي للاحتلال الإسرائيلي تأثير كبير على سياستها الأمنية، وسمعتها الاستخباراتية، وعلاقات الإقليمية، ما أدى لخسائر كبيرة تكبدها الاحتلال الإسرائيلي بشكل عام وأهمها التالي: 

  • خسرت إسرائيل سمعتها كقوة إقليمية وحليف موثوق للولايات المتحدة.
  • اتضاح هشاشة الوضع الأمني في إسرائيل، ما له من تأثير إيجابي على المقاومة في غزة والضفة الغربية وخارجها التي قد تتشجع لاستغلال نقاط الضعف لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي. 
  • تعرض الوضع السياسي داخل إسرائيل لاضطراب شديد نتيجة الغضب الشعبي والمطالبة بالمحاسبة من جانب قوات الاحتلال وأجهزة الاستخبارات، ما يعني زيادة الانقسامات الداخلية والاضطرابات على مستوى صنع القرار، واهتزاز صورة الجيش الذي لطالما كانت له مكانة كبيرة عند الإسرائيليين ما قد يزيد من إضعاف معنويات جنود الاحتلال في حالة دخول في معركة برية مع مقاتلي المقاومة المؤمنين بقضيتهم والمتحمسين للغزو. 
  •  تتوتر علاقات إسرائيل مع جيرانها والمجتمع الدولي بسبب تصاعد العنف والمجازر التي ترتكبها بحق المدنيين في غزة. ما قد يعرض إسرائيل مستقبلاً لبعض الضغوط دبلوماسياً وإدانة وعزلة بسبب استخدامها للعنف وحصارها غير الإنساني لغزة. 
  • نسف كل  احتمالات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، والتي ستتضاءل بسبب فقدان الثقة بالمنظومة الدولية على إيقاف المجازر وإرجاع الحقوق لأصحابها.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ألطاف موتي
باحث اقتصادي باكستاني
عضو اللجنة الدائمة للمسؤولية الاجتماعية للشركات، واتحاد غرف التجارة والصناعة الباكستانية كراتشي، باكستان. باحث سياسي واقتصادي، ومستشار الهيئات التجارية الحكومية وغير الحكومية، ورئيس شبكة التعليم في باكستان.
تحميل المزيد